على وقع التهديدات التي تتعرض لها مدينة
حلب بعد سيطرة النظام السوري على المدينة الصناعية في الشيخ نجار، شمال شرق حلب، وبالتزامن مع سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (
داعش) على كامل ريف
دير الزور، عاد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية ليدعو القوى الدولية لـ"تحمل مسؤولياتها" قبل فوات الأوان.
وسيطر داعش الخميس؛ على مناطق الريف الشرقي لمحافظة دير الزور والممتد على مسافة 130 كم حتى الحدود العراقية، بعد مبايعة سكانه وبعض فصائل المعارضة التابعة للجيش الحر وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية فيه للتنظيم وإعلان توبتهم عن قتاله. كما أنه تقدم التنظيم في مناطق جديدة كانت تسيطر عليها قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، في الوقت الذي تمكن فيه النظام من دخول مدينة الشيخ نجار الصناعية، بعدما مرت قواته من قرى يسيطر عليها داعش شرق وجنوب المنطقة الصناعية.
وتهدد السيطرة على المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب بإمكانية فرض
حصار على المدينة، مثلما حصل في مناطق أخرى في سوريا.
وقال المتحدث باسم الائتلاف لؤي صافي إن "الوضع العسكري حرج للغاية، وتطويق حلب أصبح واقعا، لكن حتى لو سيطر الأسد على حلب أو غيرها، فإنّ ذلك لن يحل المشكلة في المنطقة. فالمعضلة ليست بالسيطرة على الأرض ولكن بإنهاء جذور الصراع السياسي والعسكري المتفاقم".
وأضاف صافي بحسب ما نقله عنه المكتب الإعلامي للائتلاف: "لا بدّ لدول العالم الغارقة في التجاذبات الدولية في المشرق أن تتحمّل مسؤولياتها والقيام بواجباتها الدولية بوقف تأجيج الصراع والامتناع عن دعم الأنظمة الطائفية والاستبدادية التي تولد التطرف والاستبداد في المنطقة وتسعى لانتشاره حول العالم. المطلوب دعم الجهود التي تحقق انتقالا ديمقراطيا حقيقيا في المنطقة، لأن ذلك يمنح المنطقة والعالم الحل الوحيد الذي ينهي التطرف والإرهاب".
واعتبر صافي أن هناك "ثمة تكاملا واضحا بين جيش الأسد وحليفه داعش اللذين يسعيان بتوقيت زمني واحد للسيطرة على المناطق المحررة دون حدوث أدنى اشتباك بين الطرفين".
وعزا صافي الضعف العسكري الذي يعاني منه الثوار في المدن السورية إلى "عدم جدية المجتمع الدولي ومنظومة أصدقاء سوريا وتخاذلهم في دعم الثورة على الصعيد العملي، حيث أنّ الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن، ما زالت تمنع وصول الأسلحة المتطورة للجيش الحر من أجل التصدي لإرهاب الأسد والتنظيمات المتطرفة التي شرعت بالتنسيق معه بالتمدد داخل المدن المتمردة على استبداد النظام".
ولفت صافي إلى أن "الاستقالات التي حدثت داخل بعض الجبهات العسكرية التابعة لهيئة أركان الحر نتجت عن نقص الدعم العسكري والذي أدى بدوره إلى غياب القيادة الموحدة القادرة على التصدي لقوات الأسد والميليشيات الإرهابية التي يصدرها النظام الإيراني إلى المنطقة".
وكان رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد عبد الإله البشير؛ قد أكد السبت سقوط غالبية مناطق محافظة دير الزور بيد "داعش"، ووقوع محافظة حلب بين فكي كماشة "داعش" والنظام.
وقال البشير في بيان مصور إن "تنظيم داعش الإرهابي يتقدم، ويقضم أراضينا وقرانا ومدننا واحدة تلو الأخرى، ويضع مقدرات بلادنا تحت سيطرته، وكل هذا بسبب شح الدعم ونفاد إمداد السلاح والذخيرة في أيدي الثوار والجيش الحر المرابط على الجبهات".
وطالب رئيس الأركان أصدقاء الشعب السوري وأشقاءه بالإسراع إلى إمداد قيادة أركان الجيش الحر بالعتاد والسلاح والذخيرة، لتفادي "كارثة إنسانية محدقة بالشعب السوري"، حسب تعبيره.
وخص بالذكر من أسماها بالدول الصديقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والدول الشقيقة وفي مقدمتها السعودية وتركيا وقطر والإمارات، مخاطبة إياهم بالقول "إن الوقت ليس في صالحنا، فالوقت سيف داهم، وإذا لم يصل الدعم إلينا في القريب العاجل فإن الكارثة لن تتوقف عند حدود".
وقال البشير: "نضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته التاريخية ونتعهد أمام الله وأمام الشعب بأن مقاتلي المعارضة على أتم الجاهزية لصد العدوان والدفاع عن الأرض والشعب فور وصول الدعم اللازم".
من جهتها، كتبت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري الأحد، أن قوات بشار الأسد تقف "على عتبة تحقيق إنجاز آخر بتطهير مدرسة المشاة (شمال شرق حلب) الذي تمهد له الطريق للتقدم نحو قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، بوابة الدعم اللوجستي للمسلحين عبر تركيا" حسب قولها.
وتسيطر الكتائب المقاتلة على الأحياء الشرقية في مدينة حلب وبعض الأحياء الشمالية منها. ومن شأن سيطرة النظام الكاملة على المدينة الصناعية ومدرسة المشاة ومخيم حندرات المجاورين قطع طريق أساسي - وإن كان ليس الطريق الوحيد - على المعارضة إلى ريف حلب الشمالي المحاذي لتركيا. بينما بات قسم من الريف الشرقي لحلب من مدينة الباب في اتجاه محافظتي الرقة ودير الزور بين أيدي داعش.
ومن الجهة الجنوبية الشرقية، يتواجد النظام في مطاري حلب والنيرب وفي السفيرة وخناصر، كما أنه يتواجد في الأحياء الجنوبية لمدينة حلب. وبالتالي، لا منفذ للثوار إلا عبر الشمال. ويتواجدون أيضا بشكل محدود في بعض الأحياء الغربية للمدينة التي يمكن منها الولوج إلى محافظة إدلب.
ودعا بيان أصدره نشطاء، كل قادر على حمل السلاح إلى الاستعداد للدفاع عن حلب. وتوجه البيان الذي نشر على "فيسبوك" إلى "كل شخص قادر على حمل السلاح، إلى كل شخص قابع في تركيا من أجل المال والعمل، إلى كل شخص يحمل السلاح فقط كزينة، وإلى كل شخص يلقي المحاضرات واللوم والكلام".
وقال أيضا: "ها قد حان الوقت لتدافع عن دينك وأرضك وعرضك"، مشيرا إلى أن "حلب تحاصر يوما بعد يوم" وأن "المعركة الكبرى الفاصلة في مسار ثورتنا الشريفة اقتربت".
وطالب البيان "المحاكم الشرعية والعلماء وكافة الفصائل العسكرية بسحب السلاح من الذين لا يعملون به في الجبهات"، كما أنه طالب "بالتجنيد الإجباري للشباب والدعوة في المساجد لإعلان جهاد الدفع".