الساعة الآن الواحدة وخمسون دقيقة صباحا، استيقظ محمود مع عائلته ليتناولوا الفطور استعدادا ليوم رمضاني آخر، تحضر نساء البيت الطعام، فيما الرجال يصطفون أمام المائدة انتظارا للسحور، لكنه كان مختلفا هذه المرة.
محمود من سكان
الموصل القاطنين في حي يسمى بـ "الوحدة" يقع في الجانب الأيسر من المدينة، يصف لنا مشهد سحورهم في هذا الموسم من رمضان بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل: "بينما كنا ننتظر
السحور، سمعنا صوت طائرة تحوم في سماء المدينة، قريبة من الحي"، وأضاف: "ما هي إلا دقائق حتى أطلقت الطائرة صاروخا، أحدث انفجارا كبيرا اهتزت على أثره أركان البيت".
يؤكد محمود أنه في تلك الليلة سقط صاروخان على الحي، مشيرا إلى أن إحدى هذه
الصواريخ استهدفت روضة للأطفال في الحي تسمى روضة "البلسم"، وهي ملاصقة لجامع شهير في المدينة يدعى "جامع الصابرين"، مخلفة أضرارا مادية وجريحا واحدا.
يقول محمود: "لم نستطع تناول طعام السحور، لأننا كنا ننتظر صاروخا آخر فيما كانت الطائرة تواصل التحليق في سماء الحي، نساء وأطفال البيت أصابهم الخوف، فصوت الانفجار كان قويا جدا وكأنه يستهدفك"، واصفا أن ما يحدث بين ليلة وأخرى في الموصل من غارات جوية هو بمثابة رعب تتعمد الحكومة زرعه في الليالي المخيفة على المدينة.
الشقيق الأصغر لمحمود ويدعى خالد، يقول إن "الاستهداف كما يبدو كان لجامع الصابرين إلا أن الصاروخ أخطأ طريقه ليكون مستقره في روضة للأطفال"، ويضيف: "جامع الصابرين هو من الجوامع الشهيرة في الموصل، تم استهدافه ثلاث مرات، مرة من قبل الأمريكان وبعدها فجرته القاعدة بحجة وجود شرطة فيه، واليوم يقصفه المالكي".
ويمزح خالد عندما سألته ماذا تناولت في السحور فأجاب: "كان سحوري اليوم هو الصواريخ"، مضيفا أن "سحور رمضان هذا العام ثقيل على المعدة، لأنه يخلف لنا الخوف والكثير من الأضرار البشرية والمادية"، مؤكدا أن سكان الموصل يستيقظون كل صباح ليروا عشرات البنايات وقد هدمت وتضررت بسبب القصف.
أما الغارة الجوية الأخرى فقد كانت في حي الطيران وهو الحي الذي كان يعتبر "
المنطقة الخضراء في الموصل"، حيث كان يقطن فيه كبار المسؤولين في المدينة، بالإضافة إلى وجود المقر الرئيسي لقيادة عمليات نينوى سابقا فيه، يقول سكان الحي إن القصف استهدف بيتا ملاصقا لبيت محافظ نينوى
أثيل النجيفي، مؤكدين أنه قد يكون مستهدفا بيت النجيفي، الذي استولت عليه داعش بعد السيطرة على المدينة.
وتتركز الغارات الجوية على الموصل من قبل الطائرات الحكومية عادة قبل الفجر، إذ تعود سكان الموصل على قضاء ليالي رمضان وحتى فجره على استقبال الصواريخ التي يقول سكان المدينة إنها تستهدف المدنيين والمنشآت الحيوية في المدينة كمشاريع الماء والكهرباء.