إذا كانت
مستوطنات إسرائيل غير المشروعة مجافية للمبادئ الديمقراطية ومنتهكة لسيادة القانون، فإن ذلك ينطبق تماماً على كل من يدعم بناء المستوطنات.
في ممارستنا السياسية الاعتيادية نتخذ في العادة موقفاً مناهضاً للتطرف – وينبغي علينا أن نفعل ذلك. يمكن على وجه التأكيد نعت رأي ما بأنه متطرف، ويمكن تعريف شخص ما بأنه متطرف، إذا ما كان مناهضاً لسيادة القانون، ومحرضاً على عدم المشروعية، ويتبنى اضطهاد الضحايا الأبرياء، أو يستخدم نفوذ الدولة بوحشية للتنكيل بالآخرين وللإساءة لهم. وهذا هو بالضبط ما يجري في نشاط إسرائيل الاستيطاني.
وعليه، ينبغي على الجميع في أي مكان في العالم، سواء في إسرائيل أو في غيرها، أن يعتنق هذا المبدأ الهام. إن إقرار المستوطنات، بمعنى نفي أنها غير مشروعة ودعم ما يترتب على إنشائها، إنما هو شكل من أشكال التطرف التي ينبغي علينا ألا نتسامح معها. وسواء كانت ضمنية أو صريحة، مثل هذه المسالك، بكل بساطة، غير مقبولة.
لقد اتخذنا مواقف حاسمة على مدى الأعوام الماضية ضد
العنصرية والتمييز على أساس الجندر أو المثلية، وضد مناهضة السامية. وحان الوقت لأن نضيف"إقرار المستوطنات" إلى هذه القائمة من المسالك المتطرفة التي لسنا على استعداد للتسامح معها.
كل من يعتبر المستوطنات مقبولة فإنه يضع نفسه خارج حدود المبدأ الديمقراطي. وينبغي أن يوضع إقرار المستوطنات في نفس خانة العنصرية والتمييز على أساس الجندر أو المثلية ومناهضة السامية. وبالفعل، كما أننا نحكم على شخص ما بأنه لا يصلح لشغل منصب عام إذا ما رفض الاعتراف بإسرائيل، فإن علينا بنفس الطريقة استبعاد أي شخص يرفض الاعتراف بأن المستوطنات غير مشروعة.
لا ينبغي لمن يقر بمشروعية المستوطنات أن يعتبر صالحاً للترشح للانتخابات ولا أن يبقى عضواً في حزب من الأحزاب السياسية الرئيسة ولا أن يجلس في مقعد داخل البرلمان. كيف لنا أن نقبل مشرعين في بلادنا أو في أي بلد آخر إذا كانوا يدعمون الخارجين عن القانون في بلد ثالث؟ إنهم متطرفون وينبغي التعامل معهم على هذا الأساس.
ما أحاول التأكيد عليه هو مسألة عدالة بقدر ما هو مسألة مبدأ. لا شيء يحفزني في السياسة أكثر من واجب إقامة العدل وإنصاف المظلومين. ينبغي أن يكون البحث عن العدالة هو المحفز الرئيس لكل من يدخل مجال العمل السياسي.
لقد بلغ الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني مداه – فهم رهن الاحتلال، ورهن القيود، ورهن الحرمان ورهن القمع والاضطهاد – بحيث بات يتوجب أن يصبح تحقيق "العدالة لفلسطين"، مثله مثل كل القضايا الأخرى التي تحدد وجودنا الأخلاقي، قضية دولية لا خلاف عليها بين الأحزاب السياسية في بلادنا.
إن الأرض المقدسة منطقة وليست بلداً، ومع ذلك ما فتئت دولة إسرائيل على التعامل معها بشكل يستدعي الشجب والاستنكار. كيف يمكن لمسيحي ألا يشعر بالغضب تجاه الاعتداءات التي تجري في بيت لحم؟ وكيف يمكن لمسيحي ألا يشعر بالذعر تجاه الحياة في الخليل؟ ومع ذلك فإن كثيراً من المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة الأمريكية هم من بين أولئك الذين يسارعون إلى إعذار إسرائيل وتبرير أعمالها غير المشروعة. ينبغي على هؤلاء إعادة النظر في مواقفهم، فلقد بات إقرارهم لسلوك إسرائيل معيباً وشاذاً، وبات قبولهم المطلق بالظلم الإسرائيلي للفلسطينيين عملاً منحرفاً. خذ على سبيل المثال ترتيلهم لعبارة "يهودا والسامرة" لتبرير تمدد إسرائيل من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، ذلك الترتيل الذي أصبح نوعاً من الهرطقة السوقية المبتذلة. ليس الكتاب المقدس دليلاً سياحياً يتعرف المرء من خلاله على حدود الأمم المعاصرة. على هؤلاء المسيحيين الأمريكيين الذين يقرون التوسع الإسرائيلي داخل الأرض الفلسطينية ويمكنون له أن يدركوا مواطن الأخلاق والعدالة.