في مقال له نشر حصريا على صفحات "هآرتس" الإسرائيلية الثلاثاء، أعرب الرئيس الأمريكي
باراك أوباما عن كامل دعمه وجدانيا وأمنيا وماديا للكيان الإسرائيلي. فهو حزين من أجل المستوطنين المختطفين، وهو يقدر الآلام التي يعيشها المستوطنون في المستوطنات وما يعانونه من الشعور بفقدان الأمن، جراء صواريخ المقاومة الفلسطينية، وتهديدات
حزب الله، وحتى من النووي الإيراني.
ويكرر أوباما التزامه بأمن إسرائيل، ويعدد مآثر الولايات المتحدة في هذا الصدد، ويلفت إلى أن الأسوار والمنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ قد تحمي إسرائيل من تهديدات ما، لكن الأمن الحقيقي لن يُحرز إلا في إطار التفاوض مع الفلسطينيين لإحراز سلام عادل قابل للبقاء، في إشارة إلى الإصرار على استكمال عمليات التسوية.
وفي ما يأتي نص المقال:
في السنة الماضية حينما كانت الطائرة الرئاسية (إير فورس 1) تستعد للهبوط في الأرض المقدسة، نظرت من النافذة فصفعتني مرة أخرى حقيقة أنه يمكن تقدير أمن إسرائيل بدقائق وكيلومترات معدودة. وعلمت معنى الأمن لأولئك الذين يسكنون قرب الحدود الشمالية، وللأولاد في سدروت الذين لا يريدون سوى أن يترعرعوا بلا خوف، وللعائلات التي فقدت بيوتها وأملاكها في هجمات صواريخ حزب الله وحماس. وأستطيع بصفتي أبا أن أتخيل فقط الألم الذي يشعر به الآن والدو الفتيان الثلاثة الإسرائيليين الذين اختطفوا وقتلوا على نحو جد مأساوي في شهر حزيران.
كانت الولايات المتحدة دائما منذ عهد هاري ترومان إلى اليوم أكبر صديقة لإسرائيل. وإن التزام الولايات المتحدة والتزامي بأمن إسرائيل ومواطني إسرائيل لن يتضعضع أبدا كما كررت القول مرة بعد أخرى. وسيبقى إيماننا بالسلام موجودا في أساس هذا الالتزام إلى الأبد.
وسعنا التعاون بيننا في السنوات الخمس الأخيرة، وإن العلاقات الأمنية بين الدولتين هي اليوم أقوى مما كانت دائما كما أكد قادة إسرائيل. ويجري جيشانا تدريبات مشتركة أكثر وبلغ التعاون الاستخباري ذُرى لم يسبق لها مثيل. ونحن نعمل معا في تطوير وسائل تقنية أمنية مثل معدات للتعرف على العبوات الناسفة الجانبية من بعيد ودروع واقية خفيفة تحمي جنودنا.
إن المخصصات الميزانية في واشنطن في عُسر في الحقيقة، لكن التزامنا لإسرائيل بقي قويا. وتلزم الولايات المتحدة بالإنفاق على أمن إسرائيل حتى 2018 بإعطاء مساعدة سنوية تزيد على 3 مليارات دولار. والتعاون الذي لم يسبق له مثيل بيننا يخدم أمن إسرائيل في حين تنقذ الحياة استثمارات أمريكية في منظومات أمنية متقدمة – مثل منظومة حيتس ومنظومة القبة الحديدية.
ويتجلى التزامنا بأمن إسرائيل أيضا بعملنا في الشرق الأوسط كله. ففي الشهر الماضي فقط أزال المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة بنجاح آخر بقايا السلاح الكيميائي المعلن عند بشار الأسد. وإن القضاء على هذا المخزون يضائل قدرة طاغية قاس على استعمال سلاح إبادة جماعية لا ليهدد الشعب السوري فقط بل ليهدد جارات سوريا أيضا ومنها إسرائيل. وسنستمر على العمل مع شركائنا في أوروبا والعالم العربي لدعم المعارضة السورية المعتدلة ولحل سياسي للصراع الذي يؤبد أزمة إنسانية وعدم استقرار إقليميا.
ونحن نعمل أيضا لضمان ألا تحصل ايران أبدا على سلاح ذري. ونحاول بتفاوض دولي قوي يتعلق بالبرنامج الذري الإيراني، نحاول أن نواجه بالطرق السلمية تهديدا مركزيا لأمن العالم والشرق الأوسط وإسرائيل. وبينت الولايات المتحدة أن كل اتفاق سيتم إحرازه سيشمل ضمانات حقيقية قابلة للتحقق منها أن يكون البرنامج الذري الإيراني لغايات سلمية فقط ويوجد تشاور دائم مع إسرائيل طول الوقت. ويقترب الموعد الأخير للمحادثات الذرية ولا نعلم إلى الآن هل سينجح التفاوض، لكن الخلاصة لم تتغير بالنسبة إلينا فنحن مصممون على منع ايران من إحراز سلاح ذري، ونحن نبقي كل الإمكانات مفتوحة على الطاولة لإحراز هذا الهدف.
أظهرت الولايات المتحدة التزامها بأمن إسرائيل بسعيها المستمر إلى سلام قابل للبقاء في الشرق الأوسط. وقد علمنا دائما أن حل الصراع الذي عمره عشرات السنين بين الإسرائيليين والفلسطينيين يحتاج من الطرفين إلى جهد عظيم والى قرارات صعبة. ولذلك وبرغم أننا خاب أملنا لأن الطرفين لم يتخذا القرارات الصعبة ليدفعا بالمسيرة السلمية قدما، لن تتخلى الولايات المتحدة أبدا عن الأمل في سلام قابل للبقاء هو الطريق الوحيد لضمان أمن حقيقي لإسرائيل.
إن السلام ضروري وعادل وممكن كما قلت في العام الماضي في القدس. وقد آمنت بذلك آنذاك واؤمن به الآن. إن السلام ضروري لأنه الطريق الوحيد لضمان مستقبل أمن وديمقراطية لدولة إسرائيل اليهودية. وفي حين قد تساعد الأسوار والمنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ على الحماية من تهديدات ما، لا يكون الأمن الحقيقي ممكنا إلا في اطار حل شامل يُحرز بالتفاوض، وسيساعد إحراز اتفاق سلام مع الفلسطينيين أيضا على تغيير الرأي العام العالمي، وعلى عزل المتطرفين العنيفين وعلى تقوية أمن إسرائيل أيضا.
إن السلام عادل أيضا بلا اعتراض. وكما أن للإسرائيليين حقا في العيش في وطن الشعب اليهودي التاريخي، للفلسطينيين أيضا حق في تقرير المصير. وللأولاد الفلسطينيين أمل وأحلام للمستقبل ويحق لهم أن يعيشوا في كرامة – كرامة لا تُحرز إلا في دولة لهم. إن الرئيس عباس شريك إسرائيل وهو يلتزم بحل الدولتين والتعاون الأمني معها. وقد عادت الولايات المتحدة فبينت أنه يجب على كل حكومة فلسطينية أن تتمسك بتلك المبادئ القديمة وهي الالتزام بعدم العنف والاتفاقات السابقة والاعتراف بإسرائيل، وحينما يكون التفاوض جامدا تكون تلك المبادئ أهم مما كانت دائما. يجب على الأطراف جميعا أن تتصرف بضبط للنفس وأن تعمل معا للحفاظ على الاستقرار على الأرض.
وأقول في الختام إن السلام ممكن. وهذا من أهم ما ينبغي أن نذكر حينما نواجه عوائق ولحظات خيبة أمل. ويُحتاج إلى ارادة سياسية لتنفيذ الاختيارات الصعبة المطلوبة والى تأييد من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ومن المجتمع المدني أيضا. ويجب أن يكون الطرفان مستعدين للمخاطرة من اجل السلام. ونحن نعلم آخر الأمر ما هو الهدف الضروري للتفاوض: دولتان للشعبين. وإن رفض المصالحة والتعاون لن يقوي بشيء لا أمن الإسرائيليين ولا الفلسطينيين. والحل الوحيد هو دولة يهودية ديمقراطية تعيش في سلام وأمن بجوار دولة فلسطينية مستقلة قابلة للبقاء. ولذلك فان وزير الخارجية كيري وأنا مصممان على العمل مع رئيس الوزراء نتنياهو ومع الرئيس عباس للتوصل إلى حل الدولتين. وحينما توجد الإرادة السياسية للالتزام بتفاوض جدي مرة أخرى ستقف الولايات المتحدة جاهزة مستعدة للإسهام بما يجب عليها.
التقيت مع الرئيس بيرس في البيت الأبيض قبل بضعة أسابيع في أثناء استعداده لإنهاء ولايته. وكما كان الأمر دائما كان شرفا أن أتحدث إلى إنسان أفرد جزءً كبيرا جدا من حياته لبناء دولة إسرائيل وهو مشحون بالأمل فيما يتعلق ببلده. وقد دفع شمعون بيرس أمن إسرائيل قدما دائما بشجاعة. وفي الشهر الماضي، في لقائه التاريخي مع الرئيس عباس والبابا فرنسيس في الفاتيكان، قال ببساطة: "لسنا كاملين بلا سلام".
برغم إنجازات إسرائيل كلها إلى الآن، وكل إنجازاتها في المستقبل، لا تستطيع أن تكون كاملة آمنة بلا سلام. ولن يكون متأخرا أبدا بذر بذور السلام – السلام الحقيقي والحيوي الذي لا يوجد فقط في خطط الزعماء بل في قلوب الإسرائيليين والفلسطينيين جميعا. هذا هو المستقبل الذي ما زالت الولايات المتحدة تلتزم به لأنها أعظم صديقة لإسرائيل وأقدمها وأقواها.