عاشت مدينة
طنجة في شمال
المغرب صباح الأحد، أجواء هدوء حذر بعد ليلة من
المواجهات الدامية التي شهدتها عدد من أحياء المدينة بسبب عملية "ذبح" مواطن إفريقي من أصول سنغالية بخلفية
عنصرية، في وقت فتحت فيه النيابة العامة تحقيقا، وأوقفت 9 أشخاص.
وتفجرت الموجة الجديدة من العنف على خلفية "عنصرية"، بحسب شهود عيان، مساء السبت عندما هاجم عدد من سكان حي العرفان من "المغاربة"، شقة يقطن بها عدد من المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، بعد إشاعة مفادها تحويل البيت إلى "وكر للدعارة وبيع الخمور".
وأكد الشهود، في تصريحات لـ"عربي21"، أن "المواجهات أسفرت عن مقتل أحد المهاجرين الأفارقة "ذبحا" فيما نقل العشرات إلى مستشفيات المدينة، بعد تعرضهم لإصابات متفاوتة الخطورة".
وأضاف الشهود أنه "بعد وصول خبر وفاة الشاب الإفريقي، الذي تبين فيما بعد أنه من أصول سنغالية، تجمع عشرات الأفارقة المقيمين في الحي، والتحقت بهم مجموعات أخرى من الأحياء المجاورة، ما دفع شباب الحي من المغاربة للتجمع أيضا، وتنطلق موجة جديدة من المناوشات باستعمال الحجارة هذه المرة".
وبحسب ذات المصادر، فإنه لم تنته المواجهات إلا بعد تدخل القوات العمومية، التي تعاملت بعنف مفرط مع الطرفين، فأصابت واعتقلت بدورها 9 أشخاص على الفور وأحالتهم على النيابة العامة.
واعتبر حسن حمورو عضو المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، أن "هذه الأحداث التي تتجدد بين الفينة والأخرى، بين مغاربة الشمال وبين المهاجرين الأفارقة مدعاة للتساؤل، خاصة وأن المغاربة لم يعرفوا بعنصريتهم تجاه سكان جنوب الصحراء".
وأضاف حسن حمورو، في تصريح لـ"عربي21" أن "ما يقع يسائل السلطات العمومية، حول المقاربات التي تتخذها في التعامل مع هذه الأحداث العنصرية المؤسفة، التي يذهب ضحيتها الأبرياء الذين هاجروا بلادهم بحثا عن تحسين أوضاعهم المعيشية في أوروبا".
ودعا الناشط الحقوقي، السلطات العمومية إلى فتح تحقيق في هذه الجريمة، والكشف عن ملابساتها، ونشر التقرير كاملا حتى يتمكن الجميع من معرفة تفاصيل الأحداث وتحديد الأطراف المتورطة في هذه الموجة العنصرية المتصاعدة، وتعميم خلاصاته، حتى لا تتكرر هذه الفاجعة في مستقبل الأيام".
في ذات الاتجاه أعلن الوكيل العام للملك بالمدينة فتح تحقيق دقيق ومعمق في المواجهات التي نشبت بحي العرفان، التابع لمنطقة بوخالف بطنجة، بين بعض الشباب من سكان الحي ومرشحين للهجرة السرية ينحدرون من دول جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى".
وقال بلاغ لدن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بطنجة، حصل "عربي21" على نسخة منه، إن الشرطة القضائية الولائية قد تمكنت من إيقاف بعض المشتبه بهم خلال مشاركتهم وتورطهم في تلك الأحداث، إذ سيحالون على النيابة العامة فور انتهاء البحث، وذلك لاتخاذ القرار المناسب بخصوصهم.
إجراءات النيابة العامة، تزامنت مع إعلان ولاية الأمن بطنجة أن سبب المواجهات مرده إلى "خلاف نشب بين فرد يقطن بحي العرفان، بمنطقة بوخالف، وآخر ينتمي لمجموعة مرشحين للهجرة السرية، حيث جرى خلال تلك المواجهات التراشق بالحجارة بين أفراد المجموعتين، قبل أن تتمكن عناصر الأمن من اعتقال 9 منهما".
هذا وكانت شرارة الأحداث الدامية قد انطلقت على إثر مشاداة كلامية بين مواطنين مغاربة، بحي العرفان، ومهاجرين يحملون جنسيات إفريقية مختلفة، حيث احتج أبناء الحي على بعض الممارسات الصادرة عن بعض الجنوب صحراويين، خاصة ما رأوا أنه غير مناسب من استغلال شقق يكترونها لتعاطي الدعارة وتناول الخمور والمخدرات.
الاحتجاج سرعان ما تحول إلى مواجهات بدنية، استخدمت فيها الحجارة والأسلحة البيضاء، لتسفر عن مقتل شاب من جنسية سينغالية، فيما تم تداول شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعية لذات القتيل وهو وسط دمائه الناجمة عن عملية ذبح.
وأعادت أحداث مساء وليل السبت، إلى الأذهان أجواء التوتر من جديد على العلاقة بين المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء والمواطنين المغاربة في الشمال المغربي، التي عاشها حي بوخالف في طنجة بداية شهر غشت الماضي، حينما هاجم عدد من المواطنين المغاربة بأسلحة بيضاء مهاجرين منحدرين من دول جنوب الصحراء الإفريقية خلف إصابة عدد منهم بإصابات استدعت نقلهم إلى المستشفى.