تنتشر الحواجز في
الضفة الغربية بين مدينة وأخرى، إلى جانب جرافات عسكرية تمخر الأرض وتجرفها لتبني أحياء
استيطانية جديدة، وليلا تدخل الآليات العسكرية المحملة بالجنود المناطق الفلسطينية وتقوم بعمليات
اعتقال وتفتيش وطلب استدعاءات في بعض الأحيان، ما دفع البعض إلى تسميتها بـ"حرب صامتة" لا يصحبها الضجيج الذي يغري وسائل الإعلام مقارنة بالحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة.
من جهته، يرى مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس أن الاحتلال الإسرائيلي باعتداءاته المتكررة هذه يشن حملة مدروسة للقضاء على "حلم الدولة الفلسطينية".
وقال دغلس لـ"عربي21": "خلال العدوان على غزة كان هناك تصاعد للحملات الإسرائيلية في الضفة من اعتقالات وتوسيع للمستوطنات، حيث استغل الاحتلال التركيز الإعلامي على ما يجري في غزة، فقام بإنشاء وحدات استيطانية وتوسيع المستوطنات إلى جانب حملة الاعتقالات".
وأوضح أنه يمكن اعتبار ما يجري من انتهاكات في الضفة انتقاما للفشل في غزة وعدم تحقيق النصر، وإرضاء اليمين المتطرف، وبالتالي يريد الاحتلال تحقيق انتصار في الضفة من خلال الاستيطان كي لا تسقط حكومة نتنياهو".
وأضاف أن "الانتهاكات في الضفة الآن جزء من مخطط كبير، فالمستوطنون يتلقون دعما غير مسبوق من الحكومة الإسرائيلية، وهذا سيكون له تداعياته على الأرض خلال الفترة القادمة، لأنه بذلك سيكون قد ضم مستوطنات لكتل كبيرة جدا، مثل غوش عتصيون ومعالي ادوميم، وسيتم تشبيك المستوطنات ببعضها، وعمل طرق التفافية، وهذا سيأكل أراضي الضفة".
إلى ذلك ارتفع عدد المعتقلين في السجون الإسرائيلية إلى أكثر من 7 الآف، بحسب الناطقه الإعلامية بمركز أسرى فلسطين للدراسات، أمينه الطويل.
وأوضحت لـ"عربي21" أن "وتيرة الاعتقالات ازدادت في صفوف الفلسطينين في الضفة الغربية وفي القدس المحتلة، بهدف منع اندلاع انتفاضة ثالثة كما تدعي سلطات الاحتلال، فهم يحاولون تفريغ الساحه بإبعاد الشخصيات القيادية الموجهة لذلك النشاط عن الساحة وعن القرار السياسي، حتى يضمنوا جزءا من الأمان للمجتمع الاسرائيلي، وبالفعل فمنذ عام 2009 لم يسبق أن ارتفع عدد الأسرى عن 5 آلاف أسير، والآن يوجد أكثر من 7 الآف أسير، ما يعني زيادة بمعدل 90 أسيرا كل شهرين".
ووافقت الطويل ما ذهب إليه دغلس موضحة أن السبب وراء هذا الارتفاع المتصاعد في الاعتقالات بالضفة هو الانتقام باعتباره الوسيلة الوحيدة أمام الاحتلال ليغطي عن فشله بغزة، حيث عانت الضفة فترة كان يتم اعتقال فيها ما لا يقل عن 40-50 فلسطيني يوميا، وجرى في مدينه القدس المحتلة اعتقال 100 فلسطيني فقط، كما اتخذت سلطات الاحتلال قرارا بإطلاق الرصاص الحي على كل من يخرج خلال المظاهرات أثناء الحرب على غزة، وهذا الأمر كان سببا في ارتقاء حوالي 23 شهيدا خلال العدوان على غزة في الضفة".
ونوهت الطويل إلى أن هناك مؤشرات خطيرة في ظروف الاعتقال، "على سبيل المثال بعد اعتقال المواطنين يتم نقلهم إلى مراكز تحقيق، وإلفاق التهم الجاهزة لهم دون أي تحقيق. وهناك تقريبا 500 حالة تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري مباشرة، إضافة إلى السياسات التي أصبحت متبعة داخل السجون، حيث أننا نلاحظ ارتفاعا واضحا في التعذيب القاتل للأسرى الفلسطينين، والذي نجم عنه استشهاد الأسير رائد جعبري.
وفي خضم هذا التصعيد الإسرائيلي اعتبر المحلل السياسي، زياد الشولي، أن "الحركة الصهيونية وعقيدتهم التوراتية وجهان لعملة واحدة، بالتأكيد على أن هذه الأرض هي أرض إسرائيل، وليس بغريب عليهم مصادرة الأراضي سواء لدواع أمنية أو سياسية أو عسكرية، أو إيجاد طرق التفافية، حتى يصلوا إلى واقع يكون فيه العرب أقل والأرض أكثر، وبالتالي ما يقوم به الاحتلال من تصعيد ليس بالجديد".
وقال في حديثه لـ"عربي21"، إن هدف كل ذلك هو إيجاد طرق مختلفة لتهجير الشعب الفلسطيني من الضفة الغربية.
وأضاف أن "الاحتلال يعتبر الضفة الغربية هي ساحة المعركة الأساسية، ويسميها اليهود بيهودا والسامرة وأرض إسرائيل، وحتى بتوراتهم لا يركزون على الساحل".
ودعا الشولي إلى "وضع استراتيجية لمواجهة التصعيد، مطالبا السلطة أن تضع كل خياراتها على صعيد دولي، من خلال معاهدة روما وحقوق الانسان على أساس معاقبة القيادة الصهيونية التي قامت بضرب شعبنا بغزة، ودمرت البنية التحتية. وأن تعمل على التوحد إلى جانب برنامج وطني واحد، وتفعيل وتجديد منظمة التحرير الفلسطينية، ودعوة القيادة المؤقتة لشعبنا الفلسطيني وأمنائنا العامون ليضعوا خياراتهم لمواجهة الاحتلال وخطره".