في قاعة اجتماعات لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، جلس "سيزار" وهو مغطى الوجه، قبل أن يعرف نفسه بأنه كان قبل اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011 مجرد
مصور في جيش النظام السوري، غير أن مهمته عقب الثورة تحولت إلى مصور لجثث المعارضين السوريين
المعتقلين في سجون النظام.
لم يسمح لكافة وسائل الإعلام التي تواجدت في قاعة مجلس النواب الخميس، بأن تعرف شيئا عن "سيزار" سوى هذا الاسم فقط، فالشخصية لم يكشف عنها من قبل، وحتى عندما دخل المجلس حرص الموظفون والنواب على حماية سرية الشخصية السورية، حيث سمح فقط بتصويره من ظهره كما أن وجهه لم يظهر حتى للنواب؛ لأنه كان يرتدي فيما يبدو قناعا على وجهه لا يظهر منه شيء.
"سيزار" أفاد خلال شهادته أمام اللجنة ورئيسها "إدوارد رويس" بأنه عمل مع زميل آخر له على تصوير جثث المعارضين في سجون النظام ومن ثم خزنها في حاسب آلي سري ومحمي بشكل دقيق، إلا أنه كان يقوم بتسريب هذه الصور إلى المعارضة السورية بشكل بطيء وتدريجي منذ عام 2011.
سيزار جلس مرتدياً قميصاً أزرق وقلنسوة، هامساً بتصريحاته عبر مترجم، ومحاطاً بكل من: ديفيد كراين أستاذ القانون بجامعة سيراكيوز في ولاية نيويورك، وشريف بسيوني الأستاذ الفخري في القانون بجامعة دي بول في ولاية الينويز، وفريدريك هوف زميل مركز رفيق الحريري لشؤون الشرق الأوسط.
وخلال الجلسة التي تعتبر أول ظهور علني له أمام الناس ووسائل الإعلام، قال سيزار، الذي انشق عن جيش الأسد، وموجود في أمريكا لمدة شهر فقط، ولا يعلم أحد أين يقيم حاليا: "كانت جثث القتلى تؤخذ إلى مستشفى عسكري تابع للنظام السوري"، مشيراً إلى أنه عند بدء عمله بتصوير الجثث وتوثيقها "كان هناك عدد قليل من الجثث حوالي 5- 10 في اليوم إلا أن العدد سرعان ما بدأ بالتزايد ليصل إلى 50- 60 جثة يومياً"، دون مزيد من التفاصيل.
وتابع قائلاً: "لقد رأيت فظائع كثيرة، أناساً ماتوا من الجوع حتى صارت جثثهم تبدو كهياكل عظمية.. الجثث كانت معلمة بأرقام تسلسلية ملصقة على أجساد الضحايا".
المصور السوري اختتم حديثه بالقول: "الصور التي ترونها هي لأكثر من 10 آلاف ضحية، ماتوا ولا أحد يستطيع إرجاعهم إلى الحياة، ولكن ما زال هنالك أكثر من 100 ألف ممن يقبعون في سجون الأسد ويمكنكم إنقاذهم".
من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إدوارد رويس، ن "وحشية الأسد، كما نعلم، تعتمد على القوة العسكرية وغيرها من أشكال الدعم التي تزودها بها روسيا وإيران وحزب
الله"، مشيرا إلى أن "
سوريا ليست تحدياً إنسانياً فقط ولكنه إستراتيجيا كذلك، لأن الأسد قد سحب المنطقة بأكملها نحو الفوضى".
وتم خلال الجلسة استعراض لبعض الصور التي سربها سيزار، منها ما أظهر صورا لجثث نساء ورجال وشيوخ وأطفال تم تعذيبهم حتى الموت، بعضهم قد تم اقتلاع عينيه وآخرون تظهر عليهم علامات حروق، وبعضهم قد تم تجويعهم حتى صار بالإمكان رؤية القفص الصدري للضحية.
ويقدر عدد الضحايا الذين تم تصوريرهم بـ 10 آلاف ضحية، تم تسليمها إلى الأمم المتحدة ومكتب التحقيقات الاتحادية "أف بي آي".
وخلصت لجنة الشؤون الخارجية إلى توصيات، منها أن تقوم حكومة الولايات المتحدة بـ "حث الحكومة السورية والمجموعات الأخرى المشتركة في الحرب بوقف فوري لإطلاق النار والاشتراك في مفاوضات لحقن الدماء، وتقديم مرتكبي جرائم الحرب في الحكومة السورية أو الجماعات المتورطة في الحرب الأهلية للتحقيق والمحاكمة، واستخدام صوت الولايات المتحدة في دعم تشكيل محكمة جرائم الحرب السورية المختصة، وأن تقوم الولايات المتحدة بجمع معلومات تساعد المحكمة المختصة بجرائم الحرب السورية لمحاكمة أي شخص متورط في جرائم الحرب المرتكبة في الحرب".
ورغم أن توصيات لجنة مجلس النواب لا تعد ملزمة، إلا أنها ستساهم في التوعية بما يجري على الصعيد الإنساني في الأزمة السورية وتضغط باتجاه زيادة الدعم للمعارضة السورية.