كتب المحلل السياسي شانشك جوشي، الباحث في معهد الخدمات المتحدة "رويال يونايتد سيفرفسس إنستيتوت" الروسي معلقا على تصريحات مدير الاستخبارات البريطانية (أم أي- 6) السابق ريتشارد ديرلاف والذي ألقى محاضرة في المعهد وتحدث فيها حول مبالغة الاستخبارات الغربية في حجم وقوة
الإرهاب الإسلامي خاصة تنظيم الدولة الإسلامية (
داعش).
وقال جوشي إن ديرلاف الذي ترك المخابرات وتلاحقه ذيول الحرب على
العراق أصبح مديرا لكلية بيمبروك في كامبريدج. وظهر في الصيف الماضي عندما هدد بنشر روايته عن التحضيرات لغزو العراق قبل نشر لجنة تشيلكوت روايتها ونتائج التحقيق حول ظروف الحرب.
ووصف جوشي خطاب ديرلاف مساء الاثنين بالقصير، ولكنه بالتأكيد سيثير غضب زملائه في الخدمات السرية والحكومات على حد سواء "فقد ناقش أن الغرب بالغ وبشكل كبير حول تهديد الإرهاب الإسلامي، وأن الحرب الطائفية المشتعلة بين السنة والشيعة تعني أن أوروبا والولايات المتحدة سيكونون متفرجين عليها".
وقال ديرلاف أن وكالات الاستخبارات الثلاثة التي تتبع للحكومة لم تخصص من مصادرها سوى نسبة 38% للتهديد القادم من الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة، فإنها سمحت لعمليات مكافحة الإرهاب أن تأكل نصف ميزانياتها في مرحلة ما بعد 11/ 9 رغم أن القوميين الأيرلنديين قتلوا بريطانيين بتفجيراتهم أكثر مما قتلته القاعدة.
ويشير جوشي إلى أن رسالة ديرلاف تتعارض بشكل واضح مع التحذيرات الحادة الصادرة عن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون حول خطر الجهاديين في العراق وسوريا. وتركز وكالة الاستخبارات الداخلية (أم أي فايف) كل جهودها على الحالات المتعلقة بسوريا، والدفع بتعزيز رقابة العائدين البريطانيين من سوريا.
وتحمل رسالة ديرلاف، حكاية قوية لدعم زعمه وهي متعلقة بالنزاع الطائفي بين المسلمين وهو ما وجه اهتمام الجهاديين نحو الشرق الأوسط وليس أوروبا. ويتذكر المسؤول الأمني السابق كيف أخبره الأمير السعودي بندر بن عبد العزيز، مدير الاستخبارات السابق، حيث قال له قبل 11/ 9 "الوقت ليس بعيدا في الشرق الأوسط، ريتشارد، عندما يصبح الأمر -الله يساعد الشيعة- عندما يطوف الكيل بمليار سني منهم".
ويقدم ديرلاف، نقطة تثير الخوف حول تحذير بندر، ولاحظ أن
السعودية عادة ما تنجذب لأي جماعات متطرفة تواجه الشيعة، وواصل منتقدا المملكة لأنها غضت الطرف عن الأموال الضخمة التي ساعدت الجهاديين لتحقيق الانتصارات في غرب وشمال "فهذه أمور لا تحدث بطريقة عفوية".
ويرى جوشي أن مزاعم ديرلاف ربما عارضها البعض، فتقديرات الولايات المتحدة مثلا تقترح أن جهاديي الدولة الإسلامية يعتمدون على أنفسهم ومنذ عدة سنوات، وأيا كان كلامه صحيحا أو خطأ فهذه كلمات قوية واستثنائية من مدير مخابرات سابق.
ويشير الكاتب إلى قرار رئيس الوزراء السابق توني بلير عندما تدخل عام 2006 وقرر إغلاق تحقيق في رشاوى للسعوديين قدمتها (بي إي إي)، حيث هددت السعودية بوقف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وعندها خرج السفير البريطاني في الرياض في حينه شيرارد كاوبر كولز محذرا من مخاطر التهديدات على الأمن القومي والدولي حالة توقف التعاون، وقال "حياة المواطنين البريطانيين وشوارعهم ستتعرض للخطر". وكتب سكرتير الحكومة أن السعودية هي "شريك مهم في القتال ضد الإرهاب الإسلامي".
ويرى جوشي إن انتقاد ديرلاف السعودية وتقديمها بهذه الطريقة النقدية أمر غير عادي. وسيؤثر على علاقات الحكومة البريطانية المتوترة مع دول الخليج وتعقد من جهودها لإرضاء السعودية. خاصة أن الرياض معروفة بأنها لا تفرق بين أفعال الحكومة والآخرين ممن ليسوا فيها. وأشار هنا إلى تهديداتها بمقاطعة هولندا بسبب تصريحات النائب المعادي للإسلام، وكيف أنها انتقدت تحقيقا قامت به لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان حول العلاقات البريطانية-السعودية قبل عامين.
وقد تقوم الحكومة السعودية بتفريغ جام غضبها على الحكومة بسبب تصريحات ديرلاف، لكنه مصيب من أن قوات "الصدمة" التابعة للقاعدة تم توجيهها من محاربة الغرب باتجاه "العنف بين المسلمين".
وقد يكون تنظيم الدولة ومن معه مهتمين بأهداف ضعيفة يمكن الوصول إليها في لبنان والسعودية والأردن والعراق وحتى في إيران وتركيا أكثر من تنفيذ هجمات في الولايات المتحدة وأوروبا.
وسيغوصون في بناء هذه الدولة بين سوريا والعراق لسنوات طويلة، خاصة أن قدراتهم المحدودة تقترح هذا. وهذا لا يعني أن الغرب لم يعد جذابا للمتطرفين، انتظر حتى تقوم الدول الغربية بشن غارات على مواقع الجهاديين.