تحدث الكاتب
الإسرائيلي أمير أورن، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الأحد، عن عجز جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بعد الانسحاب من غزة في التعرف على الواقع الجديد الذي نشأ فيها وأفضى إلى ما أفضت اليه الحرب الآن.
ويشير في مقالته المعنونة بـ "فَشِلَ
الشاباك في غزة"، إلى "أنهم يقولون في العالم إن إسرائيل لها سلاح ذري، ويتفاخرون في إسرائيل بأن الجيش الإسرائيلي هو أقوى جيش في الشرق الأوسط وبأن سلاح الجو هو الأفضل في العالم كله". ويقول إن ذلك "سواء أكان أسطورة أم واقعا، فإنه لا تأثير مباشرا لكل ذلك في عملية (الجرف الصامد) على
حماس في غزة. فالذي يحدد هناك هو فقط القوة التي تبتغي هدفا، وهي ذلك المقدار من القوة من الاحتياطي الضخم الذي تختاره إسرائيل أو تضطر إلى استعماله بقدر ما من النجاعة".
ويوضح أن "هذا صحيح في المسائل الكبرى من سياسة استعمال القوة وفي المواد النقطية للصدام الحربي. فلا يهم عدد المركبات المدرعة للفرق العسكرية وفي وحدات مستودعات الطوارئ؛ بل المهم أنه في لحظة مصيرية واحدة تُرسل ناقلة جنود مدرعة قابلة للإصابة إلى خطر تحقق".
ويلفت إلى أن الشريك الصامت للآلة العسكرية الهادرة هو جهاز الأمن العام (الشاباك)، وأنه "لن يستطيع من يحقق في أسباب الأداء المختل للجهاز الرسمي في إسرائيل على اختلاف أذرعه في السنوات التي سبقت الجرف الصامد، أن يغض الطرف هذه المرة أن عن إسهام الشاباك في
الفشل، فقد كان هذا الجهاز قويا جدا نحو الداخل في الصراعات الموظفية على السيطرة والصلاحيات وحدود السيطرة، وكان ضعيفا جدا نحو الخارج في مواجهة أهدافه".
ويضيف أن "الشاباك جهاز استخباري وقائي.. وقد اختل هذا الهدف الأساسي على مر الزمن وحول الشباك إلى مشرف على الاحتلال، تقع عليه مسؤولية زائدة هي التحذير في الساحة الفلسطينية على اختلاف مناطقها – الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس.. وليس الشباك وحده هو الذي يتابع ما يجري في الساحة الفلسطينية، فهناك تجتمع أيضا (أمان) وقيادة منطقة الوسط، ومنسق العمليات في المناطق، وقيادة المنطقة الجنوبية، والموساد والشرطة".
ويرى الكاتب أن "الشاباك أضاع المعنى الحقيقي للتطورات في غزة منذ 2005 – 2007 وهي الفترة المشكلة للواقع الجديد، وكان فيها جلاء الجيش الإسرائيلي عن تلك المنطقة، وفوز حماس في الانتخابات وسيطرتها بالقوة".
ويلفت إلى أن "حماس لم تعد منظمة إرهابية تنفذ عمليات بل أصبحت جيشا صغيرا في دولة صغيرة. ولم تعد الأنفاق التي تفضي عشرات منها إلى إسرائيل في التوجه المُحدث، مجرد شق في الجدار تحت الأرض، بل ما أصبح من المعتاد تسميته في الجيش الإسرائيلي "شق مجال"، وهذا بُعدٌ جديد في القتال يشبه غواصات برية لكونها وسيلة لنقل قوة مقاتلة للهجوم على خط تماس الجيش الإسرائيلي من الخلف مثل وسائل ملاحة تحت البحر خفية أو مثل المروحيات المصرية التي أُرسلت لإنزال قوات شرقي قناة السويس في حرب يوم الغفران".
ولذلك، يقرر الكاتب أن "هذا تسلل وحدات لا أفراد، وهذه قوة صاعقة لا عصابة مسلحة".
ويخلص إلى أنه "في مواجهة هذا العدو الذي يعمل على هذا النحو يُحتاج إلى قدرات استخبارية تعوز المنظمة التي تفخر باستعمال عملاء لإحباط عمليات. إن رجال هذا الجهاز مخلصون ويعرضون أنفسهم للخطر، لكن ليس للشاباك أي ميزة نسبية في إنتاج المعلومات الاستخبارية الحربية وقت القتال الذي يحتاج إلى مهارات (واتصال) مختلفين".
ويضيف أنه "ليس مسار التقدم من دور مُركّز إلى رئيس منطقة ورئيس جهاز من نوع القضية التي نبحثها هنا؛ بل يُحتاج كما هي الحال في "أمان" إلى قائد يأتي من واقع العمليات ويكون مصغيا إلى حاجاته. وإن رئيس "الشاباك" يورام كوهين - بخلاف الحال في "أمان" حيث يخضع رئيسها لثلاثة مسؤولين آخرين- لا يخضع إلا لبنيامين نتنياهو وحده. فكلاهما، أي كوهين ونتنياهو، مسؤولان عن فشل الشاباك في غزة".