ينظر كثيرون إلى إقدام النظام في
مصر على حل حزب
الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بمثابة قطع الشعرة الأخيرة معهم فيما اعتبره آخرون الضربة القاضية للعلاقة بينهم.
رئيس حزب السادات الديمقراطي، عفت السادات، اعتبر حكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب وتصفية كل ممتلكاته السائلة والمنقولة وإعادتها للدولة بأنه "تأخر كثيرا"، مؤكدا أن حل الحزب أمر طالب به منذ ثورة 30 يونيو.
إلا أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة كان له رأي آخر، حيث اعتبر قرار الحل ليس في مصلحة الحياة السياسية في مصر، وقال في تصريح لـ"عربي 21": "كنت أفضل أن يستمر الحزب في العمل السياسي، وعدم قطع الطريق أمام عودته للعمل العلني"، مشيرا إلى أنه مع قرار حل الجماعة لإنه لا يوجد مبرر لها بعد أن أصبح قرار تشكيل الأحزاب بمجرد الإخطار، مضيفا أن "قرار الحل هو نمط متكرر في مصر، مثلما حدث في منتصف أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي".
وسبق أن صدر حكم قضائي في سبتمبر الماضي بحظر أنشطة جماعة الاخوان المسلمين ومختلف المؤسسات المتفرعة عنها ومصادرة جميع أموالها. واعتبارها جماعة إرهابية.
المضحكات المبكيات في السياسة المصرية
المفارقة التي ربما أضحكت الكثير من ثوار الخامس والعشرين من يناير، بحسب الناشط مدحت سباعي، أنهم وجماعة الإخوان المسلمين أصبحوا وراء القضبان، فيما أصبح رجال ورموز الوطني المنحل الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية طوال 30 عاما أحرارا طلقاء، بل ومن حقهم المشاركة في الحياة السياسية، وكأن عقارب الساعة تدور للخلف.
تأخر الدولة في حل الحزب بالرغم من مرور أكثر من عام على عزل الرئيس محمد مرسي وحبس جميع قياداته وإصدار أحكام وصلت إلى الإعدام والمؤبد والمشدد، كان يهدف بحسب بعض المتابعين إلى ترك الباب مفتوحا أمام استئناف جماعة الإخوان لنشاطهم السياسي في حال قبولهم الدخول في مصالحة أو تسوية مع النظام، الذي يتهمه بسرقة الحكم منهم.
المحامي والفقيه القانوني عصام الإسلامبولي قال في تصريح لـ"عربي 21": "المحكمة الإدارية العليا هي الوحيدة المنوط بها حل الأحزاب بحكم قانون مباشرة الحقوق السياسية"، مشيرا إلى أن المحكمة تباطأت في حل الحزب، وأضاف: "لم يعد أمام جماعة الإخوان سوى تأسيس حزب جديد ببرامج ورؤى جديدة وعليهم الالتزام بشروط واستمرارية قانون التأسيس".
الحرية والعدالة ... الحكم حلقة من حلقات الثورة المضادة
ويعد الحكم القضائي - الذي كان متوقعا على نطاق واسع - نهائيا وغير قابل للطعن وستبلغ المحكمة كل مؤسسات الدولة المعنية لتنفيذه ومصادرة مقرات وأموال الحزب.
بوابة الحرية والعدالة الناطقة بلسان الحزب على الإنترنت نشرت بيانا أصدرته هيئة الدفاع عن الحزب وصف الحكم بأنه "حلقة من حلقات الثورة المضادة... ورغبة حقيقية من المسؤولين على السلطة في تبني حكم الفرد وعودة للنظام الشمولي المستبد".
حل الحزب لن يؤثر على الإخوان المسلمين.. ورسالة للنور
ويرى مراقبون أن حل الحزب لم يأتِ بجديد، ولن يؤثر على تكوين جماعة الإخوان المسلمين السياسي أو التنظيمي الممتد لأكثر من ثمانين عاما بحسب كثير من المراقبين، ولن يعيدهم للعمل تحت الأرض بعد تغير المعطيات، فقدرات الجماعة التنظيمية قادرة على استمرار بث الروح فيه من سواء من خلال الحراك الشعبي في الداخل أو من قيادته التي بالخارج وقدرتها على التواصل مع القاعدة الرئيسية في مصر.
إلا أن أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة كان له رأي آخر: "الحكم سيعيد الجماعة إلى العمل في السر" مشيرا إلى أن سياستها افتقرت للقيادات الحكيمة عقب رحيل مؤسسها حسن البنا خاصة بعد أن أصبح تنظيما ضخما.
الباحث في الأمن القومي جمال طه اعتبر أن الحكم له تأثير سياسي ومعنوي على جماعة الإخوان المسلمين، وعبر عن مخاوفه من انتهاج أعضائه الذين يعدون الأكبر في تاريخ الأحزاب السياسية لمزيد من العنف، بحسب قوله.
ينظر البعض إلى أن حل الحزب يتضمن رسائل تحذيرية لعدد من الأحزاب التي تقوم على مرجعية دينية على رأسها حزب
النور، الذي سارع إلى التأكيد على أن موقفه يتوافق مع القانون والدستور غير أن الباحث جمال طه طالب الحزب بتوفيق أوضاعه، وقال في تصريح لـ"عربي 21": إن"من يحكم سياسة حزب النور هم قادة الدعوة السلفية بخلاف ما يروجون له، وعليهم أن ينتهجوا سياسة جديدة".
بحل حزب الحرية والعدالة يغلق باب المساومات، وكل قنوات الوساطة التي بدأت منذ أكثر من عام من قبل النظام دون جدوى، لتبدأ مرحلة تكسير العظام من الجانبين والتي بدأها النظام بالفعل من اليوم الأول للانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.