لم يكن يعلم "محمد" عندما ترك كلية الهندسة في العاصمة السورية دمشق قبل تخرجه بقليل وانضمامه إلى صفوف الثوار، أن الثورة ستستمر وقتا طويلا، لكنه على الرغم من ذلك لم يندم على قراره أبدا، "فالثورة أصبحت قضيتي اليوم، وسأعود للدراسة عند انتهاء ثورتنا واستقرار البلاد إن كنت من الأحياء"، وفق ما قاله لـ"عربي 21".
العديد من طلاب
الجامعات في
سوريا تركوا تعليمهم للالتحاق في صفوف قوات المعارضة، فمنهم من كان له نشاط واضح في شتى مجالات الثورة الإغاثية والإعلامية، في حين لجأ آخرون لمخيمات اللجوء في دول الجوار بحثا عن الأمان، بعد اشتداد المعارك في مناطقهم وانقطاع سبل البقاء في بلداتهم وصعوبة استكمال دراستهم، بينما فضّل آخرون الرحيل خارج البلاد لمتابعته دراسته متحملا بذلك أعباء جديدة نتيجة التكاليف الكبيرة المتوجب دفعها لنيل الشهادة الجامعية.
وعانى الطالب السوري "سليم"، -الذي شارك بداية في معظم فعاليات الثورة منذ اشتعالها- قبل أن يسافر إلى مصر ليكمل دراسته فيها بعد أن أصدرت قوانين تنص على استقبال الطلاب السوريين لمتابعة دراستهم مع وجود تسهيلات جيدة، وذلك في عهد الرئيس السابق محمد مرسي.
لكن سليم قال لـ"عربي 21" إن الوضع لم يستمر على هذه الحال بعد مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أوضح أن القوانين التي صدرت حديثا ضيّقت على الطلاب السوريين، مبينا أن الكثير من السوريين اضطروا للسفر إلى أوروبا بطرق غير نظامية، الأمر الذي أودى بحياة الكثير منهم، حيث أصبحوا "فريسة لتجار الدم وأمواج البحر".
أما في المناطق التي مازالت تحت سيطرة قوات النظام، فيتابع الكثير من الطلاب دراستهم رغم غياب الكثير من الطلاب والأساتذة بين قتيل ومعتقل، لتبقى بذلك الجامعات السورية تحت سلطة الهيئات الإدارية الطلابية التابعة لمخابرات النظام السوري.
ومن جانبه، تحدث الطالب في جامعة دمشق "فواز" لـ"عربي 21" عن الوضع الصعب الذي يواجهه طلاب الجامعة تحت هيمنة الهيئة الادارية التي لها صلاحيات واسعة باعتقال أي طالب يمكن أن يتعاطف مع الثورة أو ينفذ أي نشاط ثوري.
وأوضح أن الاعتقال قد يكون نتيجة تصفية حسابات شخصية بحجة التعامل مع الثوار مع غياب واضح للكفاءات التدريسية في الجامعة، لاسيما بعد سفر أغلب الأساتذة المعتمدين في الجامعة، تحت ضغط المخابرات والهيئات الإدارية التي اعتقلت الكثير من الطلاب دون سبب، وضيّقت على الأساتذة المتعاطفين مع الطلاب، حيث تم تسجيل بعض حالات الاعتقال لبعض المدرسين،على حد قوله.