في الوقت الذي قرر فيه المحسوبون على حزب التجمّع المنحلّ و"الدساترة" فسح المجال نحو قصر قرطاج لمُرشّح "نداء
تونس" الباجي قايد السبسي، يتمسّك زعماء أحزاب الوسط الاجتماعي بحقّهم في خوض السباق مُشتّتين.
وأعلن عبد الرحيم الزواري، مرشح الحركة الدستورية التي تضمّ قياداتها رموز نظام بن علي السابق، الخميس الانسحاب من السباق الرئاسي التي سينتظم الدور الأول منه في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وأوضح الوزير السابق في عهد المخلوع أن قراره جاء "بعد تقييم نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة واعتبارا للمشهد السياسي الجديد وتفاعلا مع متطلبات المرحلة الحالية" بحسب نصّ البلاغ.
تعديل المشهد السياسي
وفسّر الملاحظون هذا الانسحاب بأنّ "ماكينة" التجمّع و"الدساترة"، التي استأنفت الدوران في الانتخابات الأخيرة، أدركت جيّدا جدوى التصويت لفائدة "
نداء تونس" الذي تصدّر نتائج الانتخابات وتقدمّ على حركة
النهضة بـ16 مقعدا.
ولفت رئيس حزب "المجد" عبد الوهّاب الهاني في تصريح لـ"عربي 21" إلى التخوّفات المطروحة اليوم في تونس على الاستقرار ودخول البلاد في عدم الاستقرار المستمر بسبب عقلية الحزب الواحد. كما أشار إلى خشية الساحة السياسية من استفراد حزب واحد بمفاصل السلطة وبالتالي عودة الاستبداد من الباب الخلفي.
واعتبر الهاني أنّ التحدّي اليوم صعب بالنسبة إلى الأحزاب الوسطية التي عليها أن تفكر في الاستقرار وتعمل على ضمان استمراره.
وأضاف رئيس حزب "المجد" أنّه لا مفرّ من الالتفاف حول شخصية وطنية من القوى الديمقراطية الاجتماعية الوسطية ودعهما وهذا يتطلب انسحاب المترشحين الآخرين وهو ما يمنعه القانون الانتخابي لانتهاء الآجال، لكن تبقى إمكانية عدم فوز هذا الأخير قائمة.
وواصل الهاني متحدّثا أنّه يمكن للمترشّحين مواصلة السباق نحو قصر قرطاج لكن يبقى الخوف من عودة أحد رموز النظام السابق إلى سدّة الحكم.
معادلة التصويت
واعتبر استاذ القانون الدستوري غازي الغرايري في تصريح لـ"عربي21" أنّ الانتخابات الرئاسية تشبه "البرلمانية" إلى حدّ ما في ما يتعلّق بمعادلة التصويت.
وبحسب الغرايري فإنّ تشتّت عدد من الأحزاب التي تنتمي إلى العائلة نفسها استفاد منه "نداء تونس" وحصد أعلى عدد في المقاعد وإن كان هذا التفوق نسبي ولا يحقّق له الأغلبية.
وأشار أستاذ القانون الدستوري غازي الغرايري إلى أنّ نتائج الأحزاب التي خرجت من رحم حزب التجمّع المنحلّ متدنية جدا ولا شكّ أنّ أصواتها ذهبت إلى حزب "نداء تونس".
وختم الغرايري حديثه بأنّ التصويت في الانتخابات الرئاسية ربما سيكون مختلفا عمّا حدث في البرلمانية لأنّه سيقوم على علاقة الناخب بالشخص وليس الحزب أو القائمة الانتخابية وهو ما سيغيّر في معادلة النتائج المفترضة.
دعم مرشح موحّد لـ"الرئاسية"
وعلى الطرف الآخر من السباق حذّر عدد من قياديي القوى الوسطية الاجتماعية في تونس، قبل ساعات من انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية غرّة تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، حذروا من تغوّل حزب "نداء تونس"، مطالبين بضرورة تعديل المشهد السياسي في الانتخابات الرئاسية، من خلال الالتفاف حول مرشّح واحد يتمّ الاتفاق بخصوصه.
ودعا مصطفى بن جعفر، رئيس حزب التكتل ورئيس المجلس الوطني التأسيسي خلال مؤتمر صحفي، ما وصفها بالقوى الديمقراطية لجلسة مغلقة قصد الاتفاق على دعم مرشح موحّد لـ"الرئاسية" تفاديا لتشتيت الأصوات مثلما حصل في الانتخابات التشريعية.
ومن بين الذين وجّه لهم بن جعفر الدعوة الرئيس محمد المنصف المرزوقي ورئيس الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي والناطق باسم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي.
لكن زياد الأخضر الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين، أحد مكوّني الجبهة الشعبية، قال إنّ الهمّامي غير معني بهذه الدعوة وأنّه (الهمّامي) ممثل الجبهة ولا تراجع عن خوضه السباق الرئاسي.
من ناحيته اعتبر المترشح للرئاسية سمير العبدلي دعوة بن جعفر انقلابا على المسار الانتخابي وخرقا للدستور. وقال العبدلي في بيان تلقى "عربي21" نسخة منه "إنّي أتساءل تحت أيّ صفة أطلق (بن جعفر) مبادرته هذه، هل بصفته رئيسا للمجلس الوطني التّأسيسي و بذلك لا يحقّ له القيام بهذه المبادرة، أم هل أطلقها بصفته المرشّح الرّسمي للرّئاسّة عن حزب التّكتّل وهنا عليه أن يستقيل من منصبه في المجلس الوطني التّأسيسي".
3 مقاعد فقط لـ 3 مترشحين للرئاسية
من جانبه قال محمود البارودي، القيادي بالتحالف الديمقراطي، أحد الأحزاب المنهزمة في الانتخابات البرلمانية، لـ"عربي21" أنّ دعوة مصطفى بن جعفر لا معنى لها لفوات الأوان، وبحسب رأيه كان لا بدّ لعديد الأحزاب، على غرار التحالف الديمقراطي والجمهوري والتكتّل وغيرها، أن تتّحد في حزب وسطي خاصة أنّه لم يحقّق كلّ منها سوى مقعد وحيد في البرلمان، رغم أنّ رؤساءها الثلاثة مترشّحون للرئاسية.
وأكّد سمير ديلو، القيادي بحركة النهضة في تصريح إعلامي الخميس إنّ الانفراد بالسلطة في هذه المرحلة غير مفيد، ممّا يحتّم على كثير من الأحزاب الاجتماع على مُترشّح واحد وهذا من صميم الديمقراطية.
وكان المكتب الاعلامي لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي كذّب ما ذكره محمود البارودي في إحدى القنوات بأن اجتماعا مغلقا مساء الأربعاء ضمّ الغنوشي والمترشحين للرئاسية مصطفى بن جعفر ونجيب الشابي ومنصف المرزوقي.