بدأ موضوع تعدد الزوجات كظاهرة اعتيادية داخل منازل
الغوطة الشرقية المليئة بآلام المحاصرين والجياع، بعد أن كان مشهد تعدد الزوجات قبل سنوات الثورة من المشاهد الغريبة والقليلة التي قد تحدث في المنطقة ذاتها.
فمنذ اليوم الأول من انطلاقة
الثورة السورية كانت نسبة القتل والاعتقال مرتفعة جدا في صفوف الذكور مقارنة مع القتل والاعتقال الذي طال الإناث، وبلغت هذه النسبة أوجها في مناطق الغوطة الشرقية عموما ومدينة دوما على وجه الخصوص التي قتل فيها ما يقارب 2521 من الذكور مقابل 212 امرأة.
هذه المفارقة الرقمية تعود أسبابها لأمور شتى من بينها التحاق معظم سكان المناطق الثائرة من الذكور ضد نظام الأسد في صفوف الجبهات التي تقصف بشتى أنواع الأسلحة ليلا نهارا، إلى جانب العديد من الضحايا في صفوف الثوار ممن غادروا الحياة أو اعتقلوا تاركين خلفهم زوجات وعائلات دون معيل.
جاءت فكرة الزوجة الثانية والثالثة لدى شبان الـغوطة الشرقية كرغبة في مساعدة العديد من النساء اللواتي ربما يتشاركن منزلا وزوجا واحدا وفقا للشاب العشريني "أ.ع" الذي يعمل كبائع في أحد المحال وقام بالزواج من امرأة قضى زوجها فـي إحدى معارك الجيش الحر تاركا طفلين يتيمين.
ويضيف الشاب لـ"عربي 21" إن "فكرة
زواجه الثاني لم تأتِ في إطار أي خلاف ما بينه وبين زوجته الأولى بل على العكس تماما فقد كانت الفكرة عن تشاور وتراض، بحسب وصفه، حيث أن "المرأة التي اختارها للزواج الثاني تكبره سنا وكان تعرف عليها من خلال أحد المكاتب الإغاثية المعنية بدراسة أوضاع العائلات".
وبرر ذلك بأن تأمين المعيشة في المنطقة المحاصرة مختلف تماما عن المعيشة ضمن أسوار مدينة عادية تتوفر فيها مقومات العيش ورفاهيته.
وتابع: "الحياة في الغوطة الشرقية باتت صعبة جدا بالنسبة لفتاة لا رجل لها، فلا مواصلات لجلب حاجيات المنزل ولا كهرباء ولا ماء"، نحن الشباب نتعب لنأمن لقمة اليوم فكيف بيكون وضع الإناث".
يرغب "أ.ع" بالزواج للمرة الثالثة من امرأة قضى زوجها في أحد المعتقلات فبحسب قوله "وضعه المالي جيد وهو قادر على حمل مسؤولية أكثر من عائلة"، موضحا أن "موضوع تعداد الزوجات في الغوطة الشرقية على وجه الخصوص لا علاقة له بالضرورة بالتشدد الديني أو اتباع السنة لدى البعض لأن كثيرون أقدموا على تلك الخطوة هم أشخاص عاديون تعاطفوا مع الوضع القائم".
بدوره، اضطر أبو أحمد الرجل الأربعيني العالق في الغوطة لأن يتزوج مرة ثانية، مع أن الأمر ليس واردا في منطق حياته لكن عائلته العالقة في دمشق منذ أكثر من سنة جعلته يلاقي صعوبة في إدارة حياته بمفرده وقضاء أيامه وحيدا دون وجود من يهتم به داخل المنزل.
ولم ترفض العديد من نساء الغوطة الشرقية هذا الموضوع ولم يرونه مجحفا بحقهن، حيث قالت "م.ب" إن "الأمر ليس طرحا من طروح المثالية بل أصبح أمرا ضروريا واعتياديا أمام أعداد النساء التي لم يبق لها من يرعاها في تلك الظروف القاسية، حتى عند بعض الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد حيث لا مشكلة في العديد منهن في أن تقدم على الزواج من رجل له زوجة أو اثنتين".
وبينت لـ"عربي 21" أنه "عندما كنا نتكلم عن رجل متزوج مرة ثانية نشعر بالحزن على زوجته الأولى، أما الآن أصبح هذا الأمر طبيعيا مثله مثل القذائف اليومية المتواترة على آذاننا".
وعلى عكس هؤلاء النساء أبت أخريات القبول بالزواج المتعدد ما أدى لحدوث حالات طلاق قليلة، واصفين الأمر على أنه خيانة زوجية أيا كانت الأسباب التي تداعت لذلك حتى وإن كن تحت ظروف الحرب.