أرجوك لا تشعر بالصدمة عزيزي القارئ من عنوان المقال فأنت لست المقصود من حكم المحكمة بالمنع من أداء
صلاة الجمعة في جماعة ما دمت خارج قضبان السجن أو بالأحرى لست عضواً بارزاً في
جماعة الإخوان المسلمين (الإرهابية حسب تصنيف النظام) القابعين في غياهب سجن طرة، ذلك أنهم فقط المعنيون بقرار قضائنا الشامخ!
فى
مصر ما بعد 30 يونيو لا ينبغى أن نتعجب من أى قرارٍ لمحكمة أو حكمٍ لقاضٍ شامخ مهما كان مستوى شططه حتى لو قضى بجواز طلوع الشمس من المغرب بدلاً من المشرق!!.. فهؤلاء القضاة الشوامخ لا يجوز أن نفقد الثقة فيهم مطلقاً ذلك أن "وحى" الحق والعدل يأتيانهم من السماء مباشرة وبالتالى لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم حتى وصلوا إلى قمة الشموخ بلا سقفٍ أو حد إلى الدرجة من الكمال لا يستقيم معها مجرد النقد من قريبٍ أو بعيد!.. فهنيئاً لمن أحبهم وأحبوه هؤلاء القضاة ،فقد تفتحت له أبواب جنة الخلد يدخل من أيها شاء!.. ويا بخت من كان القاضى خاله!.
فقد قضت محكمة
القضاء الإدارى الأحد 31 أغسطس الماضى بعدم قبول دعوى تطالب بالسماح لقيادات الإخوان المحبوسين فى سجن طره بأداء صلاة الجمعة جماعة ، وكان عدد من قيادات الجماعة المحبوسين ، من بينهم نائب المرشد العام المهندس محمد خيرت الشاطر والقيادى د. محمد البلتاجى وآخرون من قيادات الإخوان ، أقاموا دعوى أمام القضاء الإدارى طالبوا فيها بالسماح لهم بأداء صلاة الجمعة فى جماعة ، خاصة أن معظمهم محبوسون انفرادياً بسجون طره ، وهو ما يحول بينهم وبين أداء فريضة كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، على حد وصف صحيفة الدعوى.
قد يبدو الخبر طبيعياً فى ظل ما تعيشه مصر من انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان يعجز القلم عن حصرها خاصةً عندما تكون تحت مرمى ومسمع من مؤسسة القضاء بل والمشاركة فى الكثير منها بالتورط المباشر سواء بالسكوت أو بالتواطؤ المباشر بإصدار أحكام تخالف فى جوهرها صحيح القانون وتصدم المجتمع فى نخوته وأخلاقه يستطيع تفنيدها أصغر طالب فى كلية الحقوق!، وفى ظل حالة الكراهية التى ترعاها السلطة تجاه فصيل اسلامى بعينه(الإخوان المسلمين) أيضاً قد يبدو الأمر مستساغاً لدى خصوم الإخوان تغليباً لحالة التشفى فى إذلالهم بغض النظر عن المشاعر الإنسانية والضمير الحى ، لكن على المستوى الأخلاقى فالأمر صادماً حيث المردود العكسى الخطير على مدى ثقة المصريين والمظلومين على وجه الخصوص من نزاهة عملية التقاضى ومن ثم نزاهة القضاء برمته ، فماذا ننتظر ممن أُغلقت دونه أبواب الرحمة ؟! فلمن يلجأ بعد الله على الأرض إذا فقد الثقة تماماً فى (مؤسسة العدالة ) الجهة المنوط بها إرساء مبادىء العدالة وإعطاء كل ذى حق حقه ،وأيقن أن هذه المؤسسة هى جزء من مشكلته وليس الحل كما هو المفترض؟!.. ثم نجأر بالشكوى بعد ذلك من الإرهاب! فإذا لم يأتى الإرهاب من قسوة الظلم وضراوة القهر وشدته ثم لا تجد (القضاء) يقضى لك بحقك ويضرب على يد الظالم أيّاً كان فمن أين يأتى إذا كانت السلطة هى من تدفع دفعاً باتجاه اللجوء إلى العنف كحل أخير لا مفر منه ، وحتى لا يُساء فهمى من بعض المغرضين ومرضى النفوس فهذه ليست دعوة على الإطلاق لانتهاج العنف سبيلاً للحصول على الحق ورد المظالم لكنها النتيجة الطبيعية لقسوة الضغوط وآلام الظلم والقهر وهذا ما يعزز لدى ولدى الجميع قناعةً أؤمن بها منذ عدة سنوات أنه ليس بمصر قضاء مستقِل( بكسر القاف) بل هناك قضاة مستقلون كأفراد وليس كمؤسسة طالها ما طالها من اختراق وتغلغل كبقية مؤسسات الدولة ،ذلك أن فى مصر قضاء مستقَل(بفتح القاف) أى مستخدَم والفرق كبير والبون شاسع بين اللفظين!.
إن الصورة العامة لمصر بعد 30 يونيو مفادها باختصار أنه إذا أظهرت تدينك ومدى التزامك الأخلاقى والسلوكى استناداً لتعاليم الإسلام فأنت متهم فى الحال حتى تثبت مروقك من الدين وربما إلحادك فضلاً عن انحلالك الخلقى!.. فمن هنا أنت آمن فى نفسك ومالك وعيالك، فقد وضعت سلطة الدبابة نفسها فى خصومة مع الدين (الإسلامى فقط) بطبيعة الحال، وارتأت المواجهة المباشرة والعلنية مع الإسلاميين بالقتل والاضطهاد والاعتقال والمطاردة والتشويه والتشريد والعزل من الوظائف ومصادرة الأموال! ، والأخطر هو التجرأ على الدين والعقيدة برعاية الدولة والأزهر ودار الإفتاء، والأمثلة كثيرة ومثيرة للاشمئزاز عبر سيلٍ من الفتاوى الشاذة المنحلة الصادرة للأسف من علماء دين ينتسبون للأزهر الشريف وكانت قمة المساخر التى نعيشها فى زمن الانقلاب زواج شابين من الشواذ فى حفل صاخب على نيل القاهرة تم تداوله على موقع (اليوتيوب) تحت مرأى ومسمع من جميع أجهزة الدولة الأمنية والدينية وكأن السلطة تريد أن تبعث رسالة حاسمة للشعب مفادها أن الذات السيساوية أهم وأعز وأقدس من الدين والمقدسات والعقائد الربّانية ، فالكل مستباح حتى دين الأمة إلاّ الزعيم المُفدّى رئيس البلاد ومخلص العباد من جماعة الإخوان الأوغاد!.