ذكر محافظ ديالى السابق عمر الحميري، أن التقرير النهائي لوزارة الداخلية الخاص بالتحقيق في عمليات إعدام جماعي تمت لمعتقلين في المحافظة على خلفية طائفية جاء بنتائج وتوصيات صادمة وفي مقدمتها الإيعاز بتكريم ابرز المتهمين بالجريمة، في وقت بينت عوائل الضحايا أن التقرير كان متوقعاً لأن ضباط جهاز الشرطة لعبوا دور القاضي والخصم في ذات الوقت.
وقال الحميري في حديث خاص، إن سياسيين ومسؤولين من المحافظة طالبوا وزارة الداخلية بالتحقيق في الموضوع من أجل الإجابة على الأهالي الذين يريدون معرفة الحقيقة، مضيفاً أن الوزارة شكلت لجنة ضمت عدداً من كبار الضباط للتحقيق في ملابسات الحادث وأنها خلصت في توصياتها إلى
تكريم 4 من الضباط بدلاً من معاقبتهم، كما وصف التوصية بأنها صدمة للجميع وفي مقدمتهم ذوي المعتقلين.
وكان مصدر أمني، كشف في منصف شهر حزيران الماضي عن العثور على اكثر من 50 سجين وجدوا مقتولين في مركز للشرطة في مدينة بعقوبة شمال العاصمة بغداد، فيما تضاربت الرواية الرسمية مع رواية شهود العيان، ففي الوقت الذي صرحت وزارة الداخلية
العراقية أن الوفيات نجمت عن قصف مركز الشرطة بقذائف الهاون من قبل مسلحي "داعش"، فإن ذوي السجناء أكدوا أن ضباط وعناصر الشرطة أعدموا الموجودين بشكل جماعي قبل يقوموا بإخلاء المركز.
وأضاف الحميري، أن اللجنة اكتفت بزيارة موقع الجريمة، ولم تستمع لأي شخص من شهود العيان الموجودين قرب مركز الشرطة ،ولم تدون إفادات ذوي السجناء المعدومين، ولم تأخذ بتقرير الطب الشرعي الذي سجل وقت وطبيعة عملية القتل.
كما بين أن اللجنة لم تتصل بأي جهة في الحكومة المحلية لمحافظي ديالى، وإنما اكتفت بالاستماع لشهادات الضباط العاملين في المركز والذين هم أصلا متهمين بالجريمة.
وأشار الحميري، إلى أنه اطلع بشكل شخصي على تقرير الطب الشرعي الذي سجل سبب الوفاة بانه ناجم عن إصابات بليغة جراء التعرض لإطلاقات نارية من مسافة قريبة تراوحت بين المترين والثلاثة، وهذا يناقض تماماً رواية وزارة الداخلية التي زعمت بأن الوفيات حصلت بسبب الشظايا الناجمة عن سقوط قذائف هاون بشكل مباشر على مركز الشرطة.
ولفت إلى وجود أكثر من عشرة شهود من منتسبي الشرطة يؤكدون رواية الإعدام التي جرت علي أيدي رؤسائهم، ولكنهم يخشون من التصفية الجسدية في حال إدلائهم بالشهادة في المحكمة، منوها إلى إن الدافع الطائفي كان هو المحرك الأساسي للقيام بهذه الجريمة.
وأوصت لجنة
التحقيق بحسب وثيقة رسمية صادرة منها حصلنا على نسخة منه، بتكريم ضابط برتبة مقدمة وثلاثة اخرين برتبة نقيب "يتهمه الأهالي بأنهم من أعطى أوامر الإعدام" بالإضافة إلى المطالبة بزيادة تحصينات مركز الشرطة كونه يقع في منطقة ساخنة وحاضنة للإرهاب "على حد تعبير الوثيقة".
إلى ذلك، يرى والد اثنين من المعدومين علاء القيسي، بأن ضباط الشرطة في وزارة الداخلية لعبوا دور القاضي والحكم في هذه القضية لأن لجنة التحقيق هي من الضباط الذين يحققون في جريمة ارتكبها ضباط آخرين، وبالتالي فانهم لم يكتفوا ببراءة زملائهم وإنما ذهبوا إلى حد التوصية بتكريمهم.
وشدد القيسي في حديث خاص، أن ولديه اعتقلا بتهمة "4 إرهاب" التي خصصتها الحكومة لأبناء المكون السني وأنهم كانوا بانتظار إرسال أوراقهم إلى محكمة الجنايات لتحديد جلسة مرافعة حين حصلت عملية الإعدام، مؤكداً أنها رسالة طائفية وبامتياز من الحكومة التي لم تعد تكتفي بإضفاء الشرعية على المجرمين وإنما أخذت تكرمهم على أعمال القتل التي يمارسونها.
من جانبه، اتهم محافظ ديالى عامر المجمعي وزارة الداخلية العراقية بالعمل على تكريم ضباط مسؤولين عن قتل عشرات الأبرياء في مركز للشرطة بدلاً من محاسبتهم.
وقال المجمعي في بيان تسلم حصلنا على نسخة منه، أن اللجنة المختصة بالتحقيق في إحداث مركز شرطة المفرق أوصت بتكريم المقدم هوبي التميمي وثلاثة من ضباط المركز، مبيناً أن الوزارة وبهذا العمل المثير للدهشة فانها تقوم بتكريم المسؤولين عن قتل الأبرياء في محافظة ديالى.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اتهمت السلطات العراقية بإعدام أكثر من 255 سجيناً سنياً حزيران الماضي، بينهم قاصرون تم إعدامهم من دون محاكمات شرعية في ست مدن وقرى من دون وجه حق.
وقالت المنظمة، إنها وثقت خمس مذابح لسجناء في الموصل وديالى والانبار وتبين بعد الاستماع إلى أقوال شهود قيام جنود من الجيش والشرطة العراقيين وميليشيات من الطائفة الشيعية موالية للحكومة بقتل السجناء.
وفي ذات السياق، دونت "منظمة العفو الدولية" شهادة أحمد زيدان الذي قالت أنه الناجي الوحيد من مذبحة مركز شرطة المفرق من خلال الاختباء بين جثث زملائه فيما كان عناصر شرطة ومعهم ضباط يطلقون النار بشكل مكثف داخل غرفة الاحتجاز، فيما تبين المنظمة أن الشاهد الذي كان راقداً في المستشفى اختطف فيما بعد وعثر على جثته في بقعة نائية مجاورة للمستشفى.