"كانت كل حياتي، كانت أغلى شيء في حياتي، انتظرت قدومها طويلا، والآن لا نعرف إن كانت ستصحو مرة أخرى أم لا، ولا نعرف ماذا حدث لها"، كان علاء المصري يتحدث ثم وضع رأسه بين يديه غير قادر على رؤية ابنته وهي تتعذب أمام ناظريه.
انتظر هو وزوجته هناء طفلا لمدة طويلة ثم جاءت مريم بعد معالجة من خلال المعالجة بطريق "أي في أف".
كانت الطفلة الوحيدة و"حبة" عيون جديها، وكانوا يحذرونها دائما أن لا تبتعد عن البيت كثيرا في هذا الوقت الصعب.
ويقول والديها إن مريم كانت تلعب في الحديقة عند وقوع الحادث "قصف
الإسرائيليون البيت على الجانب الآخر من الشارع، ولكن القذيفة جاءت مباشرة لبيتنا، وعندها شاهدت ابنتي على الأرض والدم ينزف منها" يقول والدها الذي أضاف "أصيبت إصابة خطيرة في رأسها، ولهذا فنحن خائفون".
ويقول مراسل صحيفة "إندبندنت" كيم سينغوبتا إن مريم هي واحدة من عدد كبير من الأطفال الذين سقطوا منذ أن بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما أطلق عليه "عملية الجرف الصلب"؛ 22 من بين 103 قتلوا ومن بين الجرحى فنسبتهم ليس أقل من 70% من بين النساء والفتيات حسب المصادر الصحية المصرية.
وحذر أشرف القادري مدير الإعلام في مستشفى الشفاء من "أثر كارثي" على حياة الأطفال في حالة استمرت دوامة العنف، ولا يوجد أي تفسير لارتفاع الضحايا بين الأطفال.
ويقول سكان في
غزة أن الصواريخ والقذائف التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على بيوت الناشطين التي يرى إنها أهداف "شرعية" ضربت بيوت المدنيين القرية منها، وهذا الزعم على خلاف تأكيد السلطات الإسرائيلية إن الهجمات تتم بطريقة حذرة من أجل تجنب ضحايا جانبيين.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن التحذيرات تتم ويطلب من أصحاب البيوت إخلاء البنايات التي تجمع فيها السكان ليكونوا "حزاما بشريا" كما يزعم المتحدث باسم وزارة الخارجية والذي اتهم
حماس بشن صواريخ من مناطق مأهولة معرضا سكانها لهجمات انتقامية.
ويقول مراسل الصحيفة إن الدكتور نبيل الشرقاوي في مستشفى الشفاء عالج الكثير من ضحايا الهجمات الإسرائيلية من الأطفال مشيرا إنه "بات من الصعب التعامل مع الوضع من ناحية عاطفية "نحن فريق طبي ولكننا بشر أيضا، وأن تشاهد صدمة شديدة على وجوه الأطفال مثير للحزن، عانت مريم من إصابة خطيرة في الدماغ، ونأمل أولا أن تعيش وبعد ذلك سنرى إن كانت قادرة على الكلام، أو تمشي مرة أخرى ولسوء الحظ فإننا سنعالج حالات أخرى قادمة إلى هنا".
وكان الشرقاوي يتحدث وأصوات الانفجارات تسمع ليس بعيدا، وبعد ذلك سمعنا صوت ازيز صاروخ ينطلق باتجاه إسرائيل.
و "أراني الدكتور شرقاوي صورة طفل تعرض لجراح خطيرة "أظل أفكر فيه، وصل هنا يوم أمس، عمره 10 أعوام، فقد يديه ورجليه، وكان واع بشكل كامل وقال: أرجوك يا دكتور أوقف هذا الألم"، ولم يكن لدينا ما نفعله، ومات بعد ذلك".
ويقول سينغوبتا "مدينة غزة مكان صغير وارتجاجات الدمار الذي حصل على البشر انتشرت بسرعة بين السكان، ياسمين دواس الطالبة في كلية الطب والتي تعمل كمترجمة للإندبندنت كانت خائفة على زميلها الذي كان مسافرا على دراجته النارية عندما ضربته غارة جوية".
ولا تعرف دواس ماذا حصل لمصعب ظاهر، حيث تم بتر رجليه وفقد جزءا من يده اليمنى. وتقول "كان إنسانا عاديا ولا علاقة له بإطلاق الصواريخ أو أي شيء مثل هذا، كان يقود دراجته في الطريق، لماذا فعلوا هذا؟ كان يريد أن يصبح طبيبا ويساعد أبناء شعبه".
وفي العنبر المجاور كان هناك أبناء عم ممددان في الفراش، نور الدين الذي عانى من إصابة في الرأس وفقد والديه في غارة صاروخية على بيتهم، أما كنعان فقد أصابته شظية في الصدر والفخذ وقتل والده واخته في نفس الهجوم.
وتم استهداف البيت في بيت حانون بطريقة مقصود بطائرة موجهة، ويعود لحافظ حمد، الذي تتهمه إسرائيل بالانتماء لحركة الجهاد الإسلامي حيث قتلته ومعه قتلت 6 أفراد من عائلته، بمن فيهم زوجته ووالدته وشقيقين له، وابنة أخ عمرها 21 عاما.
وتقول أمل (55 عاما) عمة نور الدين "نور الدين غائب عن الوعي، أما كنعان فيعرف عن والده وأخته، يسأل عنهما ولكنه لا يقول شيئا عن الهجوم".
وتقول "لا أعرف ما هو الأثر الذي سيتركه الحادث عليهما عندما يكبرا، هل سيكرهان إسرائيل ويرغبان بالانتقام، أو يبتعدان وينسيا ما حدث؟ أنا على نفسى أتمنى أن ينسيا كل شيء، الكثير منا يريدون أن تقف هذه الدوامة، نريد السلام، كلنا متعبون من الحرب".
ولكن هناك رغبة قليلة في التصالح في بيت العائلة الذي حطم زجاجه وانتشرت القطع على الأرض حيث اجتمعت العائلة حول الطفل آدم وعمره أربعة أعوام. ويقول أحد أفراد العائلة "طبعا نريد القتال، الإسرائيليون يهددون بإرسال القوات البرية، دعهم يفعلون هذا، وسيرون كيف سيقاتل رجالنا، نعم ونساءنا، لماذا نسمح لهم مواصلة تيتيم أبنائنا".
ويواصل "يأتون في عامين ويقتلون المزيد لإبادة
الفلسطينيين والعالم يسمح لهم بهذا، ولا أحد يقدم لنا المساعدة".
وشعور تخلي العالم عن أهل غزة واضح في غزة.