أظهر استطلاع لمركز "بيو" الدولي تراجعا في مستوى دعم الجماعات "المتطرفة" أو "
الراديكالية في الدول ذات الغالبية المسلمة، وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط حيث تزداد مظاهر القلق في دوله؛ خاصة في لبنان وتونس ومصر والأردن وتركيا، حيث يظهر سكانها قلقا من التطرف بمستويات أعلى مما كانت عليه في السنة الماضية.
وعبر الرأي العام عن مواقف سلبية من الجماعات الراديكالية مثل القاعدة وحركات مقاومة مثل
حزب الله وحماس. وفي نيجيريا عبر المشاركون المسلمون والمسيحيون على حد سواء عن مواقف سلبية من تنظيم
بوكو حرام الذي قام باختطاف 200 تلميذة مدرسة قبل شهر وينشط في منطقة الشمال المضطربة. وعبر الباكستانيون عن مواقف غير محبذة تجاه حركة طالبان.
ولاحظ الاستطلاع تغيرا في الموقف من العمليات الانتحارية حيث دعمت قلة في هذه البلدان العمليات ورأت أنها في بعض الأحيان مبررة للدفاع عن الإسلام ضد أعدائه. وتراجع الدعم لهذا الأسلوب الحربي في هذه الدول خلال عقد من الزمان، مع أن أقلية معقولة لا تزال ترى في العمليات الانتحارية أسلوبا مقبولا.
وأجرى المعهد الاستطلاع في 14 دولة ذات غالبية مسلمة أو تعيش فيها أعداد كبيرة من المسلمين، وشارك فيها 14.244 شخصا وتم في الفترة ما بين 10 نيسان/إبريل- 24 أيار/مايو 2014. وأجري الاستطلاع قبل سيطرة داعش على الموصل.
ولاحظ الاستطلاع تزايدا في القلق من التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط، ففي لبنان التي تشارك سوريا التي تشهدا نزاعا مميتا وجد الاستطلاع أن نسبة 92% قلقون من تزايد التطرف الإسلامي بارتفاع 11 نقطة عن نسبة العام الماضي 81% . ويتشارك المسيحيون (95%) والشيعة (95%) والسنة (86%) بالقلق من التطرف الديني.
وعبر 8 من كل عشرة أشخاص في تونس عن قلقهم من التطرف في بلدهم، بزيادة كبيرة عن 71% في عام 2013 و65% في عام 2012 . وفي مصر عبر 3 أرباع السكان عن مخاوفهم من التطرف وهي زيادة قليلة عن نسبة 69% في عام 2013.
في المناطق الفلسطينية عبرت نسبة 65% عن خشيتها من التطرف خاصة في قطاع عزة (79%) أكثر من الضفة الغربية (57%).
وبنفس السياق ازداد القلق بشكل واضح خلال العامين من التطرف في كل من تركيا والأردن وكلا البلدين يشارك سوريا في الحدود. ووجد الاستطلاع قريبا نسبة 6- 10 أردنيين قلقون من التطرف (62%) أي بزيادة 12 نقطة عن عام 2012. ونصف الأتراك يحملون نفس الموقف ولكن بزيادة 18% عن تلك التي سجلت قبل عامين. في إسرائيل عبرت نسبة 84% من الإسرائيليين عن مخاوف من التطرف الإسلامي- اليهود 87% أما العرب الإسرائيليين 66%.
في آسيا بلغت نسبة القلق بين غالبية السكان في بنغلاديش (69%) وفي الباكستان (66%) وماليزيا (63%)، لكن في أندونيسيا وصلت النسبة إلى 39% وهي أقل من تلك التي سجلت عام 2013 (48%).
في نيجريا وصلت نسبة الخائفين من التطرف الإسلامي 72% وهي نسبة مشابهة للتي سجلت العام الماضي أي سبعة من كل عشرة نيجيريين. وسجلت هذه قبل اختطاف البنات من المدرسة. وعبر المسلمون (76%) والمسيحيين (69%) عن نفس الموقف.
في السنغال عبرت نسبة 46% عن قلقها من تصاعد التطرف الإسلامي، وهي أقل بثلاثة أرباع عن تلك التي سجلت عام 2013 عندما عانت مالي من اضطرابات حيث وافقت نسبة 91% من السنغاليين على التدخل الفرنسي في مالي.
الموقف من القاعدة
حصلت القاعدة على علامات سلبية في الـ14 دولة. وهناك غالبية قوية تعارض التنظيم الذي أنشأه أسامة بن لادن في أفغانستان. ولم يظهر الرأي العام أي أراء محبذة للقاعدة . ووجد الاستطلاع أن أقوى المواقف السلبية من القاعدة جاءت من لبنان وإسرائيل – اليهود والعرب. وفي كل من تركيا والأردن ومصر فهناك 8 من 10 لديهم مواقف سلبية من القاعدة. وفي تونس 3 أرباع التونسيين (74%) و ستة من كل عشرة فلسطينيين (59%) لديهم مواقف معارضة للقاعدة. في آسيا 66% من البنغلاديشيين و 56% من الأندونيسيين لديهم مواقف سلبية من القاعدة.
وهناك تقريبا أربعة من كل عشرة باكستانيين 32% وفي ماليزيا ترى في القاعدة تنظيما خطرا. في تنزانيا التي شهدت هجوما عام 1999 على السفارة الأمريكية في دار السلام، 76% لديهم مواقف غير مؤيدة للقاعدة. وحظي التنظيم بدعم قليل في السنغال ونيجيريا مع أن الكثيرين لم يقدموا رأيا.
بوكو حرام
في نيجيريا لم يحظ تنظيم بوكو حرام بأي دعم من الرأي العام، فنسبة 82% ترى فيه تنظيما خطيرا وهناك نسبة 76% لديهم مواقف متشددة من التنظيم منهم 80% مسلمون و 83% مسيحيون. وسجل الاستطلاع نسبة 10% تدعم بوكو حرام.
باكستان لا تحب طالبان
لم تلق حركة طالبان التي تعمل في الباكستان وأفغانستان دعما كبيرا من الرأي العام الباكستاني، ونظرت إليها نسبة 59% نظرة غير محبذة مقابل 8% دعمت التنظيم فيما امتنع ثلث المشاركين الباكستانيين عن إبداء أراء. ورغم كل هذا فالمواقف من طالبان لم تتغير بشكل جوهري. ولكن هناك مواقف سلبية من فروع محددة لطالبان مثل تحريكي طالبان، والأفغان بشكل عام. وحظيت الجماعتان في استطلاع ربيع -2013 بنسب غير محبذة 56% و 47% على التوالي.
حزب الله لم يعد محبوبا
ورصد الاستطلاع تغيرا جوهريا في مواقف سكان المنطقة من حزب الله، ولقي التنظيم مواقف سلبية من المشاركين في آسيا وأفريقيا مع أن الكثيرين في هذه المناطق لم يقدموا أراء. في لبنان 59% لديهم مواقف غير محبذة من التنظيم، وهذه تضم نسبة 88% من السنة و69% من المسيحيين، لكن الحزب يحظى بدعم 88% من شيعة لبنان. وفي المناطق الفلسطينية، خاصة قطاع غزة الذي تسيطر عليه
حماس فالنظرة السلبية أعلى (69%) مقارنة مع الضفة الغربية (46%). وفي تونس تنظر نسبة 53% من التونسيين نظرة سلبية.
في تركيا تبلغ نسبة المعارضين للحزب 85% أي ثمانية من كل عشرة أتراك وفي مصر 83% والأردن 81% لا تدعم الحزب.
في إسرائيل تبلغ نسبة الرأي العام الذي ينظر للحزب نظرة سلبية 95% و 100% من اليهود ينظرون للحزب نظرة سلبية و65% من العرب الإسرائيليين يوافقون على هذه النظرة.
في بنغلاديش ترى غالبية البنغلاديشيين في الحزب خطرا 56% و43% في أندونيسيا، ولم يقدم المشاركون من ماليزيا والباكستان أراء. وفي الدول الأفريقية التي شاركت فقد منحت قلة مواقف إيجابية من الحزب.
ولاحظ الاستطلاع أن المواقف السلبية من الحزب في كل دول الشرق الأوسط باستثناء لبنان في تصاعد خلال السنوات الماضية. ففي مصر مثلا كانت نسبة المصريين الذين لا يؤيدون الحزب في عام 2007 لا تزيد عن 41% أما اليوم فقد وصلت 83%. وفي الأردن كانت نسبة من لا يحملون مواقف إيجابية منه عام 2007 لا تتجاوز 44% أما اليوم فقد بلغت 81%. فقط في لبنان الموقف لم يتغير كون الحزب يعمل في لبنان ولبناني.
مواقف سلبية من حماس
سجل الاستطلاع تغيرا في الموقف من حماس حيث عبر مشاركون عن انطباعات سلبية بمن فيهم الفلسطينيون الذين يعيشون في ظل حماس. فنصف الفلسطينيين (53%) لا يحبذون حماس، ومنهم 35% قدموا مواقف سلبية. فيما كانت نسبة المواقف السلبية أعلى في غزة 63% بزيادة عن 54% العام الماضي. وفي الضفة الغربية التي تسيطر عليها فتج هناك نسبة 47% لديها مواقف سلبية من الحركة.
ولاحظ الاستطلاع تراجعا في شعبية حماس منذ عام 2007، فنسبة 62% ممن كانت لديهم مواقف داعمة تراجعت الآن للثلث. وفي دول المنطقة الأخرى سجلت مواقف سلبية من حماس 65% في لبنان، منهم المسيحيون اللبنانيون 79% وسنة لبنان 65% . ومن بين كل ستة من عشرة مصريين وأردنيين ممن ينظرون لحماس نظرة غير جيدة، وفي مصر ارتفعت المواقف المعارضة بنسبة 8 نقاط في العام الماضي. وهناك أربعة من كل عشرة تونسيين (42%) لديهم مواقف سلبية من حماس أي بزيادة 12% عن العام الماضي.
في تركيا من بين كل عشرة أتراك ثمانية لديهم مواقف سلبية بزيادة عن نسبة 71% العام الماضي. وفي إسرائيل تسعة من عشرة إسرائيليين لديهم مواقف سلبية من حماس (95%) أما بين العرب الإسرائيليين فقد بلغت 65%.
في آسيا هناك نسب56% من البنغلاديشيين ونسبة 44% من الإندونيسيين ممن عبروا عن مواقف سلبية من حماس. أما ماليزيا والباكستان فلم يبد المشاركون مواقف. وهناك مواقف سلبية من حماس في أفريقيا مع أنهم لم يبدو أراء.
العمليات الانتحارية
وجد الاستطلاع أن الدعم للعمليات الانتحارية كأسلوب للدفاع عن الإسلام تراجع منذ العقد الماضي، وهناك قلة في الدول ذات الكثافة الإسلامية ممن يدعمون هذا الأسلوب. وفي الشرق الأوسط فالدعم للعمليات الانتحارية بلغ أعلى مستوياته بين الفلسطينيين 46% والنسبة عالية في غزة 62% مقارنة مع الضفة 36%.
في لبنان تدعم نسبة 29% استهداف المدنيين في العمليات الانتحارية وتضم هذه النسبة 37% من الشيعة و21% من السنة. وفي مصر 24% و 18% في تركيا وإسرائيل 18% والأردن 15% ومن التونسيين هناك 5% ترى فيه عملا مبررا.
في بنغلاديش هناك نصف البنغلاديشيين 47% ترى فيه عملا مبررا وهي نسبة أعلى من 18% سجلت في ماليزيا. وفي أندونيسيا والباكستان اللتان عانتا من هجمات انتحارية متتالية فالدعم لا يتجاوز 9% و 3% على التوالي.
ويعلق معدو الاستطلاع أنه بعد أكثر من عقد على هجمات 9/11 ومئات الهجمات التي استهدفت المدنيين، فقد تراجعت نسبة المسلمين الذي دعموا هذا الشكل من العمليات، ففي لبنان مثلا بلغت نسبة من يدعمون العمليات الانتحارية عام 2002 72% ولكنها انخفضت عام 2005 إلى 29% بعد اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان السابق.
وفي الأردن الذي عانى من هجمات انتحارية على فنادق في عمان عام 2005 تراجعت النسبة من 57% إلى 15% اليوم، ونفس النسبة لوحظت في الباكستان حيث كانت النسبة تتراجع حتى قبل الهجوم على بناظير بوتو وقتلها عام 2007. فقبل عقد من الزمان قالت كانت النسبة 41% ممن ترى في هذا العمل مبررا وانخفضت اليوم إلى 3%. وحتى العام الماضي كانت هناك نسبة 65% ترى أنه قد يكون مبررا في بعض الحالات لكن النسبة اليوم انخفضت إلى 16%.
وفي نيجيريا حيث ترتفع العمليات الانتحارية منذ العام الماضي فالدعم له تزايد من 8% في العام الماضي إلى 19% العام الحالي. ومع ذلك فالغالبية من السكان ترى أن العمليات الانتحارية ليست مبررة أيضا (61%).