أطلق أهالي
حي الوعر شمال غرب مدينة
حمص وسط البلاد، حملة "
وعرنا تحترق" لتسليط الضوء على آخر حي معارض في قلب المدينة، بعد أن قامت جميع أحياء المدينة بتوقيع
هدنة مع قوات وعناصر جيش النظام السوري، ليبقى حي الوعر وحده هدفا لقذائف النظام.
وقال "عبد الله" وهو ناشط إعلامي من داخل حي الوعر لـ"عربي21": "بعد أن هادنت جميع أحياء المعارضة في مدنية حمص النظام، بقي حي الوعر وحده هدفا للنيران وقذائف الموت، وأصبح الأهالي والأطفال في هذا الحي مهددون بالموت".
وبحسب عبد الله، فإن حي الوعر يُعرف بين أهالي حمص بحي "النازحين" بسبب نزوح أغلب المتضررين إليه جراء قصف جيش النظام أحياء حمص، ليرتفع عدد قاطنيه لقرابة 400 ألف نسمة في أقل التقديرات.
وتعود محاولات التهدئة بين أهالي الوعر وقوات التظام إلى 16 أيار/ مايو الماضي، حيث دخل ممثلو النظام مع لجنة من أهالي الحي في تفاوض دون نتائج.
واختار ناشطو حي الوعر شعارا لحملتهم وهو "الازدواجية والمصالح"، بسبب ما وصفوه "سقوط القيم والمبادئ وتعري شعارات الإنسانية من قبل المنظومة الدولية، لا سيما دول الغرب وأمريكا ومن ساندها من الدول العربية، خوفا على مدينة عين العرب (كوباني) من سقوطها بيد تنظيم الدولة، بينما يحترق حي الوعر، ولا أذن صاغية أو تحرك ملحوظ لأجل إنقاذ الأهالي".
وجاء في منشوراتهم أيضا: "كلنا مع أمان المدنيين وحماية المدن، بينما الآلة الهمجية البربرية للنظام السوري تدمر مدنا بأكملها، وتهجّر الآلاف في باقي المحافظات السورية دون أي تنديد فقير أو يتيم من المجتمع الدولي"، على حد تعبيرهم.
وقال "عبد الله" وهو أحد القائمين على هذه الحملة، إن "أهالي ونازحي حي الوعر الحمصي المحاصر ضحايا الازدواجية التي يتعامل معها المجتمع الدولي، هذا الحي الوحيد المتبقي كمركز ومعقل أخير لمقاتلي المعارضة في مدينة حمص، وصار هدفا يوميا لصواريخ ومدفعية النظام وميليشياته الطائفية، وما تنتجه الصناعات الإيرانية من أسلحة الاسطوانات المتفجرة، والتي تحصد العشرات من المدنيين جلهم من النساء والأطفال، كل ذلك في ظل صمت رهيب من المجتمع الدولي، وما يسمى بدول أصدقاء
سوريا".
وأضاف أن أهالي الحي وثواره "لم يتوانوا يوما في تقديم الحلول السلمية والتي تقي الحي وساكنيه الحرب والدمار، ودائما ما كان يعطّلها موالون للنظام ومسؤولون أمنيون، الذين اعتمدوا مبدأ المحرقة لكل من ينادي بالحرية وإسقاط النظام في كل أرجاء سوريا".
وأطلقت الحملة هاشتاغ "#وعرنا_تحترق" في مواقع التواصل الاجتماعي "للفت النظر إلى محرقة كبيرة تنذر بكارثة اجتماعية وإنسانية خطيرة، قد يدفع ثمنها الأول المدنيون من أهالي الحي، ولن يسلم من تبعات هذا الحريق المناطق المؤيدة للنظام، كما حدث سابقا بأحياء حمص المحاصرة عندما دمرت البيوت والأحياء على رؤوس ساكنيها"، بحسب ناشطين.
وطالب القائمون على هذه الحملة المنظمات الدولية والأطراف الفاعلة بأن تتحلى بالمسؤولية تجاه هذا الحي، و"أن تجد آلية فاعلة لحماية المدنيين من الإبادة الجماعية التي تنتهجها السياسة الأمنية للنظام وميليشياته قبل فوات الأوان".
وكان النظام قد منع إدخال كافة أنواع المواد الطبية أو الإغاثية أو المحروقات إلى حي الوعر المحاصر فضلا عن قطع الكهرباء طيلة فترة الحصار، ليبدأ بعدها نظام الأسد في تطبيق الحصار مع بدء تنفيذ اتفاق إخراج المحاصرين من حمص القديمة حيز التنفيذ في شهر أيار/ مايو الماضي، بحسب الناشط الإعلامي محمد الحميد.
وتحاصر قوات الأسد حي الوعر منذ 12 شهرا. ومن ضمن المحاصرين قرابة 200 ألف نازح من المناطق المجاورة، فيما يتخوف الأهالي من إحكام الحصار عليهم في حال رفضوا عقد هدنة مع النظام، وحدوث كارثة إنسانية جراء الحصار أو استهداف الحي بقصف عنيف يودي بحياة الكثيرين من أبنائه.
ويقصف جيش النظام بشكل يومي باستخدام قذائف الهاون والشيلكا والرشاشات والصواريخ، طريق طرابلس والجزيرة السابعة وغيرهما في حي الوعر من أماكن تمركزه في نقاطه العسكرية، مثل الكلية الحربية الواقعة شمال الحي، ومجموعة من القرى الشيعية الخاضعة لسيطرة النظام جنوب الحي، بالإضافة إلى الجزيرة السكنية التاسعة التي تسيطر عليها العناصر الشيعية، وبساتين الحي، وبرج الكاردينيا المعروف باسم برج "الموت" وطريق طرابلس.
وكانت مفاوضات جرت لهدنة مرتقبة في حي الوعر برعاية إيرانية، وعلقت نتائجها بسبب فتح مكتب لحكومة طهران وسط الحي، الأمر الذي رفضته كتائب المعارضة المسلحة وصرحت به عبر الناطق باسم غرفة عمليات حي الوعر.