لم تكن الحاجة "أم سالم" تظن أن قوات الاحتلال ستمنع دخولها للمسجد
الأقصى مع من رافقها من نساء، تقول لمن حولها: "حاولت الدخول من باب العامود الا أن قوات الاحتلال المتواجدة هناك منعتي من الدخول، عرفت لاحقا أنهم يمنعوننا من الدخول بسبب وجود المستوطنين في الأقصى، لأول مرة أعرف أن النساء يمنعن من دخول الأقصى، حتى أيام المواجهات كان يسمح لنا بالدخول".
على خطى الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل المقسم مكانيا بين المسلمين واليهود، يسير حال المسجد الأقصى، لكن هذه المرة تقسيما زمانيا، تمهيدا للتقسم
المكاني، هذا ما أكده عدد من الشخصيات المقدسية والإجراءات
الإسرائيلية على أرض الواقع.
ويتمثل
التقسيم الزماني للأقصى، بمنع المسلمين الدخول اليه حتى النساء، في أوقات معينة وأيام محددة وخاصة في الفترة الصباحية قبل صلاة الظهر.
وقال أنس غنايم من مؤسسة الأقصى للوقف والتراث لـ"عربي21": "من يتابع آخر التطورات التي يشهدها الأقصى يدرك أن الاحتلال بصدد تنفيذ مخطط، فهو يتعمد منع المصلين من دخول الأقصى حتى في وقت الظهر، أحيانا يكون هناك منع كامل وأحيانا يتم تحديد جيل معين من سن الثلاثين فما فوق، ويشمل ذلك أبناء القدس نفسها وهي خطوة جديدة أصبح الاحتلال ينتهجها خلال الشهر الأخير ولم يكن معهودا في السابق، كما يتم منع النساء بشكل كامل من الدخول في أوقات المنع".
ولحد الآن كما يقول غنايم، لم يتم الحصول على مخططات ووثائق تؤكد بشكل جدي أن مخطط التقسيم بدأ فعليا ولكن كل الإشارات على الارض تدل على أن هناك نية وصفها بـ"الخبيثة" بفرض مخطط تقسيم زماني في هذه المرحلة.
وأضاف: "كان هناك جلسة للجنة الداخلية في الكنيست حضرها أعضاء كنيست ومنهم نائب رئيس الكنيست ونشطاء في منظمات الهيكل المزعوم وممثلين عن الشرطة ووزارة الخارجية والسياحة كلهم أجمعوا على أنه يجب فصل بين المسلمين واليهود أثناء اقتحامات المستوطنين ووضع حد عازل لمسافة 100 متر وهذه مطالبات جديدة غير معهودة في السابق في السابق كنا نتحدث عن تقسيم زماني واليوم نتحدث عن تقسيم زماني ومكاني".
ونوه إلى أن من السياسات الجديدة للاحتلال إغلاق كافة بوابات المسجد الخارجية عدا أربعة أبواب باب والأسباط والمجلس وباب السلسلة وباب حطة، بينما مفاتيح باب المغاربة بيد الاحتلال حيث يتم اغلاق كافة الأبواب حتى صلاة الظهر.
وأكد أن السبيل الوحيد لإيقاف هذه الممارسات والحد منها هو "التواجد اليومي في المسجد من خلال الرباط فيه والمشاركة في أيام النفير".
وكان نائب الكنيست الإسرائيلي موشيه فيجلين، اقتحم صباح الأحد ساحات المسجد الأقصى، قبل أن يغادر من باب السلسلة، وسط أجواء من التوتر سادت صفوف المصلين.
وأفادت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" في بيان لها أن فيجلين اقتحم صباح اليوم المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، برفقة عشرين مستوطناً، وبحراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ونظم جولة في انحاء متفرقة من الأقصى، وسبق هذا الاقتحام اقتحام نحو عشرين مستوطنا، يتقدمهم الحاخام والناشط الليكودي "يهودا جليك".
وحذّرت "مؤسسة الأقصى" من تداعيات التصعيد الاحتلالي الاسرائيلي بحق المسجد الأقصى، خاصة منع النساء بشكل كامل من دخول الاقصى منذ ساعات الصباح وحتى ما قبل ساعات الظهيرة، وأحيانا الى ما بعد صلاة الظهر، بالتزامن مع إغلاق أغلب بوابات الأقصى، وتحديد أعمار أجيال الرجال، وذلك منذ مطلع الشهر الجاري، وبشكل يومي. وقالت المؤسسة إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تهيئة أجواء احتلالية لمحاولة فرض تقسيم زماني أو مكاني للمسجد الأقصى، أو فرض صلوات يهودية وشعائر تلمودية فيه.
خطة قديمة جديدة
بدوره قال الباحث في قضايا القدس عبد السلام عواد لـ"عربي21"، إن خطة تقسيم الأقصى هي خطة قديمة حديثة وستظل مستمرة.
وأضاف: "هذا المخطط وضعه كل أركان دولة الاحتلال، سواء المدنية أو العسكرية أو السياسية، فكل هذه الجهات تكمل دور بعضها لتقسيم الأقصى وتنفيذ المخططات المرسومة منذ زمن والاحتلال يستغل الظرف الحالي وانشغال الفلسطينيين والعرب بالعدوان على غزة للانقضاض على الأقصى وتقسيمه واقتحامه، ويرى في ذلك فرصة ذهبية لتنفيذ بعض مخططاته".
ومدى احتمالية تطبيق الاحتلال لما فعله بالحرم الابراهيمي على المسجد الأقصى قال: "هناك تخوفات من تكرار ما حدث في الحرم الابراهيمي في المسجد الأقصى لا شيء غريب على الاحتلال، وما يحدث في الآونة الأخيرة من اقتحامات للمسجد والاعتداء على المصلين وطلاب وطالبات مصاطب العلم وعملية قتل الفتى محمد أبو خضير كل ذلك دلالات على نية الاحتلال عمل شيء ولا نستبعد أن يقوم بحماقة تغطي على انتكاسته في العدوان على غزة".
ونوه إلى أنه "في حال تقسيم الأقصى يمكن أن يؤدي ذلك الى انتفاضة جديدة على مستوى الوطن، وقد يؤدي الى تظاهرات عارمة وانتفاضة كل العالم العربي والإسلامي، ومع الحرب في غزة الانتفاضة ستنتقل للضفة الغربية، يمكن ان يكون التقسيم شرارة البداية للانتفاضة الثالثة كما كان اقتحام شارون للأقصى شرارة البداية للانتفاضة الثانية".
من جهتها قال الصحفية المقدسية بيان الجعبة لـ"عربي21": "كنا نحذر من فترتين زمنيتين يغلق فيها المسجد الأقصى حيث الفترة الصباحية من الساعة 7:30 - 11:00 والفترة المسائية من الساعة 13:30- 14:30، فأصبح اغلاق كاملا من الساعة 7:30 - 14:30، ولكن المسلمون لم يفيقوا من صرخاتنا بعد، أيعقل هذا؟ الساعة 2:55 فقط فتحت أبواب المسجد الأقصى أمام المرابطات والمرابطين الذين أتوه منذ ساعات الصباح".
جنود الاحتياط في باحات الأقصى
الى ذلك قال الصحفي محمد كامل عابدين لـ"عربي21" إن "التقسيم الزماني للأقصى ليس من الان وإنما منذ أشهر عدة، التقسيم الزماني متعلق بالوقت، يدخل المستوطنون بشكل كثيف وبأعداد محدودة بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال وجنوده، وفي أحيان كثيرة يكون المستوطن بصحبة أبنائه، حيث يقول لأبنائه أن هذا المكان لنا وأن الهيكل هنا وسنبنيه هنا".
وأضاف: "يصحب اقتحام المستوطنين للأقصى اقتحام كمية كبيرة من الجنود الاحتياط الجدد، حيث يتم اقتحامهم للأقصى قبل نزولهم إلى ميدان، ليتم تعريفهم بأن هذا المكان –المسجد الأقصى- لليهود، ودخل عدد منهم لمسجد القبلي دون خلع أحذيتهم، كما أن المجندات أخذن صورا خادشة للحياء متخذات قبة الصخرة خلفية لهن".
وتابع: "العالم لا يفهم معنى التقسيم ومخاطره، من خلال هذا التقسيم يسيطر المستوطنون على الأقصى فعندما يدخلون الأقصى لا يوجد أي مصل عربي، فهم يدخلون للتعرف على المسجد واستطلاع للمكان، اضافة الى التأثير على مصاطب العلم وايجاد حالة من التوتر بين الطلاب".
ونبه عابدين أن "تقسيم الوقت وأفراده ليس فقط لليهود وإنما أيضا للسياح الأجانب، الذين يدخلون الى باحات المسجد الأقصى وقد أفهمهم الاحتلال أنه مكان يهودي، وبإمكانهم أخذ الصور بالطريقة التي يرونها مناسبة".
وحَول الاحتلال مدينة القدس ومحيط المسجد الأقصى في شهر رمضان هذا العام إلى ثكنة عسكرية، ومنع المصلين من الوصول إلى الأقصى والصلاة فيه، كما منع الاحتلال الآلاف من اقامة ليلة القدر في الأقصى.