كشف موقع "ميدل ايست آي" البريطاني أن جريدة "صنداي
تلغراف" اعتمدت في تقريرها، الأحد الماضي، عن نتائج التحقيقات البريطانية عن الإخوان المسلمين على باحث مرتبط بمركز أبحاث إماراتي ليس له علاقة بالتحقيقات التي تجريها الحكومة البريطانية عن الإخوان المسلمين، واعترف بأنه لم يطلع على نتائج التحقيق، وهو عكس ما ذكرته الصحيفة في تقريرها، بما ينسف في النهاية دقة التقرير والمعلومات الواردة فيه.
وكانت "صنداي تلغراف" نشرت تقريرا مطولا نقلت عن "الأكاديمي" لورينزو فيدينو معلومات عن التحقيق الحكومي البريطاني حول الإخوان المسلمين، إضافة إلى نشر مقال خاص له في ذات العدد، ووصفته الصحيفة بأنه أحد المشاركين في كتابة التقرير الذي يجري إعداده من قبل فريق يتبع الحكومة البريطانية، ويرأسه السفير البريطاني في السعودية، السير جينكينز.
إلا أن لورينزو نفسه نفى في تصريحات لموقع "ميدل ايست آي" أي علاقة له بالفريق المشرف على التقرير.
وتعرض التقرير الصحفي ذاته بالإضافة إلى تقارير أخرى في ذات عدد الـ"صنداي تلغراف"، وأعداد سابقة إلى دولة
قطر محاولا ربطها بالإرهاب وتمويله.
وبحسب "ميدل ايست آي"، فإن لورينزو على علاقة وثيقة بمركز المسبار الذي نشر كتابين على الأقل له، وهو المركز الذي يتخذ من دولة الامارات مقرا له، ويرأسه الإعلامي السعودي تركي الدخيل المقرب من ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كما أفاد الموقع.
وحاول "ميدل ايست آي" الحصول على تعليق من "صنداي تلغراف" على هذه السقطة المهنية الكبيرة، إلا أن الصحيفة رفضت الادلاء بأي توضيح، كما رفضت التعقيب على نفي الأكاديمي المقرب من
الإمارات، والذي ادعت أنها تستند إليه في تقريرها.
ويذكر أن حملة تقودها شركة علاقات عامة في الولايات المتحدة ضد قطر في الصحف الأمريكية قد تم كشف علاقتها بالإمارات المتحدة من قبل موقع "ذا انترسبت" الأمريكي، إلا أن كشف "ميدل ايست آي" يعتبر الدليل الأول على دور إماراتي في الحملة ضد الإخوان المسلمين وقطر في الصحف البريطانية.
وفيما يلي الترجمة الكاملة لتقرير "ميدل إيست آي":
أكاديمي استعانت به وزارة الداخلية ينفي أنه اطلع على التقرير الخاص بالإخوان
بقلم: روري دوناغي (ميدل إيست آي)
الثلاثاء 21 أكتوبر 2014
نآى أكاديمي نشر له مركز دراسات يقال بأنه وثيق الصلة بحكام الإمارات بنفسه عن تقارير نشرتها مؤخراً صحيفة التلغراف ادعت فيها أنه شارك في المراجعة التي طلبتها الحكومة البريطانية بحق الإخوان المسلمين.
ففي عددها الصادر بنهاية الأسبوع نقلت التلغراف عن لورينزو فيدينو بوصفه واحداً من الذين "عملوا في التقرير مع الحكومة"، مشيرة في ذلك إلى مقال رأي كتبه للصحيفة البريطانية حول الإخوان المسلمين.
وكان فيدينو قد كتب يوم التاسع عشر من أكتوبر يقول: "من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين لديها الكثير من البقع المظلمة، ابتداء بعلاقاتها المبهمة مع الإرهاب وانتهاء بتأثيرها الذي تحوم حوله الشكوك على تماسك الحياة الاجتماعية في
بريطانيا".
إلا أن فيدينو أخبر ميدل إيست آي أنه لم يقرأ تقرير المراجعة وقال إن التلغراف أخطأت في توصيف دوره في التحقيق الحكومي.
وقال: "لقد باغتتني التلغراف، وبالغت في توصيف دوري في إعداد المراجعة – فما قمت به طلب من عدد كبير من الأكاديميين مثلي. من يقرأ مقالة التلغراف سيظن أنني واحد من الأشخاص الذين كتبوا المراجعة، وهذا ليس صحيحاً. أود أن أنفي أنني عملت في إعداد المراجعة، فهذا ببساطة غير صحيح".
لم تستجب التلغراف لطلبات تقدمنا بها إليها للتعليق على الموضوع قبل نشر هذه المقالة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون قد دشن تحقيقاً في جماعة الإخوان المسلمين في إبريل (نيسان) الماضي وعين سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية رئيساً لفريق المراجعة.
وقد أثار قراره سيلاً من الانتقادات التي اتهمت رئيس الوزراء بالخضوع إلى ضغوط الحلفاء الخليجيين، وبالذات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهما الدولتان اللتان تعتبران جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وهما اللتان أيدتا الانقلاب العسكري المدعوم شعبياً في مصر.
يذكر أن فيدينو هو مؤلف كتاب "الغرب والإخوان المسلمون بعد الربيع العربي" وكان قد شغل مواقع في مؤسسة راند البحثية الأمريكية غير الحزبية وفي كلية هارفارد كينيدي للعلوم السياسية.
في استعراضها لأعماله، قالت مجلة الإيكونوميست إن فيدينو "تنبأ بأن هدف الإخوان المسلمين النهائي هو فرض الشريعة الإسلامية في كل أنحاء أوروبا و أمريكا. ووصف كل من لا يرى هذا الخطر المحدق بأنه ساذج لا يجدي معه شيء".
مثل هذه الأراء إضافة إلى ارتباطاته بمركز دراسات وأبحاث المسبار دفعت النشطاء السياسيين الإماراتيين إلى إثارة تساؤلات عما إذا كان ينبغي الاستشهاد بفيدينو كصوت حيادي حينما تطرح قضية الإخوان المسلمين للنقاش.
ويذكر أن مركز المسبار هو الذي نشر كتاب فيدينو "الإخوان المسلمين الجدد في الغرب". ويترأس المسبار تركي الدخيل، وهو من أبرز الإعلاميين في قناة العربية، التي هي جزء من مجموعة إم بي سي المملوكة لوليد الإبراهيم شقيق أرملة الراحل الملك فهد بن عبد العزيز.
يتهم هذا المركز من قبل المعارضين السياسيين الإماراتيين بأنه واجهة للحكومة الإماراتية. وقد قال قاض إماراتي سابق رفيع المستوى ومعارض سياسي طلب منا عدم نشر اسمه: "مركز المسبار تديره مجموعة من الرجال السعوديين الذين يعملون لصالح ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ويقومون بعمل جهاز المخابرات من خلال المركز. لا توجد في الإمارات منظمات مجتمع مدني مستقلة لأنه يتوجب على كل مؤسسة أن تحصل على موافقة السلطات في الدولة، وهذه المؤسسة ببساطة ما هي إلا جبهة أخرى في الحرب على الإخوان المسلمين. لا يمكن أعتبار أي أحد يكتب للمسبار شخصاً محايداً".
وطبقاً لما تقوله منظمة هيومان رايتس واتش، فإن المنظمات غير الحكومية ينظم وجودها وعملها القانون في دولة الإمارات، والذي يحرم التعاطي مع "السياسة أو مع ما يمكن أن يعتبر ضاراً بأمن الدولة وبالنظام الحاكم".
في عام 2012، أغلقت السلطات الإماراتية مكتب راند في أبو ظبي وكذلك مكاتب مركز كونراد أدينور ستيفتونك الداعم للديمقراطية والمعهد الوطني الديمقراطي.
رد فيدينو على المزاعم المشككة بنزاهته من خلال الإشارة إلى عمله الأكاديمي وارتباطاته بمؤسسة راند، قائلاً: "إن لدي سجل أكاديمي في الكتابة عن الإخوان المسلمين يعود إلى العام 2003 – وكان أول كتاب نشره لي المسبار عبارة عن ترجمة لكتاب لي نشرته دار نشر جامعة كولومبيا. إن لدي سجل يشهد بنزاهة عملي العلمي – يمكن للمرء أن يتفق أو يختلف مع استنتاجاتي، ولكن لا ينبغي لأحد التشكيك في استقلاليتي".
كما دافع فيدينو عن مركز المسبار معتبراً إياه "مستقلاً" و "يدار من قبل سعوديين".
وكان رئيس مركز المسبار الدخيل قد تحدث مسبقاً عن علاقاته الوثيقة بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، قائلاً:
"أنا لا أعمل مستشارا له (أي لمحمد بن زايد)، ولكني على علاقة طيبة معه، ومن فضل الشيخ محمد بن زايد أنه أتاح لي فرصة أن أكون قريبا منه أحيانا.
إذا سألني سؤال فأنا في النهاية ….. فأي طلب يطلبه الشيخ محمد. أفضاله كثيرة علي شخصيا، وفضل خلقه في المقام الأول وهو أكثر الأفضال انتشارا وأكثرها يسبغ علي به، أي شي يطلبه مني، ولكن ما عندي وظيفة كمستشار له".
كان ذلك ما قاله الدخيل في مقابلة أجرتها معه في شهر يناير قناة DMTV التي تتخذ من دبي مقراً لها.
لم يستجب مركز المسبار لطلبات تقدمنا بها للتعليق على هذه القضية قبل النشر، إلا أن فيدينو قال بأن المركز "لم يكن له أي دور على الإطلاق" في المراجعة التي تجريها الحكومة البريطانية بشأن الإخوان المسلمين.
وكان قد أشيع بأن المراجعة التي طلبتها الحكومة البريطانية بحق الإخوان المسلمين اكتملت في شهر يوليو (تموز).
وفي شهر أغسطس (آب) نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز خبراً مفاده أن المراجعة خلصت إلى أن "الجماعة لا ينبغي أن تصنف على أنها منظمة إرهابية، وأنه في الحقيقة … لم يتوصل إلى ما يستحق الذكر من الأدلة على أن أعضاءها ضالعون في أعمال إرهابية.” ومضى تقرير الفاينانشال تايمز ليقول إن نشر المراجعة أجل بسبب ما خلصت إليه من استنتاجات وما سيسببه ذلك من تعقيدات دبلوماسية. وأخبر مصدر الفاينانشال تايمز بما يلي: "سوف يقول السير جون إن جماعة الإخوان المسلمين ليست إرهابية، وهذا سيزعج كثيراً السعوديين والإماراتيين ويغضبهم منا".
إلا أن تقرير التليغراف ناقض الفاينانشال تايمز واصفاً تحليلها بأنه "مجرد تخمينات دوافعها سياسية".
لا يعرف متى سيتم الإفراج عن المراجعة لتصبح في متناول عامة الناس أو كم من التقرير سينشر وكم سيحجب.