قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إنه من المبكر لأوانه الحديث عن تطور التوتر الذي يجري في الضفة الغربية وقطاع
غزة إلى انتفاضة جديدة؛ على غرار ما جرى عام 1987 و2000، "ولكن هذه التوترات تدعو للتأمل والتفكير حول كيفية إعادة الهدوء وإن أمكن عودة الطرفين لحل الدولتين".
وتطرقت الصحيفة لجذور العنف الذي بدأ الشهر الماضي بمقتل ثلاثة مراهقين
إسرائيليين في الضفة الغربية، بالقول: "ومع أن إسرائيل اتهمت الجماعة المتشددة حماس بتنفيذ القتل إلا أن -حماس- لم تعلن مسؤوليتها. وبعد أسبوع عثر على فتى فلسطيني في غابة في القدس الشرقية فيما ينظر إليه وبإجماع على أنه عمل انتقامي"، وبعد أيام اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ستة إسرائيليين يشتبه بعلاقتهم بالقتل.
وأضافت: "منذ تلك الفترة انحرف تركيز التوتر لقطاع غزة، حيث قامت الحركة الفلسطينية بشن هجمات بالصواريخ على جنوب إسرائيل. ورد الجيش الإسرائيلي بهجوم جوي وبحري على مواقع إطلاق الصواريخ"، على حد تعبير الصحيفة.
وعبرت "فايننشال تايمز" عن أملها أن يظهر القادة الإسرائيليون والفلسطينيون ومجتمعاتهم "ضبطا للنفس". "فالخطر الكبير هو حدوث حادث كبير يؤدي لضحايا كثر؛ مما يجعل من الصعوبة بمكان كبح أنفسهم لمدة طويلة. ولكن على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين التحدث مع بعضهم البعض بعد انهيار المحادثات حول حل الدولتين. وفي غياب الحوار فإن فرص المواجهات الحالية قد تتطور لشيء أخطر".
وتذكر الصحيفة بمحاولة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الذي حاول العام الماضي إحياء حل الدولتين ووضع موعد زمني من 9 أشهر للتوصل لحل، "وبدا كل من بنيامين نتنياهو ومحمود عباس وكأنهما قريبان من عقد اتفاق".
لكن "خيبة الأمل" سرعان ما انتشرت "فالفلسطينيون شعروا بالغضب من الاستيطان الإسرائيلي المستمر في الأراضي المحتلة، وبإصرار نتنياهو على الاحتفاظ في التسوية النهاية بوادي الأردن. ومن جانبه أوقف نتنياهو المفاوضات عندما شكل محمود عباس حكومة وحدة وطنية مع حماس التي تعتبرها إسرائيل حركة إرهابية".
وترى أن انهيار المحادثات له علاقة بغياب الثقة بين الطرفين. وحملت الصحيفة عباس جزءا من اللوم. وهذا متعلق بمحاولة الفلسطينيين الحصول على اعتراف دولي في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية خارج المفاوضات والذي عارضته الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي المقابل يحتاج نتنياهو مواجهة مسؤولياته، فإصرار إسرائيل على توسيـع الاستيطان في الضفة الغربية هو إهانة لعباس ويشجب كمحاولة للسيطرة على الأرض حتى في ظل استمرار المفاوضات. كما أن رفض نتنياهو لحكومة الوحدة الوطنية التي شكلتها فتح مع حماس يعتبر فرصة ضائعة. فقد تعهد عباس أن تعترف الحكومة الجديدة على الرغم من ضم حماس لها بالالتزام بالمفاوضات السلمية. وقد لقيت حكومة الوحدة الوطنية دعما من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهو ما عزز شرعيتها.
ويعتقد نتنياهو أن سيطرته الأمنية المحكمة على الضفة الغربية تسمح لها بوقف المفاوضات حول حل الدولتين لما لانهاية. وهذا ليس في مصلحة إسرائيل على المدى البعيد. فإسرائيل تقدم نفسها على أنها دولة يهودية وديمقراطية ولكن مبادئها تظل في خطر طالما استمرت تسيطر على حياة 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية الذين لا يتمتعون إلا بحقوق مدنية قليلة وتحت نظام عدالة عسكرية. وعلى إسرائيل الاعتراف أن الوضع القائم لا يمكن استمراره.