كتبت آيلين كوجمان: على الرغم من المشاكل العويصة والحروب والمعاناة التي تعصف حاليا ببلاد المسلمين، إلا أن الجو في الدول الإسلامية لا يزال يتمتع بخصوصية كبيرة. ويشعر المرء بآثار الاتباع التاريخي والعميق للإسلام في تلك البلاد.
وأكثر ما يتشوق الناس له هو سماع صوت الآذان. ويعم البلدان الإسلامية هذه الأيام جو يختلف تماماً عن غيرها، فقد أقبل شهر رمضان مرة أخرى بكل جماله وجلاله ومظاهره. وعلى الرغم من خصوصية شهر رمضان، فهناك من المسلمين من لا يستمتعون بسماع الآذان للصلاة ويصومون في سرية وليس لهم وطن. ويختلف رمضان بالنسبة لهم كثيراً.
فلنزر سريلانكا أولاً حيث وقعت صدامات الأسبوع الماضي، فبعد صفع سائق بوذي اندلعت أعمال عنف في مدن ذات كثافة سكانية مسلمة عالية على مدى ثلاثة أيام. وهاجمت «القوة البوذية» (بودو بالا سينا بي بي إس) وهي مكونة من البوذيين السينهاليز الذين يمثلون غالبية البلد، هاجمت المسلمين والمساجد والمنازل والشركات في المنطقة.
واعتبرت الصحافة في العالم ما يحدث كنزاع عادي ولم تبد كثير اهتمام. لكن من يعرفون التركيبة العرقية والجغرافية للبلاد يعلمون أن إبادة للمسلمين مثل ما حدث في ميانمار تجري، وأن تلك الأحداث ليست سوى جزء صغير من ذلك.
يقوم البنيان الاجتماعي في سريلانكا على التقسيم العرقي والديني الذي تركه الاستعمار. ويتعرض السكان الأصليون مثل المسلمين لسياسة متزايدة من العزل من تلك الأراضي. وهناك نذر بأن البوذيين السينهاليز الذين يمثلون 80 في المائة من سكان البلاد قد يصعدون من هجماتهم ضد الأقلية المسلمة. وهذا يمنع المسلمين أن يعيشوا حياتهم كمسلمين وتنظر الأعين الطامعة إلى أرباح تجارتهم وحقوقهم في العيش في وطنهم. لا يتغير شيء في ميانمار حيث الوضع مماثل لسريلانكا. فهناك يحرم مسلمو الروهينغا من حقوق المواطنة منذ عام 1982 ويعيشون بوضع المهاجرين منذ ذلك الوقت. ولا يتمتع سكان راخين بالحقوق الاجتماعية ولا يستطيعون العمل أو السفر أو دخول المدارس أو المستشفيات. وتعرضوا للتجاهل التام في الاحصاء السكاني العام الماضي. وأصدر النظام في ميانمار تعليمات بأن لا يسجل أحد من راخين في الإحصاء. ويتعرض مسلمو الروهينغا المحرومين من بلدهم والذين يعيشون كلاجئين على أراضيهم، لهجمات على القرى الفقيرة التي يلجأون إليها.
ويتواصل الحرق الممنهج للقرى وذبح الناس. والكثير من اللاجئين البدون من راخين في الدول المجاورة هم في أيدي مهربي البشر. ويصر النظام في ميانمار على عدم ذكر مشكلة راخين في المؤتمرات الدولية. وتتصرف دول مجموعة الآسيان التي تتبع الخط الصيني بصفة عامة ولها مصالح كثيرة في ميانمار وكأنه ليست هناك مشكلة، وبالتالي لا وجود لمهربي البشر. هناك نسخة جديدة من راخين تتشكل الآن في سريلانكا، ويتجه
المسلمون في سريلانكا ليصبحوا بدون بذات الطريقة التي أصبح بها المسلمين في راخين بدون، ويتجه المسلمون في سريلانكا لمواجهة ذات القمع.
وإن اتجهنا إلى أفريقيا الوسطى فإن النزاع بين قوات المسلمين السيليكا وميليشيات المسيحيين تتواصل. وعاني الجانبان من فقدان 2000 ضحية وشرد مئات الآلاف. وتصور كلمات راهب مسيحي الأساس الآيديلوجي للنزاع: «لم نرد المسلمين هنا ولا نريد مساجدهم الآن ايضاً» واضطر 1200 مسلم إلى النزوح إلى العاصمة بانغي.
وفي عام 2013 اغلقت جميع المساجد في انغولا واعلن أن الاسلام غير مشروع. وأعلن وزير الثقافة أن الإسلام «طائفة» يجب منعها لصالح التقاليد والثقافة الأنغولية. وتعتبر الصحافة العالمية أن أعمال العنف ضد المسلمين لا تستحق أي تغطية. ومسلمو تركستان الذين يعانون الاضطهاد لوقت طويل هم في القائمة ايضاً. كما أن الهجمات ضد الصينين الأصليين «اليغور» الذين يعتبرون مواطنون من الدرجة الثانية وأعمال القتل والخطف ضدهم أمر عادي. كل ذلك فقط لأنهم مسلمون. رمضان في تلك البلدان ليس كرمضان هنا، فكونك مسلما في تلك البلدان يعني أنك بدون هوية. وإن كنت مسلم هناك فقد تتعرض للكراهية والاضطهاد والاعتداء في أي وقت، وقد تحرم من حقوقك وتقع فريسة لمخططات مهربي البشر الشريرة. ويمكن أن يتعرض منزلك للنهب في أي وقت ومسجدك للتدمير أو خيمتك في مخيم قذر للاجئين للحرق. كل هذا لأنك مسلم وسط اولئك الذين لا يريدونك.
إنهم يتعرضون للاضطهاد لأنهم أقليات في بلدانهم، ولكن ماذا عن المسلمين في العالم؟ هل هم أقلية كذلك؟ إنهم أقوياء ولديهم الوسائل فلماذا لا يتحدون ويعارضون ذلك الاضطهاد؟ ألا يستطيعون رفع أصواتهم من أجل اخوانهم المضطهدين؟ فماذا ينتظر العالم الإسلامي ليحاول الدفاع عن حقوقهم؟ أينظر رمضان آخر تحت الاضطهاد؟
* كاتبة معلقة ومحللة في التلفزيون التركي
(الشرق الأوسط السعودية)