قال المحلل السياسي والكاتب الإسرائيلي جدعون كوتس أن نفوذ
قطر في
فرنسا يتجاوز دعم الإرهاب الذي تتخذه كسمعة لها في أرجاء الشرق الأوسط، إلى جوانب عديدة وكبيرة أهمها
الاقتصاد.
وقال الكاتب في مقاله المنشور في صحيفة يديعوت الثلاثاء، إن قطر متهمة اليوم بدعم "الإرهاب" في سوريا والعراق وغزة، ومتهمة بشراء المونديال 2022، وتسيطر اليوم على صناعات أساسية ومبان عامة، وفنادق فاخرة، وفرق كرة قدم إلى جانب وسائل الإعلام.
وأشار كوتس إلى كتاب المحققين الفرنسيين فانيسا ريتينيه وبيير بان، بعنوان "فرنسا تحت التأثير" والذي يعنى بعلاقات قطر مع فرنسا، مضيفا: "لا يتردد الكاتبان في القول إنه من 2007 أصبحت الجمهورية الفرنسية المفتخرة مستعبدة للإمارة الصغيرة وزعمائها، اقتصاديا ولكن أيضا استراتيجيا، في مجال السياسة الداخلية، العلاقات الخارجية والأمن القومي، لقد أثرت قطر على اتخاذ القرارات لدى الرئيس نيكولا ساركوزي وخليفته فرانسوا اولند الذي حل محله قبل أكثر من سنتين، ويجد صعوبة في محاولاته التحرر من الإرث الثقيل. ولم تتردد النخب الفرنسية في العمل ضد المصلحة القومية بسبب تعلقها بالمال القطري، كما يدعي الكاتبان".
ويتابع: "فرنسا مجرد الهدف الثاني في العالم من حيث حجم الاستثمارات القطرية، بعد بريطانيا، فالاستثمار الرسمي لقطر في فرنسا يقدر بـ 25 مليار دولار، و5 مليار دولار آخر من الاستثمارات الخاصة، ولكن العلاقة الوثيقة بين المال والسلطة في فرنسا، والطابع الحميم الذي ارتدته علاقات القيادة الفرنسية مع حكام قطر، أدى إلى أن يكون نفوذ الشراكة على فرنسا أكبر بأضعاف".
وينقل كوتس عن الكاتبين أن قطر مولت طلاق الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بـ3 ملايين يورو لتنعم قطر بشهر عسل مع فرنسا.
وبدأت العلاقات بين فرنسا وبين حمد بن خليفة، في عهد حرب الخليج الثانية حين كان موقف فرنسا ضد العملية بقيادة الولايات المتحدة ما منح قطر إمكانية أن تنفض عن نفسها صورتها كجريرة للولايات المتحدة فاشترت قطر دبابات فرنسية، ولكنها أبدت اهتماما أكبر بـ "التعاون" على الأرض الفرنسية.
وعن رعاية قطر للدكتور يوسف القرضاوي قال كوتس: "لم تتردد فرنسا في السماح للقرضاوي والدعاة والمثقفين المتطرفين الآخرين في الظهور أمام مسلمي فرنسا، مثلا في الحدث السنوي الكبير لانعقاد مجلس الجاليات الإسلامية، وقد ألغى هذا الأذن الرئيس ساركوزي في 2012".
و"لم تخف قطر رغبتها في الحلول محل السعودية كممولة الإسلام في فرنسا، حتى التسعينيات كان السعوديون هم المستثمرون الأساسيون في بناء المساجد، بما في ذلك المسجد الكبير في باريس، وتمويل المؤسسات الجماهيرية، وكانت فرنسا وساركوزي مستعدان لمنح قطر المكانة التي أرادتها، لدرجة تسليم الامتياز لقطر لبناء مصانع وأعمال تجارية في الضواحي المتوترة قرب باريس، حيث خاض المسلمون انتفاضة وإقامة حكم ذاتي اقتصادي إسلامي هناك".
وفي فرنسا تبدي قطر بحسب الكاتب "شهية بلا جماح في مجال العقارات، فقد سنت فرنسا تشريعا خاصا ضد الضريبة المزدوجة، ويمكن للقطريين أن يدفعوا الضريبة في بلادهم حيث لا توجد ضريبة قيمة مضافة، وتسقط الفنادق الكبرى في باريس وفي كان وفي الريفييرا الفرنسية ومبان تاريخية بقيمة نحو 5 مليار يورو الواحد تلو الآخر في يد المال القطري".
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أحد المباني الأكثر رمزية في باريس "فندق لامبرت التاريخي" بيع مقابل 80 مليون يورو لعبدالله آل ثاني، أحد أشقاء الأمير من البارون غي دي روتشيلد، رغم كونه موقعا تاريخيا محميا، ولكن الرئيس القطري أضاف له بحرية مصاعد وموقف سيارات، ليتحول للفندق الأغلى في باريس بملكية قطرية.
وبعد العقارات يأتي دور الصناعة إذ اشترت قطر نسبا كبيرة من شركات تمثيلية واستراتيجية فرنسية مثل فولييه، وتوتال، وفيوندي في مجال الطاقة، كما فتحت قطر قناة رياضية تلفزيونية "بي إن سبورت" التي تصفي ببطء ولكن بثبات المنافسة المحلية وأخيرا تسللت قطر أيضا إلى الرياضة نفسها، مع شراء فريق باري سان جيرمان في 2011 مقابل 70 مليون يورو.
ويختم المحلل السياسي بأن الرئيس اولند حذر قطر من أن يسقط "النشاط الإنساني" في سوريا وفي مالي "في أيدي الإسلاميين"، ولكنه يجد صعوبة في النجاة من التأثير القطري وأن إحدى المشاكل العاجلة كانت خطة السيطرة من قطر على الضواحي الحساسة في باريس.