خصص الصحافي البريطاني جيسون بيرك رسالة صحافية عن استشهاد الشرطي الرائد رشيد تيسير الحوم الذي قضى الخمسة أعوام الماضية من عمره وهو يفكك
المتفجرات والالغام من أجل أن تظل شوارع
غزة آمنة.
ويقول بيرك "دفن رشيد تيسير الحوم في التراب الرملي، في حي جباليا الصعب الذي نشأ فيه، في الساعة الواحدة ظهرا من اليوم الثالث من أيام الهدنة. كانت جنازته سريعة، حضرها المئات من المشيعين ورافقتها كلمة قصيرة القاها شيخ معمم، ووالد يجأش بالبكاء وطلقات من كلاشينكوف مراهق نحيف. حجران وقطعة من الكرتون كتب عليها اسمه تعلم قبر شخص محبوب مبتسم دائما بعينان غائرتان تظهران توترا تعطيان فكرة عن طبيعة العمل الذي يقوم به".
ويرقد الحوم، 43 عاما وهو أب لسبعة أطفال إلى جانب شقيقه، أحد مقاتلي حماس الذي قتل بغارة
إسرائيلية قبل إسبوعين، ولم يكن الحوم مقاتلا مثل شقيقه ولكنه كان مديرا للوحدة اليتيمة في قطاع غزة لتفكيك المتفجرات، وكانت مهمته حماية عشرات الألوف من المدنيين من القنابل التي سقطت دون ان تنفجر والتي تنتشر الآن في الشوارع والمزارع وتحت أنقاض البيوت المهدمة.
وقال الكاتب إن الحوم استشهد وهو "يحاول نزع فتيل متفجرة زنتها 500 كيلو غرام انفجرت يوم أمس، وكان ضحية بالصدفة لحرب استمرت لشهر لم يكن أحد بيده وقفها، وقتل ثلاثة من رفاقه وصحافيان في التفجير، وكان يعرف مخاطر ما يقوم به ولكنه كان يؤمن بعمله".
ويضيف "في الإسبوع الماضي تلقى الحوم 70 مكالمة في يوم واحد، وفي هذه الحرب وحدها تعامل مع 400 عبوة".
وينقل عنه الصحافي الذي قابله قبل وفاته قوله "أحاول جهدي" حيث كان ينتقل من مكان لآخر في بيت لاهيا، شمال غزة ورافقته "الغارديان" في جولته.
ويقول الحوم "في كل مرة أسمع فيها عن جرح شخص بسبب انفجار قنبلة أشعر بالأسف، فهذه هي مسؤوليتي، ولكن قدراتنا محدودة ولا نملك المعدات المناسبة، وتعتقد زوجتي أنني سأحضر يوما للبيت قطعا ممزقة في صندوق".
وكان الحوم يعمل في وحدة الهندسة المتخصصة في تفكيك العبوات والقنابل الحية منذ 5 أعوام من عمله في الشرطة الفلسطينية التي انضم إليها قبل عشرين عاما، وتلقى بعض التدريب من خبراء دوليين لكنه راكم خبرته من العمل، ولا يملك سترا واقية ويستخدم في عمله الأدوات العادية من المفككات والكلابات والمقصات "من أجل تأمين حياة الناس ونزع فتيل المتفجرات التي أطلقها أي طرف سواء تلك التي فشلت حماس في إطلاقها أو التي رمتها الغارات الجوية على غزة" بحسب الكاتب.
وأوضح الكاتب أن وكل المعدات التي حصل عليها من خوذ وأجهزة كشف منذ الحرب الثانية عام 2012 قد تهالك أو كسرت. وقال الحوم "هناك مخاطر على حياة الناس عندما يتم العثور على قنبلة في البيت ولكن علينا القيام بالمهمة".
وأضاف "حتى الآن لم يصب أحد من الفريق والحمد لله". وفي عطلة نهاية الإسبوع قبل هذا تعامل الحوم مع عدد من المتفجرات وقد أثرت الغارات الإسرائيلية على عمله بسبب سقوط الصواريخ التي انفجر بعضها قريبا منه.
وفي بيت لاهيا استطاع تفكيك عبوة زنتها 1000 كيلوغرام سقطت على محل تصليح عجلات هوائية. وظل صاحب المحل حسين رابح سالم ينام مع عائلته المكونة من 18 شخصا فوق المحل والقنبلة الحية، ويقول سالم "ماذا أفعل اغمض عيني وأتوكل على الله".
وأكد الحوم لسالم إنه سيذهب لإحضار الأدوات اللازمة لتفكيك العبوة أو شاحنة لجرها لملعب قريب من مركز الشرطة حيث يتم تفكيك كل العبوات او تفجيرها، وهناك في الملعب كومة من الحديد منها قنبلة آل فيلفل التي عثرت عليها جازية فيلفل 60 عاما حيث لاحظت بعد انقشاع غبار الغارة الإسرائيلية الشهر الماضي جسدا من الحديد لامعا اعتقدت أنه شاحنة.
وقال الكاتب إن المرأة أخذت تصرخ على زوجها وأولادها ان إسرائيل رمت عليهم شاحنة، واكتشفوا لاحقا أنها قنبلة كبيرة. وتقول جازية عن الحوم بأنه رجل شجاع لكنه تأخر للحضور حيث ظلت القنبلة في البيت عدة أسابيع.
ولفت الكاتب انه وفي "أثناء تناول طعام الغداء الذي اشتري من مطعم للكباب في بيت لاهيا تحدث الحوم عن زوجته القلقة دائمة عليه وولديه وبناته الخمس وعائلته الكبيرة".
وقال إن شقيقه عبد الجواد الحوم (33 عاما) استشهد في غارة إسرائيلية وكان مقاتلا في كتائب عز الدين القسام التي انضم إليها بعد موت أخ لهما في السجون الإسرائيلية مشيرا إلى أنه "كان غاضبا وانضم وهو صبي، ربما كان عمره 12 أو 13 عاما، وتدرج في الكتائب حتى أصبح قائدا في بيت لاهيا، وكان في بيت صديق في الخطوط الأمامية واستشهد مع اثنين من رفاقه".