تابعت الصحف الغربية باهتمام كبير
تهجير الجيش
المصري للسكان القاطنين في المنطقة الحدودية بين قطاع
غزة وشمال
سيناء تمهيدا لإقامة منطقة عازلة بزعم محاربة الإرهاب.
وحذرت عدة صحف من خطورة هذه العملية على المدى الطويل، مؤكدة أنها ستزيد الأمور تعقيدا في بلد يبدو أبعد من أي وقت مضى عن الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي.
نتائج عكسية
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إنه من الصعب معرفة حجم المعارضة الحقيقية بين أهالي شمال سيناء لقرار
الجيش المصري هدم منازل الآلاف منهم بالمنطقة المحاذية للشريط الحدودي مع قطاع غزة، بسبب منع أي تغطية صحفية هناك.
وأضافت الصحيفة ـفي تقرير نشرته الجمعةـ على الرغم من أن أهل سيناء هم الأكثر تضررا من الأحداث الأخيرة، لكن التعتيم الإعلامي على احتجاجاتهم ضد تهجيرهم من مساكنهم يقلل من التعاطف معهم، مشيرة إلى أن الجيش يستغل عدم الكشف عن تلك الاحتجاجات ليتحدث بثقة عن جهوده في محاربة ما يسميه "الإرهاب" هناك، على الرغم من الإهمال الحكومي في سيناء الممتد منذ عقود طويلة.
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن الحكومة المصرية تجد صعوبة في إنهاء ما أسمته "التمرد المسلح" في سيناء، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول نجاعة الاستراتيجية الأمنية والإعلامية بما في ذلك الهجوم الإعلامي المكثف على الفصائل الفلسطينية في غزة واتهامه بالوقوف وراء الهجمات التي أوقعت العشرات من رجال الجيش والشرطة.
وحذرت من أن تهجير السكان في سيناء سيأتي بنتائج عكسية على المدى الطويل تزيد من تفاقم الأزمة بمصر، موضحة أنه "ببساطة، لا يمكنك أن تستخدم القوة الساحقة وتهدم منازل الأهالي بحجة منع الإرهاب ثم تطلب منهم بعد ذلك أن يدعموك ويعملون معك في وجه المتشددين".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن نائب مدير الأبحاث في معهد دراسات الحرب بواشنطن، آرون ريس، قوله إن هدم المنازل ينسجم مع النمط الذي يتبعه الجيش المصري في المواجهات، حيث يفضل استخدام القوة الساحقة ضد التهديدات المحتملة لتجنب الاستمرار في حرب المدن التي يصعب فيها التفريق بين المسلحين والسكان المحليين، كما أنه يستخدم الدبابات والمروحيات العسكرية ضد أهداف في سيناء للرد على الهجمات التي يشنها مسلحون.
من سيناء وليس من غزة
من جانبها، ذكرت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن تدمير المنازل في سيناء هو عقاب جماعي للسكان، محذرة من أنه سيؤدي بشكل تلقائي إلى تزايد تعاطف هؤلاء الأهالي مع "المسلحين المتشددين" الذين يحاربون تلك الحكومة الظالمة حسبما يعتقدون.
ونقلت "التليغراف" -في تقرير لها الخميس الماضي- عن العديد من خبراء الأمن تأكيدهم أن تهجير أهالي شمال سيناء غير مجدٍ، مستبعدين أن تحد هذه الخطوة من وتيرة الهجمات ضد قوات الجيش والشرطة، لأن الهجمات تأتي من شبه جزيرة سيناء وليس من غزة كما يروج الإعلام المصري.
ويتهم معارضو للانقلاب وعدد من أهالي سيناء نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وصل الحكم عبر انقلاب عسكري بإنشاء المنطقة العازلة بهدف تشديد الحصار على غزة، ومنع تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية عن طريق الأنفاق، استجابة لمطالب إسرائيلية.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت إخلاء المنازل الواقعة على بعد خمسمائة متر بين الحدود مع قطاع غزة، تمهيدا لتدميرها لإنشاء منطقة عازلة لوقف تسلل "الإرهابيين" إلى البلاد عبر الأنفاق بين الجانبين، على حد زعمها.
كما أنها أعلنت فرض حظر التجوال في شمال سيناء لثلاثة أشهر، وإغلاق معبر رفح لأجل غير مسمى. وجاء هذا القرار بعد ساعات من هجمات استهدفت نقاطا تابعة للجيش، أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
نكبة سيناء
ووصف موقع "والا" التابع للمخابرات الإسرائيلية تهجير أهالي شمال سيناء بأنه "نكبة" في تشبيه لما حدث للفلسطينيين عقب حرب عام 1948، وإجبار اليهود لهم على النزوح من مدنهم وقراهم داخل الخط الأخضر، والهجرة إلى الضفة الغربية وغزة أو خارج فلسطين المحتلة.
وأضاف "والا" -في تقرير نشره الجمعة- أن الجيش المصري لم يمنح أهالي الشريط الحدودي مع غزة سوى ساعات قليلة لإخلاء منازلهم قبل هدمها، وهدد من يبقى في المنطقة بعد انتهاء المهلة بالاعتقال، مشيرا إلى أن السلطات وعدت السكان بتعويضات غير كافية لشراء منازل جديدة.
أما صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فأكدت أن آلاف المصريين المقيمين على الحدود بين مصر وغزة أجبروا على إخلاء منازلهم قسرا، استجابة لرغبة الجيش في إنشاء منطقة عازلة يسهل مراقبتها فيما بعد والسيطرة عليها.
وأضافت الصحيفة أن إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة تأتي في وقت يشدد فيه نظام السيسي من قبضته الأمنية على عموم مصر بدعوى مكافحة الإرهاب، لكنه في الحقيقة يسعى إلى سحق أي معارضة له، ومع ذلك فإن الاحتجاجات تنتشر بصور مختلفة.
وأشارت "هآرتس" إلى أن المسؤولين الأمنيين المصريين ووسائل الإعلام الموالية للنظام الحاكم دأبوا في الأشهر الأخيرة على اتهام المسلحين الفلسطينيين بالوقوف وراء الهجمات في سيناء، إلا أن أجهزة التحقيق لم تقدم أي دليل حقيقي يعزز تلك الاتهامات التي تعكس فقط حجم الكراهية العميق من قبل السلطات المصرية لحركة "حماس".