في ساعات الاستجواب الوحيدة في معسكر سالم شمال الضفة الغربية، وقف الأسير سمير شعيب من مدينة نابلس يستمع إلى سرد المحقق
الإسرائيلي لكل منشوراته على اشتراكه في "
فيسبوك" والمتعلقة بالحرب على غزة، والتي أشاد خلالها بالمقاومة والتعبير عن التضامن مع ضحايا الحرب.
يقول شعيب لـ"عربي21": "قبل دخول المحقق يبدو أنه استعرض كل مساهماتي على اشتراكي الخاص وكتب ملاحظاته للتحقيق معي، لكنه لم يستطع أن يجد أي مدخل لوضع بند اتهام واضح ضدي فكان تحويلي للاعتقال الإداري تحت بند ملف سري التحريض".
شعيب واحد من شباب اعتقلهم الاحتلال وحقق معهم حول نشاطهم وكتابانهم على ـ"فيسبوك"، منهم من تعرض للضرب وأطلق سراحه خلال ساعات في رسالة تهديد واضحة كما قال عدد منهم لـ"عربي21".
شعيب أوضح أن "الاحتلال من خلال التحقيق تبين أنه يتابع بدقة كل ما يكتبه
الفلسطينيون وبخاصة النشطاء على اشتراكاتهم، وكان يدقق بكل كلمة ويحاول اظهار أنها ممنوعة وتحريضية وتستجوب العقاب والاتهام".
وكان الاحتلال اعتقل الناشط على الفيسبوك صهيب زاهدة (31عاما)، في شهر آب/اغسطس الماضي من مدينة الخليل، على خلفية تعليق كتبه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وذلك بتهمة "التحريض ضد الإسرائيليين".
وأفرج عنه فيما بعد مقابل دفع كفالة مالية قدرها اربعة آلاف شيكل، أقرتها محكمة نظرت في قضية زاهدة، حيث فرضت المحكمة في البداية كفالة مالية قدرها 10 آلاف شيكل وأرفقت ذلك بمنع صهيب من العودة مجددا لاستخدام الـ"فيس بوك" لكنه اعترض على ذلك وتم في المحصلة قبول المحكمة بخفض الكفالة الى أربعة آلاف شيكل وإسقاط مسألة منعه من العودة لاستخدام الـ"فيسبوك".
وكان المستشار القضائي لحكومة الإسرائيلية، صادق على التحقيق مع الشاب زاهدة لأنه كتب منشوراً في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي ضد قائد لواء "غولاني" في جيش الاحتلال، غسان عليان، الذي أصيب خلال مشاركته في العدوان على غزة وتمنى له أن "يذهب إلى الجحيم"، وفقا لما نقلته صحيفة "هارتس" العبرية في عددها الصادر بتاريخ 1/9/2014.
الأسير أشرف عواد من بلدة عورتا جنوب شرق نابلس، اعتقلته قوات الاحتلال، وتتضمن لائحة الاتهام التي وجهت له: التحريض عبر "فيسبوك"، وأبرزت النيابة الاحتلالية صورا من مشاركاته على اشتراكه على "فيسبوك"، وأبلغ الأسير عواد محاميه أنه اجبر على فتح اشتراكه في غرفة التحقيق لاستعراض كل ما كتبه عليها.
أما الأسير المحرر أمجد ابو غوش فقال لـ"عربي21"، إنه رفض الاقرار بحساب بـ"فيسبوك" ادعى المحتل أنه يعود إليه. وأضاف:"هذا اسم مرادف لاسمي ولا استبعد ان يكون المحقق قد انشأته من أجل ايجاد ذريعة لمحاكمتي".
بدوره قال المحامي محمود محاميد، إن "اعتماد مشاركات الأسرى على صفحاتهم على الفيس بوك كبنود اتهام أمر في غاية السذاجة لأنه يدخل في باب حرية الرأي والتعبير ولم ينتقل إلى حد الفعل، كما أنه جزء من التضامن المجتمعي الفلسطيني عندما يتعرض جزء منه للقصف والقتل أن يتضامن الاخرون معه".
ونوه لـ"عربي21" إلى أن هناك "فشلا ذريعا في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في ملاحقة النشطاء الفلسطينيين خاصة في مجال الإعلام الاجتماعي، فيلجأ إلى التخويف عبر محاكمة أسير على كلمة أو عبارة أو صورة نشرها على صفحته".
وأوضح، أنه خلال الشهر الأخير لوحظ ارتفاع في بنود اتهام مستندة على مشاركات عبر "فيسبوك" بعضها تحت بند التحريض وأخرى تشجيع القتل والكراهية، فيما لم تتعدى الأحكام الصادرة من 4 -8 أشهر بسبب صعوبة اقتناع القضاة بطلب نيابة الاحتلال انزال عقوبات أشد.
فيما يرى الدكتور أمين ابو وردة، الباحث في الإعلام الاجتماعي، أن الاحتلال لديه توجهات لمحاكمة النشطاء الفلسطينيين على مشاركتهم في الحرب الالكترونية بالرغم من عدم وجود تشريعات واضحة لدى النيابة العسكرية الإسرائيلية لتنفيذ ذلك، ولكن تم بالفعل اصدار احكام متفاوتة بخصوص ذلك، من خلال ايجاد مبرر لتوجيه لائحة اتهام تتضمن التحريض على القتل أو ما يسمى الكراهية.
وأضاف أن "رسائل عدة وصلت من أسرى لإعلاميين تظهر أن جزء لا يستهان منه من التحقيق معهم تمحور حول وضعهم علامة اعجاب او مشاركة لموضوع منشور على الفيسبوك على وجه التحديد واحيانا تصفحهم لمواقع مساندة للمقاومة؛ كما يلاحظ مصادرة أجهزة الحاسوب لمن يتم اعتقاله".
ورد أبو وردة هذا التصعيد الإسرائيلي ضد نشطاء الإعلام الاجتماعي، إلى أن الاحتلال وخلال حرب غزة الأخيرة، "لاحظ تفوق الفلسطينيين في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من خلال بث الصور والفيديوهات والمعلومات أولا بأول مما كشف وفضح ممارسات الاحتلال. كما تعرض الاحتلال لضربة قاصمة خلال ساعات قليلة من شروع آلاف قراصنة الانترنت بمهاجمة المواقع الالكترونية الإسرائيلية بالرغم من توقعات بفصول تلك المعركة منذ فترة طويلة واتخاذ خطوات وقائية".