فيما كانت "أم جيهان" تقوم كعادتها السنوية بزيارة أحد المحال التي تبيع
الملابس المنخفضة الأسعار قبل كل عيد، لكسوة أبنائها الثمانية بما لا يتجاوز 200 جنيه تحصل عليها من فاعلي الخير، قررت هذا العام مقاطعة جميع المحال وأن يرتدي أبناؤها الثمانية ملابسهم التي مضى عليها أكثر من عام تقريباً.
القرار يعود بالضرورة إلى الأسعار التي أصبحت مبالغا فيها، فبعدما كانت ملابس الأطفال الثمانية لا تتجاوز تكلفتها مائتي جنيه (تعادل 30 دولارا تقريبا)، أصبحت التكلفة تتجاوز 500 جنيه (تساوي 70 دولارا تقريبا)، وهو ما لا يمكن تحمله أو توفيره خاصة بعد تعدد أوجه الإنفاق أمام فاعلي الخير وزيادة عدد المحتاجين.
هذه السيدة التي تعول ثمانية أطفال جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، هرب زوجها بسبب عدم قدرته على تحمل تكلفة الحياة وتركها تواجه أزمات الحياة بالأطفال الثمانية، لن يرتدي أطفالها زياً جديداً في عيد الفطر المبارك مثل كل عام، مثلها في ذلك مثل كثيرين يسددون ضريبة ثمن الغلاء الفاحش في
مصر، في ظل عدم قدرة أجهزة الدولة على السيطرة على السوق المحلي وترك الفقراء فريسة سهلة في أيدي محتكري قوت الشعب.
وقال أصحاب محال بالقاهرة لـ "عربي 21"، إن أسعار الملابس والأحذية ارتفعت بأكثر من 40% خلال الفترة الماضية، خاصة مع قرار الحكومة رفع أسعار الوقود، وهو ما انعكس سلباً على جميع أنواع السلع، سواء المحلية أم
المستوردة. لكن ربما تختلف نسب الزيادة بين أسعار المستورد والمحلي، حيث تتجاوز نسب الزيادة في أسعار السلع المستوردة ما يقرب من 60% على الأقل.
وأوضح محسن سالم، وهو صاحب محل ملابس بمنطقة القاهرة، أن ارتفاع الأسعار دفع الكثير من الأسر المصرية إلى التوجه إلى سوق الملابس المستعملة، والذي تنخفض فيه الأسعار عن الأسعار التي تطرحها محال الملابس الجديدة بأكثر من 70%.
وأشار إلى أن الركود يسيطر على سوق الملابس بشكل عام في مصر، وأن مبيعات المحال في موسم عيد الفطر المقبل لا تتجاوز 50% من مبيعاتها بنفس الموسم من العام الماضي، وهو ما يعود بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار وتراجع مستوى دخل الأسر المصرية.
وأوضحت شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة، أنه على الرغم من بدء موسم عيد الفطر المبارك إلا أن هناك حالة من الركود تسيطر على أسواق الملابس الجاهزة بنسبة تصل إلى نحو 70% مقارنة بمبيعات المحل خلال موسم العام الماضي، وأرجعت السبب إلى الحالة الاقتصادية وتراجع مستوى دخل الأسر المصرية.
وأشارت الغرفة إلى عزوف غالبية المصريين عن المنتجات المستوردة في الأسواق المصرية بما فيها من بضائع رديئة، وتعد منافسا شرسا أمام
المنتج المحلي، خاصة وأن المنافسة ليست عادلة في ظل الأعباء الإضافية التي يتحملها المنتج المحلي وارتفاع أسعار جميع الخامات.