ملفات وتقارير

موالون للأسد غاضبون لإقامة مشاريع سياحية كبيرة بالساحل

يتساءل موالون للنظام السوري عن مغزى افتتاح مشاريع سياحية ومراكز تسوق فاخرة بينما يفتقدون لأبسط مقومات الحياة


تعبر شريحة واسعة من السوريين المؤيدين للنظام عن شعور متنام بالغضب إزاء مشاريع سياحية واستثمارية تتم برعاية النظام وخصوصا في الساحل، إذ يرى هؤلاء أنه من الأفضل للنظام أن يركز بدل ذلك على استعادة الأمن مع استمرار الحرب ومقومات أساسية مثل الكهرباء، كما اعتبر موالون للنظام أن افتتاح مثل هذه المشاريع لا يراعي مشاعر عائلات عناصر قوات النظام الذين يقتلون في المعارك يوميا وكثير منهم ينحدرون من هذه المناطق.

فقد أورد الإعلام التابع للنظام قبل أيام ان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي افتتح "مشاريع خدمية وسياحية في طرطوس الساحلية (غرب) بقيمة إجمالية 22 مليار ليرة سورية (120 مليون دولار)"، و"مول (مجمع تجاري) بقيمة إجمالية عشرة مليارات ليرة سورية". وأشار الإعلام إلى أن المشروع "سياحي وتجاري يتضمن المجالات الخدمية كافة ويحتوي سبعة مطاعم وصالة العاب أطفال ومتاجر".

وذكر موقع "سيريا ريبورت" الالكتروني المتخصص في الشؤون الاقتصادية أن "هذا الافتتاح الذي تم بثه على التلفزيون السوري تسبب بردة فعل عنيفة من مؤيدين للنظام"، مشيرا إلى أن العديد من أنصار النظام "عبروا عن غضبهم على مواقع التواصل الاجتماعي".

وأوضح التقرير أنه "على الرغم من أن "طرطوس مول" هو استثمار خاص، لكن مشاريع بهذا الحجم في سورية لا يمكن ان تنشأ من دون دعم مسؤول حكومي".

وبالتزامن مع ذلك، قال نشطاء إن مظاهرة شارك فيها علويون في طرطوس هتفت ضد النظام الثلاثاء، تبعها اعتقال عدد من الشبان والشابات الذين دعوا لتأسيس حزب يدعو إلى "إسقاط كافة رموز النظام والمعارضة"، حيث اقتيدوا إلى فرع المخابرات العسكرية في المنطقة الحرة.

وأوردت صفحات التواصل الاجتماعي أسماء ستة من هؤلاء المعتقلين الذين قامت عائلاتهم بالتظاهر الأربعاء أمام مقر المحافظ تطالب بالإفراج عن أبنائها.

وتحفل صفحات تعتبر موالية لنظام بشار الاسد على موقع "فيسبوك" بانتقادات للمشروع الذي افتتح في طرطوس، بينها تعليق كتب فيه: "قام رئيس حكومة قتل المواطن (...) بافتتاح طرطوس مول. 60  في المئة من شعب طرطوس لا يمكنه أن يشتري من هذا المول".

وعلى حساب باسم "لبوة الاسد" على موقع "تويتر"؛ جاء: "10 مليار ل.س تكلفة طرطوس مول الذي تم افتتاحه اليوم (8 تشرين الأول/ اكتوبر).. والعسكري يدفع ثمن عملياته الجراحية من جيبه ويأكل حبة بطاطا وخبزا".


وكانت "المجموعة العربية للاستثمار والتطوير" المالكة لمركز التسوق الجديد؛ قد أعلنت تموز/ يوليو الماضي عن بدء الاكتتاب في ما وصفته المشروع "السكني الراقي" في طرطوس.

وعبرت عاملة في المجال السياحي في طرطوس لوكالة فرانس برس عن امتعاضها من "إقامة مشاريع ترفيهية وسياحية في طرطوس بالتزامن مع مقتل عدد كبير من عناصر الجيش المتحدرين من المحافظة في المعارك، من دون أخذ مشاعر عائلاتهم بالاعتبار".

وتعد محافظة طرطوس العدد الأكبر من القتلى في صفوف قوات النظام، وهي من أبرز تجمعات الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري. وتعتبر منطقة الساحل السوري "الخزان البشري" للنظام على صعيد الجنود وعناصر ميليشيات الشبيحة المعروفة باسم "قوات الدفاع الوطني" التي تقاتل إلى جانب قوات النظام.

وتنعم هذه المنطقة بهدوء نسبي، وبقيت في منأى عن النزاع العسكري. وقد نظمت السلطات المحلية فيها في نهاية أيلول/ سبتمبر مهرجانات واحتفالات لمناسبة "اليوم العالمي للسياحة". وقال شهود لوكالة فرانس برس إن عدد الذين شاركوا في فاعليات المهرجانات ضئيل.

ويقول ناشر "سيريا ريبورت" جهاد اليازجي ردا على سؤال لوكالة فرانس برس: "يسعى النظام (من خلال المشاريع التي يرعاها) إلى إظهار أن كل الأمور تسير بشكل جيد، وأن الامور تحت السيطرة. وهو يعتمد هذا الإسلوب منذ ثلاث سنوات ونصف السنة".

ويضيف أن الاسد "وعد خلال لقائه الأول مع الحكومة السورية بعد إعادة انتخابه، بتقديم الخدمات والسلع الاستهلاكية بشكل طبيعي للشعب.. وتأمين ذلك أمر مهم بالنسبة إلى شرعية النظام".

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن لجوء عدد كبير من السوريين لا سيما من مناطق حلب وإدلب، إلى منطقة الساحل السوري "أحدث نموا ولو طفيفا في الدورة الاقتصادية، ودفع مستثمرين إلى توظيف اموال في مشاريع جديدة".

وإذا كان السياح لا يتزاحمون على أبواب طرطوس، إلا أن العديد من النازحين السوريين يقيمون في فنادق لمدة طويلة في انتظار الفرج والعودة الى مناطقهم، ويصرفون أموالا في المنطقة. ويقول اليازجي: "ارتفع عدد سكان الساحل كثيرا، ما يبرر وجود هذه المشاريع".

لكن، أبعد من الخدمات والسلع الاستهلاكية، يريد المواطنون السوريون الأمن واستعادة حياة طبيعية.

وإذا كان من الصعب الحصول على تصريحات للإعلام من سوريين، تظهر مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت كمساحة فضلى للتعبير والنقد.

على صفحة "محافظة طرطوس المنسية" على "فيسبوك"؛ جاء: "نعم يا سادة.. تم افتتاح مول طرطوس رسمياً وبتكلفة تفوق عشرة مليارات ليرة سورية.. وأصبح بإمكان ذوي الشهداء تسوق صور وسوفونير (قطع تذكارية بالفرنسية) لشهدائهم.. كذلك الجرحى يمكنهم الاستفادة من الـصولد (تنزيلات) على أطرافهم الاصطناعية. وكاسك يا وطن..".

ويقول اليازجي: "تغيّر المزاج بين جمهور النظام بعد سقوط مطار الطبقة (في محافظة الرقة، شمال). كان هناك أمل بعد إعادة انتخاب بشار بأن الحرب ستنتهي. لكن ذلك لم يحدث".

وسقط مطار الطبقة في أيدي تنظيم "الدولة الاسلامية" في آب/ أغسطس، وقتل في معركة المطار مئات من الجنود السوريين، قضى عدد كبير منهم إعداما بالرصاص أو ذبحا.

ويقول اليازجي: "لا يهاجم الناس بشار الأسد، إما لأنهم يخافون، وإما لأنه يبقى المحور الوحيد الثابت بالنسبة إليهم، فيهاجمون المسؤولين".

وبعد معركة مطار الطبقة، سجلت حملة على مواقع الاجتماعي تهاجم وزير الدفاع. وفي حمص، سارت تظاهرات تطالب بإقالة المحافظ والمسؤولين الأمنيين بعد تفجير وقع في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر في وسط المدينة أوقع أكثر من خمسين قتيلا معظمهم من الأطفال.

وعقب تدشين مجمع رياضي في مشروع دمر في دمشق في الصيف الماضي، انطلقت على "فيسبوك" حملة تدعو إلى مقاطعة المشروع الذي رأى الناس أنه يستهلك من الطاقة الكهربائية ما يزيد ساعات التقنين عليهم.

وكان رئيس الوزراء وائل الحلقي وصف المشروع بأنه "دليل على بداية مرحلة التعافي التي تعيشها سورية بفضل انتصارات جيشنا الباسل" حسب قوله.