النظام بداخله صراعات مكتومة قد تنفجر عقب الانتخابات البرلمانية
التحالف مع التيار الثالث سيكون العنصر الحاسم في إدارة المعركة الحالية
لا تعارض بين المسار الثوري والمسار السياسي.. ولا توجد معركة صفرية
البرلمان القادم سيكون الأسوأ في تاريخ مصر لأنه أتى بعد ثورة مضادة
"الربيع العربي" في مرحلة انكسار لكنه سينتصر في جولة جديدة
تدشين المجلس العربي للدفاع عن الثورات والديموقراطية رسمياً في يناير المقبل
قال الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، إن هناك جهودا كبيرة يتم بذلها من أجل توحيد كل شركاء ثورة يناير 2011، وهناك الكثير من التحركات والخطوات الهامة في هذا الصدد، وربما يتم الإعلان عن كيان ثوري أشمل وأوسع قبل 25 يناير المقبل، لافتا إلى أن فرص وجود هذا الكيان قائمة وتتزايد يوماً بعد الآخر.
وأضاف- في حوار خاص لـ
"عربي 21"- أن المرحلة القادمة ستشهد تفعيلاً جديداً للمبادئ العشرة التي وردت في وثيقة بروكسل لتوحد ثوار يناير، وأن هناك تواصلاً بين أطراف سياسية عديدة تحت مظلة مبادئها العشرة، مشيراً إلى أن مطلب عودة الرئيس الأسبق محمد مرسي أمر غير مطروح الآن، وأنه يجب على الجميع التوافق حول ما هم متفقون عليه، وأن ينحوا جانبا القضايا المختلف عليها.
وذكر "نور" أن هناك صراعات مكتومة داخل أركان النظام القائم، وأن موعد انفجار هذه الصراعات سيكون عقب الانتخابات البرلمانية، والتي ستشهد انقساماً غير عادي في معسكر الانقلاب بعد الخلاف الكبير المنتظر حول توزيع "التورتة"، مؤكداً أن البرلمان القادم سيكون أسوأ برلمان في تاريخ مصر، خاصة أنه أتى بعد ثورة مضادة بامتياز.
وكشف زعيم حزب غد الثورة لـ
"عربي21" أنه على تواصل مع شخصيات من داخل النظام الحالي في أطار تواصله مع جميع الأطراف، فجذور الاتصال بينهم لم تنقطع أبدا حتى لو تجمدت أو أصابها البرود في بعض الأوقات، منوهاً إلى أن هناك جهود "غير معلنة" يقوم بها لمحاولة إنهاء الأزمة، رافضاً الكشف عن تفاصيلها.
وقال "نور" إنه لا توجد معركة صفرية، فكافة الحلول قائمة وواردة، بما فيها الحل السياسي. لكنه ألمح أن هناك دوراً لمن وصفهم بالعقلاء داخل النظام حتى هذه اللحظة، ولذلك لا توجد مؤشرات واضحة حتى الآن بحل الأزمة على الأقل حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأشار إلى أن ثورات الربيع العربي فقدت البوصلة والرؤية خلال الفترة الأخيرة، وهي الآن في جولة الانكسار، متوقعاً أن تكون هناك جولة جديدة ستنتصر فيها مرة أخرى بقيمها ومبادئها ونبل أهدافها وأفكارها وتضحياتها التي لن تذهب هباء.
وإلى نص الحوار:
ما هو تعليقك على الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الأمم المتحدة؟
ليست كلمة مفاجئة، فقد تحدث السيسي وكأنه يعبر عن خطاب محلي أكثر منه أمام مؤسسة دولية، وكان حاضراً أمام السيسي شبح الإخوان المسلمين، بالشكل الذي جعل كلمته بها الكثير من التفاصيل ذات الطبيعة المحلية، والكثير من المغالطات والتناقضات، فقد تحدث عن حل سياسي في سوريا وليبيا ثم لم يتحدث عن أي حل سياسي في بلاده (مصر)، فهل هذا كلام مقبول.
وتحدث عن أنه انشأ دولة القانون والعدالة في مواجهة الإقصاء الذي مارسه الدكتور محمد مرسي، إلا أن السيسي في الحقيقة يمارس أكبر وأبشع عملية إقصاء في تاريخ مصر المعاصر، وهذا كله يضعنا أمام تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة وكبيرة حول مدي مصداقيته.
هل انكسرت عزلة نظام السيسي دولياً خاصة بعد خطابه بالأمم المتحدة؟
أعتقد أن كلمة السيسي تعطي انطباع بأن هذا الأمر لم يحدث بعد، فالرجل منذ اللحظة الأولي يسعي لتأكيد أنه يمثل المصريين ويؤكد بين كل جملة وأخرى أنه يمثل المصريين ويمثل مصر الجديدة، ثم يتحدث عن الآلاف من المصريين الذين أتوا معه لمساندته، وبدأ كلمته بتحية هؤلاء ثم رفع شعاراً انتخابياً "تحيا مصر" شعار حملته الانتخابية في أطار خطابه.
وهذه الصورة الذهنية تعطي لك انطباعاً بأن الأمور ليست مستقرة بدرجة كافية، وأن السيسي لا يشعر بهذه الشرعية التي يسعي إليها، لكن بلا شك أن انتخاب السيسي وحضوره مؤخراً للأمم المتحدة كلها خطوات تحُسب إلى حد ما لرصيده، وإن كانت لا تضيف كثيراً في تقديري، في النهاية هي خطوات لابد أن نضعها في الاعتبار ونحن نقيم المشهد السياسي الآن.
ما هو تقييمك لأداء النظام الحالي والذي يحكم منذ 3 يوليو 2013؟
على الصعيد السياسي، لدينا نظام لا يمتلك أي رؤية للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها مصر، ولم يقم بأي جهد حقيقي في سبيل الخروج من هذا المأزق، وهذه الأزمة التي صنعها المسار الانقلابي في 3 يوليو، وكنا نتوقع بعد ترشح المشير السيسي للرئاسة أن يُقدم على إجراءات وخطوات إصلاحية، لكن يبدو أن خط التقدم على المسار الديمقراطي منذ 3 يوليو ومنذ تولي السيسي رئاسة البلاد في تقهقر مستمر وكبير.
وعلى الجانب الاقتصادي، هناك قلق كبير بشأنه، لأن الاستقرار السياسي هو الدعامة الرئيسية لأي خطوات اقتصادية حقيقية. وبدون شك، نجح السيسي على المستوى الإعلامي أن يصنع ظهير إعلامي واسع قبل وبعد توليه رئاسة البلاد، لكن الشعب المصري ينتظر الطحين، فلم ير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أي طحين للضجيج الذي صاحب دخول السيسي الحياة السياسية بالطريقة التي تمت منذ 3 يوليو وحتى الآن.
لكن هناك من يري أن هناك تحسناً ملحوظاً في بعض القضايا كأزمة الخبز وعودة الأمن ومشروع قناة السويس الجديدة وغيرها من الخطوات التي يصفونها بالإيجابية؟
قولاً واحداً، لا يوجد نظامه كله عيوب كما لا يوجد نظاما واحد كله مزايا، فهناك أوزان نسبية مختلفة للمزايا والعيوب، وأعتقد أن هذه الموازنة ليست – حتى الآن- في مصلحة السيسي ونظام حكمه، ونتمنى أن يُوفق وأن يُحقّق ما كان يتمناه منه أنصاره، لكن يبدو حتى الآن أن هذا لم يحدث بعد، بالقدر الكافي إلا على المستوى الإعلامي في إعلام السيسي المساند له.
وكيف ترى مستقبل السيسي في الحكم؟
أتمنى أن يدرك السيسي أن الدول الكبيرة مثل مصر لا تحكم بحكم الفرد ولا بالرجوع لقواعد ثار عليها ومن أجلها الشعب المصري، وعليه أن يدرك أنه لا أمل في إصلاحات حقيقية بغير مصالحة مجتمعية واسعة، فحالة الاستقطاب وتسميم الأجواء التي عاشتها مصر في مرحلة ما قبل 3 يوليو وما بعدها يجب أن تنتهي، ويبدأ صفحة جديدة تعتمد على فكرة دولة العدالة والقانون والقصاص لكل الشهداء الذين سقطوا من أجل هذا الوطن، وتؤمن بفكرة القبول بالآخر، وعدم الإقصاء كما أشار في خطابه بالأمم المتحدة، لكن للأسف على نقيض خطواته التي يتبعها منذ توليه مقاليد السلطة.
ما هي أسباب قوة وبقاء نظام السيسي حتى الآن؟
بسبب الدور الإقليمي الذي توحد على لجم الثورة المصرية منذ قيامها، وقد سنحت له الفرصة في مرحلة "الإخوان" من خلال تعاون قوى أخرى معه من داخل مصر، والعنصر الثاني لقوته هي الأخطاء التي وقع فيها المناهضين والمعارضين لحكم السيسي، لأنه في الحقيقية إذا كان أداء السيسي ضعيفاً فأداء معارضيه ضعيف أيضًا، وربما أنا لا أتحدث عمن يشاركون في التظاهرات ويقدمون أرواحهم في الشارع، لكني أتحدث عن النخب السياسية – سواء التي تحالفات أو رفضت التحالف مع السيسي- التي لم تدرك خطورة الارتداد عن فكرة مدنية الدولة والانقلاب على فكرة الاستحقاقات الانتخابية لصالح المسار الغير ديمقراطي الذي تسير عليه مصر منذ 3 يوليو.
وهل تعتقد أن السيسي استفاد كثيراً من التحالف الدولي ضد "داعش"؟
هو يسعي للاستفادة، وهذا كان واضحاً جداً أثناء خطابه بالأمم المتحدة، فهو لديه رغبة في الاستفادة من هذا التحالف في أطار معركته السياسية الخاصة به، وهذا كان مسيطرا على جزء كبير من في عقله الباطن في الكلمة التي ألقاها أمام الأمم المتحدة، فهي يسعي لنوع من أنواع من أنواع إقحام معركته السياسية في أطار المعركة ضد الإرهاب، وهناك أزمة سياسية لدى السيسي لن تُحل بمحاولة توسيع معركة الجبهة ضد "داعش" لتكون في مواجهة "داعش" وآخرين من خصوم المتحالفين في مواجهة "داعش".
كيف تنظر للدور الذي لعبه المجلس العسكري منذ ثورة يناير وحتى الآن؟
لدينا 3 مراحل انتقالية مرت بها مصر منذ ثورة يناير اتسمت جميعها بالفشل، ونستطيع أن نصف أداء المجلس العسكري في بعض الأوقات أنه كان أبعد من الفشل إلى درجة تصل به إلى حد التآمر على الثورة وعلى وحدتها وأهدافها واستحقاقاتها.
وقد لعب دوراً في غاية الخطورة منذ 11 فبراير 2011، فهو لعب على فكرة تقسيم الثورة وفتح فجوات وثغرات كبيرة بين شركاء الثورة، وبدأ يستدعى ناس ويستمع لناس ويُحرض ناس على ناس وإلى آخر المسارات التي يعترف بها الآن بدون أي خجل أو إحساس بالذنب.
هل تعتقد أن هناك صراعات داخل أركان النظام القائم؟
الأنظمة الاستبدادية دائما لا تخلو من الصراعات، وأعتقد أن الموعد الذي نستطيع أن نتوقعه بانفجار هذه الصراعات هو عقب الانتخابات البرلمانية، والتي ستشهد انقساماً غير عادياً في معسكر 3 يوليو بعد الخلاف الكبير المنتظر حول توزيع التورتة، مما سيسبب انفجاراً للصراعات المكتومة الآن.
لماذا لم يحسم حزب الغد موقفه من الانتخابات البرلمانية حتى الآن؟
أعتقد أنه سيعلن موقفه الرسمي عقب اجتماع الهيئة العليا للحزب في غضون الساعات الأخيرة من شهر أكتوبر، وقد يكون الاتجاه الغالب هو عدم المشاركة.
وكيف تنظر للبرلمان المقبل في ظل السماح لرموز الحزب الوطني المنحل بخوض الانتخابات؟
دائما كنت أقول أن البرلمانات التي تأتي بعد الثورات هي أسوأ برلمانات، لكن نحن سنكون أمام برلمان أسوأ من أسوأ البرلمانات، وسيكون الأسوأ على الإطلاق في تاريخ مصر، لأنه سيكون البرلمان الذي أتى بعد ثورة مضادة بامتياز، وسيعود رموز نظام المخلوع مبارك بشهوة ورغبة شديدة في السلطة والنفوذ، وستكون هناك أدوار بارزة إقليمية في وجود ممثلين لبعض أصحاب المصالح الإقليمية في البرلمان القادم.
وفي تصوري أن ثلث البرلمان القادم على الأقل سيكون من نظام "مبارك" ونوابه السابقين، والثلث الثاني سيكون مشتركاً بين الأجهزة الأمنية والقوى الإقليمية ذات التأثير الآن في مصر، والثلث الأخير من المستقلين وبقايا الأحزاب التي ستقبل المشاركة في هذه المعركة التي هي معبرة عن اتجاه وفريق ومعسكر واحد.
في ظل إحباط ويأس البعض وقبول الكثيرين بالأمر الواقع.. هل يمكن القول أن النظام نجح في القضاء على ثورة يناير تمامًا؟
بخبرة السنوات الماضية، هذه الإحباطات لا تعبر عن المسار والنتائج النهائية، فدائما كان هناك إحباط وقناعات بأن نظام مبارك لن يتغير وأنه نظام معادي في سطوته وقوته وقدرته على قمع معارضيه، وهذا كله لم يصمد يوم 25 يناير وسقط في أيام معدودة، ولذلك فإن الرهان على نفاد صبر الشعب هو رهان غير صحيح، والرهان على صدفة أو لحظة ما أيضًا رهان غير صحيح.
وعلينا أن نعمل وأن نتوحد، وأن نوحد مطالبنا ونتجمع حول المشترك وننحي المختلف عليه الآن، وعلينا أن نؤدي ما علينا من واجبات وطنية ديمقراطية، وأعتقد أن من يجتهد سيحالفه التوفيق وسيسانده الشارع في اللحظة المهمة والحاسمة والمنتظرة.
كيف تنظر لمواقف الحركات الثورية وتحديدا 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين والقوى التي تختزل مطالبها في إلغاء قانون التظاهر والأفراج عن المعتقلين وقول بعضهم أن التظاهر الآن بمثابة انتحار؟
أنا ضد فكرة أن يقتصر طموح بعض القوى الثورية حول هذه المطالب فقط، لكن بلا شك أن إلغاء قانون التظاهر هو مرحلة مهمة من نضال طويل من أجل استعادة الحرية والمسار الديمقراطي في مصر، ولا نستطيع أن ننتقص من المطالبة بإلغاء هذا القانون ولا يجب أن يكون المطالبة بإلغاء قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين هو أقصى طموح القوى الثورية الحقيقية التي يجب أن تسعى لتحقيق استحقاقات الثورة.
فلا يجب أن نفرط في أهداف وشعارات وقيم الثورة، حتى لو كان البعض يُغلب الحديث مرحلياً حول قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين، وهذا ليس اجتزاء من الكل، لكنه تكاملاً مع رؤية واضحة لدى كل القوى بضرورة استعادة المسار الديمقراطي والحقوق التي أقرتها ثورة يناير ومن بينها الحق في التظاهر وغيره من الحقوق.
كيف ترى ما يسمي بـ "التيار الثالث" الذي يرفض العسكر والإخوان.. وما هو حجم تأثيره في الشارع؟
هذا التيار موجود في المجتمع، ولاشك أن هناك أسبابا كثيرة لوجود فريق لم يَرَ في مرحلة حكم الدكتور مرسي أنها الأنسب أو الأفضل، وأيضًا لم يكن مع فكرة الانقلاب كما حدثت في 3 يوليو، وهو فريق كبير لا يمكن تجاهله، وأعتقد أن التعامل أو التحالف مع هذا التيار سيكون هو العنصر الحاسم في إدارة المعركة السياسية في المرحلة القادمة.
وهذا التيار يتزايد بسقوط وتراجع عدد كبير من معسكر 3 يوليو والذين كانوا يؤيدون السيسي في المرحلة السابقة، وأصبحوا الآن لا يؤيدون السيسي لكنهم أيضاً لا يؤيدون عودة شرعية الدكتور محمد مرسي، ويجب أن نضع هذا التيار في الاعتبار في بناء أي تحالفات سياسية أو مجتمعية جديدة.
بعد انسحاب حزبي الوسط والوطن من التحالف الوطني لدعم الشرعية.. هل تؤيد حله وانتهاء دوره؟
بداية، لم أكن عضواً بالتحالف الوطني في أي وقت من الأوقات، وبالتالي فليس من حقي التعليق على الشئون الداخلية الخاصة به، لكني على يقين أن التحالف أدي دوره وأصبح هناك ضرورة الآن أن تكون هناك مظلة أوسع وأكثر قدرة على لملمة وجمع صفوف وشمل كافة القوى الوطنية والثورية، والتي شاركت في ثورة يناير وحتى التي نزل بعضها مظاهرات 30 يونيو، فنحن بحاجة لمنظومة أوسع وأشمل من التحالف. وأنا لا أدعو لحله، إلا أن المرحلة القادمة بحاجة إلى أطار أكثر اتساعاً ورحابة من فكرة تحالف دعم الشرعية.
وما هي فرص وجود كيان شامل لقوى ثورة يناير؟
فرص وجود هذا الكيان قائمة وتتزايد يوماً بعد الآخر، وربما خلال الشهور القليلة القادمة وربما قبل 25 يناير المقبل نصل لكيان أشمل، رغم أنه عمل صعب وليس أمراً سهلاً، وبالتالي علينا أن نستحضر تجربة الكيانات التي كانت موجودة قبل ثورة يناير مثل الجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية وغيرها من الكيانات، وجميع هذه الكيانات أخذت وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً حتى تخرج للنور. وأنا متفائل جداً، وأعتقد أنه خلال هذه الفترة الراهنة التي تسبق 25 يناير ستشهد الكثير من التحركات والخطوات الهامة في هذا الصدد.
وماذا عن الخلافات الكبيرة بين قوى المعارضة خاصة بالنسبة لمطلب عودة الرئيس الأسبق محمد مرسي؟
أتصور أن عودة "مرسي" أو غيره أمر غير مطروح الآن، فالمطروح الآن هو عودة المسار الديمقراطي أو عدم عودة المسار الديمقراطي، والدخول في تفاصيل وخلافات ليس من مصلحة أحد أن نقف أمام ذلك، علينا أن نتوافق على ما نحن متفقون عليه وأن ننحي جانبا القضايا المختلف عليها.
لماذا لم تنضم للمجلس الثوري المصري.. وكيف تنظر له؟
لم أكن عضواً في تحالف دعم الشرعية، وأعتقد أن المجلس الثوري كان بمثابة معالجة جديدة للتحالف، وبما أنني لم أكن عضواً في التحالف لم أرَ أن وجودي سيكون مفيداً في المجلس الثوري، فأنا مع وجود كيان واسع جامع يضم كل شركاء
ثورة 25 يناير دون استبعاد أو استثناء أحد.
هل انتهت وثيقة بروكسل ولم يعد لها أي وجود الآن؟
أعتقد أن وثيقة بروكسل والمبادئ العشرة التي وردت فيها يمكن أن يُبنى عليها ويمكن اعتبارها أكثر تقدماً في خطابها من خطابات أخرى لاحقة لم تكن بحجم التقدم الذى كان ملحوظاً في وثيقة بروكسل، والمرحلة القادمة قد تشهد تفعيلا جديدا للمبادئ العشرة التي وردت فيها بشكل ما أو بآخر.
نفهم من ذلك أنه سيتم إعادة طرح وثيقة بروكسل من جديد لتشكيل كيان ثوري جامع؟
قد لا أملك الإجابة بشكل محدد عن هذا السؤال اليوم، لكن ربما قد أستطيع الإجابة عنه خلال الأسابيع القادمة، حيث أن هناك جهداً كبيراً يُبذل، وهناك تواصل بين أطراف سياسية عديدة تحت مظلة المبادئ العشرة وتنطلق في تحركها من وثيقة بروكسل.
سبق أن أعلنت أنه سيتم الإعلان عن تشكيل كيان ثوري جامع قبل 3 يوليو الماضي ولم يحدث.. فهل يمكن أن يتكرر هذا الأمر لاحقا؟
العمل السياسي عمل تراكمي، فهناك جهود بُذلت لكن المنتج النهائي لم يكن بالصورة التي نتمناها، لذلك لم أشارك (شخصياً) في المجلس الثوري، فنحن بحاجة لمزيد من الجهد ونتمنى أن نؤدى واجبنا الوطني والسياسي والثوري، والله يوفقنا في تحقيق النتائج المأمولة.
وما الإضافة التي قد يقدمها هذا الكيان الثوري الجامع والجديد حال تشكيله؟
هذه المسألة ليست حسابية ولكنها مسألة بنائية؛ بمعنى أنك تبني رأي عام مناهض لغياب القيم الديموقراطية ومناهض للاعتداء على الحقوق والحريات، ومناهض لفكرة الإقصاء، فأي مظاهرة وأي فعالية تتم وأي بيان يُصدر، كل هذا يصب في مسار بناء الموقف المطلوب الوصول إليه، وصولاً إلى اللحظة المناسبة، لكن ليس علينا أن نتوقف تماما حتى نتأكد أن الخطوة القادمة ستؤدي إلى اللحظة الحاسمة، فهذا الأمر لا يتفق مع طبيعة العمل السياسي، وكما يقال إنه تكليف بمستحيل، والتكليف بالمستحيل هو أحد التكليفات المحرمة، وطلب المستحيل يعني طلبا بالتوقف والانتظار للنتائج، لكن علينا أن نعمل ونجتهد كي نحقق هذه النتائج.
اللحظة الحاسمة التي تتحدث عنها.. برأيك هل يمكن أن تأتي بعد شهور، أم تحتاج لسنوات وهل هي ثورية أم سياسية؟
اللحظة التي أتحدث عنها هي لحظة ثورية أو لحظة إصلاحية تسمح بلم شمل هذا الوطن ومواجهة حالة الإقصاء والانفراد التي تمارس الآن، تسمح ببناء دولة قانون وعدالة، وتسمح ببناء دولة مؤسسات وحريات، وتسمح بمصالحة مجتمعية شاملة وليس تسوية سياسية، وأنا أتحدث عن لحظة ثورية ولحظة سياسية أيضاً، وأعتقد ـ من وجهة نظري السياسية والحزبية ـ أنه لا تعارض بين المسار الثوري والمسار السياسي.
ومن الصعب التكهن بتوقيت هذه اللحظة تحديداً في الوقت الحالي، لكن لدينا عوامل وأسباب كثيرة تدفع إلى اختصار الزمن، وأعتقد أن أكثر الذين يدفعون في اتجاه اختصار الزمن هو أداء المشير السيسي وحكومته في ظل الكثير من الأخطاء التي يقعون فيها.
وهل تعتقد أن هناك إمكانية لنجاح دعوات توحد ثوار يناير وفقاً للواقع؟
أعتقد أن هناك إمكانية بالرغم من أن هناك صعوبات وتحديات، وهناك أسباب نجاح وأسباب تساعد على النجاح، فعلينا أن نعمل وأن نقدم تنازلات حقيقية حتى لو كانت مؤلمة أو كبيرة أو صعبة، وحتى لو كانت تحمل قدرا من الوجع والألم الحزبي والسياسي كي نستطيع أن نتعايش كأمة واحدة وكوطن واحد وكحركة سياسية داعية لإصلاح هذا الوطن واسترداد قيم ومبادئ ثورته العظيمة.
هل هناك خطة أو رؤية واضحة لدى المعارضة للتحرك مستقبلا في ظل دعوات سابقة لتشكيل حكومة منفى أو مجلس رئاسي أو مجلس لقيادة الثورة أو ما شابه؟
أعتقد أن الحديث عن حكومة منفى كلام ليس مناسبا بهذا الوقت وليس مطروحاً، وربما كان مطروحاً في أوقات سابقة وربما يطرح لاحقاً، لكنه أمر غير مطروح الآن، فهذا التوقيت لا مجال للحديث خلاله عن هذا الأمر، وكذلك الحال بالنسبة لتشكيل مجلس رئاسي أو غيره، ليس هذا هو الوقت المناسب لطرح مثل تلك الأفكار، الآن لدينا تحدي كبير وهو توحيد قوى الثورة، فهذا هو التحدي الأكبر والأهم الآن، سواء كنا في الداخل أو الخارج، فكل من شاركوا في الثورة عليهم أن يبذلوا جهوداً لاستعادة لحمة هذه الثورة.
وبالتالي هل يمكن القول إنه لا توجد خطة أو رؤية حالية لدى المعارضة؟
هناك عدم مواكبة سريعة للأحداث، وبالقطع المعارضة تتعرض لظروف ليست هينة، ونتمنى أن تتجاوز هذه الأزمات.
وكيف تنظر للمبادرات المختلفة التي تم طرحها سابقا لحل الأزمة سياسيا؟
أنا مع ألا نغلق باب الاجتهاد، لكن أعتقد أن هناك مقومات رئيسية ينبغي التعامل معها في مسألة المصالحة الوطنية، الأفكار شديدة البراءة التي طرحت من قبل بعض الأسماء المطروحة مثل محمد العمدة أو غيره؛ هي أفكار بريئة لكن الأزمة لم تعد بهذه البراءة، فالأزمة معقدة وطرح مبادرات فردية لم يعد من المفيد الآن.
والأفضل الآن هو العمل المؤسسي، فنحن نحتاج مبادرة ذات طبيعة مؤسسية يتم بناؤها بطريقة توافقية يتم التعامل معها باعتبارها مرحلة من مراحل العدالة الانتقالية المطلوبة، لكن فكرة أن يطرح أحد فكرة جديدة ويقف كل الأطراف نوافق على هذه الفكرة هذا الكلام لن يحدث، وربما كان هذا وارداً ومن الممكن حدوثه في الساعات الأولى وفى الأسابيع الأولى للأزمة.
لكن بعد مرور سنة ونصف أعتقد أن هذا جهد مشكور ونوايا طيبة، لكنها أقل بكثير من حجم العمل المطلوب في أطار المصالحة الوطنية، والتي لا سبيل أن تكون إلا من خلال عمل مؤسسي وليس فردي، عمل يتفق الجميع على منهجيته وعلى آليته قبل أن يتم طرحه، عمل يكون مفهوماً لدى كل الأطراف أنه سوف يستغرق وقتاً وليس وقتاً قصيراً ويحتاج إلى تنازلات من كل الأطراف عن مواقفها المعلنة الآن.
لماذا لم نجد للدكتور أيمن نور جهودا ملموسة ومعلنة في محاولة حل الأزمة أو طرح مبادرة لإنهاء الانقسام؟
أتفق معك لا توجد محاولات "معلنة"، دون الدخول في تفاصيل.
هل أنت على تواصل مع عمرو موسى أو غيره من الشخصيات القريبة من النظام؟
لا أستطيع القول أنني منقطع الاتصال بكل الناس، بل على العكس أنا على تواصل بكل الناس، بحماس مختلف ومتفائل، فجذور الاتصال لا تنقطع أبدا حتى لو تجمدت أو أصابها البرود في بعض الأوقات؛ لكن عادة الجذور لا تنقطع بيني وبين كل الأطراف.
بحكم تواصلك مع كل الأطراف- كما تقول- هل هناك مؤشرات تدور في الكواليس تشير إلى قرب انتهاء الأزمة؟
أنا دائما متفائل وأملي في الله كبير، وأعتقد أن الله سيقف إلى جوار مصر حتى تتجاوز أزمتها، ولا يوجد لدي مؤشرات واضحة على الأقل حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإلى أن تمر هذه الانتخابات لا أتصور أن هناك نوايا جدية في أطار الأمل المشترط على مبادرة مؤسسية لإصلاح الأوضاع السياسية في مصر.
هل تعتقد أن هناك عقلاء داخل النظام؟
أنا دائما ما أراهن على العقلاء، لكنني لم ألمح لهم دوراً حتى هذه اللحظة.
هناك تناقض في خطاب "السيسي" بشأن المصالحة فأحيانا يقبل بشروط وأحيانا يرفض بشكل قاطع.. كيف ترى هذا التناقض؟
السؤال الأصح: متى تحدث السيسي بكلام ولم يقل عكسه؟!، فلم أسمع منه أي كلام دون أن أسمع عكسه، وهذا أمر لا يدعو للاندهاش أو الاستغراب، فهذه عادة السيسي وحتى الآن التأشير عكس خط السير، بمعنى أنه يعطي إشارات ثم يأخذ خط سير معاكس، وإذا كان هناك مدرسة يمكن أن تنسب للسيسي فأنا أقترح أن يكون ناظراً أو مديراً لمدرسة التأشير عكس خط السير.
هل ترى أن المعركة صفرية أم أنها قابلة للحل السياسي؟
لا أعتقد أن هناك معركة صفرية، فكافة الحلول قائمة وواردة، ودائما من بين الحلول القائمة والواردة الحل السياسي، حتى تحالف دعم الشرعية – الذي لم أكن عضواً به يوماً ما- لم يستبعد الحل السياسي العادل، ولذلك فكافة الحلول مطروحة بما فيها الحل السياسي.
كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة وما هو المطلوب تحديدا من مختلف الأطراف؟
المطلوب أمور كثيرة، جزء منها القدرة على التراجع قليلاً للخلف والواقعية، وأن يتخذ كل طرف خطوة واحدة للخلف تفتح مجالات كثيرة سواء بالتواصل مع مختلف قوى الثورة أو حتى بالنسبة لفكرة المصالحة المجتمعية، والتي يجب أن تكون جزء من أهدافنا التي لا ينبغي أن تغيب عنا مطلقا، ونحن لا نتحدث عن تسوية سياسية مع السيسي أو غيره، نحن نتحدث عن مصالحة مجتمعية مطلوبة ولابد أن تتم.
والمطلوب من كافة الأطراف إدراك حجم المسؤولية وحجم التحدي، وأن الوطن الآن أصبح هو المجني عليه في كل ما تم من أحداث ومراحل انتقالية دفع خلالها المواطن المصري ثمناً باهظاً وعلينا أن ندرك هذا جيداً، وأن نبني رؤيتنا للمستقبل بمشاركة كافة القوى والتيارات.
المجلس العربي للدفاع عن الثورات العربية.. أين هو وهل انتهي كغيره من الكيانات؟
المجلس لايزال في مرحلة التأسيس، وأسمه المجلس العربي للدفاع عن الثورات والديموقراطية، ورئيس هذا المجلس الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، واللجنة التأسيسية لهذا المجلس أيمن نور من مصر، وتوكل كرمان من اليمن، وعماد الدائم من تونس، وهناك هيئة تأسيسية موسعة سوف يتم ضم العديد من الأسماء لها ثم سيتم تشكيل مجلس الأمناء.
وأعتقد أن هناك سوف يتم اتخاذ خطوة هامة بشأنه في نهاية شهر أكتوبر وربما في يناير المقبل سيتم تدشين المجلس رسمياً، والذى تقرر أن يكون مقره الرئيسي في تونس، ويوجد الآن لجنة مشكلة لمتابعة الأوضاع في اليمن، وهناك مشروع لبيان يصدر عن المجلس يطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في بعض الدول التي تشهد منازعات سياسية.
وهناك إعداد لورش عمل في أطار تنظيم عمل المجلس، الذي هو كيان مؤسسي وليس مجلساً حركياً دوره أن يصدر بيانات، ولن يكتفي بذلك ولن يظهر ويختفي مثل كيانات أخرى، وسيكون له دور كبير في وضع دستور عربي يناسب دول الربيع العربي ويجمع القيم المشتركة من خلال ورش عمل وتدريب وتبادل خبرات، وسيكون بمثابة عقل جديد للثورات العربية التي فقدت البوصلة والرؤية في الفترة الأخيرة.
هل تعتقد أن الربيع العربي أصيب بانتكاسة كبيرة خاصة بعد التطورات التي حدثت في مصر وسوريا وليبيا واليمن؟
هناك جولة انتصر فيها الربيع العربي ونعيش جولة ينكسر فيها الربيع العربي، ونحن في جولة الانكسار الآن، لكني أتوقع أن تكون هناك جولة جديدة سينتصر فيها مرة أخرى الربيع العربي بقيمه ومبادئه ونبل أهدافه وأفكاره وتضحياته التي لن تذهب هباء.