تعتبر
الأمعاء الدقيقة من الأعضاء الصعبة الفحص، فكل من الأشعة السينية، والرنين المغناطيسي، والموجات فوق الصوتية يمكن أن تقدم صورا للأمعاء الدقيقة، إلّا أن قدراتها تعتبر محدودة جدا.
ويقوم العلماء حاليا بتطوير تقنية تصوير جديدة تتضمن استخدام جسيمات نانوية تم تذويبها في سائل "عصير نانوي"، حيث يقوم المريض بشرب هذا العصير، وعندما يصل العصير إلى الأمعاء الدقيقة، يقوم الأطباء بتسليط ضوء ليزري غير مؤذي على السائل، بحيث يستطيعون رؤية الأجهزة الداخلية لجسم الإنسان خلال مرور السائل داخلها.
وأشارت مجلة "Nature Nanotechnology" إلى أن هذه التقنية قد تساعد الأطباء على فهم وتحديد ومعالجة أمراض
الجهاز الهضمي بشكل أفضل، فأساليب التصوير الحالية يمكنها إظهار الأعضاء، وتحديد الانسدادات إن وجدت، إلّا أن هذه التقنية الجديدة تسمح برؤية الأمعاء الدقيقة أثناء عملها.
ويبلغ طول الأمعاء الدقيقة ما يقارب ثلاثة أقدام، وتبلغ سماكتها حوالي بوصة واحدة، حيث تقع بين المعدة والأمعاء الغليظة، وهي المنطقة التي تحدث فيها معظم عمليات الهضم وامتصاص الطعام، وتصاب هذه المنطقة بأمراض عديدة منها متلازمة القولون العصبي، وأمراض الجهاز الهضمي، ومرض كرون، وليستطيع الأطباء معاينة الأمعاء الدقيقة، كان يتم إعطاء المريض سائل طباشيري سميك يسمى "الباريم" ليقوم بشربه، وبعد ذلك يقوم الأطباء باستخدام الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، أو الموجات الفوق صوتية لتصوير الأمعاء الدقيقة.
إلّا أن هذه التقنيات (السائل الطباشيري) تعد قاصرة، خاصة فيما يتعلق بعدم توفيرها للتباين اللازم لتحديد المرض، إضافة إلى أن هذه التقنيات لا يمكنها توفير صور لحركة الأمعاء الدقيقة أثناء عملها مثل قيامها بالحركة الدودية، وهي عملية تقلّص العضلات التي تقوم بها الأمعاء لدفع الطعام داخلها، وقد يكون ضعف هذه الحركة راجعا إلى الأمراض السابق ذكرها، مضافاً إليها التأثيرات الجانبية لاضطرابات الغدة الدرقية، أو مرض السكري أو مرض البركنسون.
وعمل جوناثان لوفيل، وهو أستاذ مساعد في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة بافالو، مع فريق من الباحثين، على تصنيع نوع معين من الصباغ يسمى "naphthalcyanines"، وهو عبارة عن جزيئات صغيرة تقوم بامتصاص أجزاء كبيرة من الضوء في الطيف القريب من الأشعة تحت الحمراء، وهذه المسافة مثالية لتوضيح عوامل التباين البيولوجي، ولكن هذه الجزيئات ضمن وضعها الطبيعي تعتبر غير ملائمة للجسم البشري، كونها لا تنحل في السوائل، ما يؤدي إلى امتصاصها من قبل الأمعاء الدقيقة، ودفعها إلى مجرى الدم، ولمعالجة هذه المشكلة، قام الباحثون بصناعة جزيئات تسمى "nanonaps" تحتوي على جزيئات صباغية ملونة، وأضافوا إليها القدرة على الانحلال في السوائل، مما يعطيها القدرة على التحرك بأمان في الأمعاء.
ومبدئيا فإن التجارب على هذا الشراب تمت على الفئران بنجاح.
ويسعى الباحثون للعمل على تطوير هذه التقنية، لجعلها أكثر ملائمة لإجراء التجارب البشرية، وبعد ذلك يسعى الباحثون لتعميم هذه التجربة لتشمل معاينة مناطق أخرى من الجهاز الهضمي.