دعا الباحث مايكل بيرلي، مؤلف كتاب "الدم والغضب: تاريخ ثقافي للإرهاب"، الغرب لتبني
إيران وإبرام صفقة معها لمواجهة تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش".
وناقش بيرلي الفكرة في مقالة نشرتها صحيفة "التايمز" البريطانية، حيث قال إن الغرب، وبعد استثماره الكثير من الآمال الكاذبة في
تركيا كي تشارك في الحرب على "داعش" وتواجه التنظيم المتشدد، لم يعد أمامه مجال إلا البحث عن حليف جديد. ولكن إن وضع الغرب الكثير من المخاطر جانبا فقد "تكون إيران أحسن حليف لنا في المنطقة، إن أردنا وقف تقدم الجهاديين".
ويضيف بيرلي "للكثيرين فالتشارك في هدف واحد مع دولة من دول محور الشر يعتبر أمرا بغيضا، ولكن ومنذ بداية توسع (داعش) في كل من سوريا والعراق قدمت إيران لنا المساعدة، فقد أقرضت إيران العراق خدمات الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجمهوري، والذي زرع خبراته في حرب العصابات والعمليات التخريبية في عدد من الميليشيات الشيعية العراقية، ويزعم الإيرانيون أيضا أنهم قدموا دبابات وجنودا للعمل عليها للحكومة العراقية، كما قدموا دعما تكتيكيا للخطوة المدعومة من الغرب والإطاحة برئيس الوزراء الشيعي الفاشل نوري المالكي".
ويشير بيرلي إلى أن "إيران لديها مصلحة في سحق (داعش)؛ لأنه يهدد محور التاثير الذي أقامته في كل من العراق وسوريا، والذي يمتد إلى جنوب لبنان، المنطقة التي تعد معقل الجماعة الوكيلة لإيران هناك، أي حزب الله. كما وأعلنت إيران عن خطوط حمراء للتدخل في العراق في حال هاجم (داعش) كربلاء والنجف أو في حال توغله في العمق، الذي حددته إيران على الحدود مع العراق، وهو طوق يمتد على 40 كيلومترا من حدودها داخل الأراضي العراقية".
ويرى الكاتب أن إيران، التي يعاني مرشدها الأعلى آية الله علي خامنئي من وضع صحي سيئ، لم تكن لتهمل تهديدات "داعش" للمشاعر المقدسة عند الشيعة في النجف وكربلاء؛ حتى لا ترسل الهجمات رسالة للشعب الإيراني المتململ حول ضعف قادتهم.
ويجد بيرلي أن تدخل إيران مهما كان مهما ومضرا بـ "داعش"، لكنه يمثل عقبة للغرب. فكيف ستتسامح السعودية مع عدوها اللدود إيران، وتتقبل دخول قوات إيرانية للعراق، في الوقت الذي تدفع فيه الرياض فاتورة حرب بمليارات الدولارات ضد وكيل إيران في سوريا، بشار الأسد؟
ويتابع بيرلي أن ما هو أسوأ من موقف الرياض ما يتعلق بالموقف التفاوضي لإيران في جنيف بشأن ملفها النووي، فربما رفضت تقديم تنازلات مهمة بهذا الشأن.
ويرى الكاتب أن دعم إيران الحرب على "داعش"، والمفاوضات حول الملف النووي، قد يؤديان لتخفيف العقوبات عليها، وهو ما سيفرح الكثير من المستثمرين والمصرفيين، ولكنها –المفاوضات- قد تترك إيران بمشروع نووي قابل للحياة.
ويذهب بيرلي إلى أن سيناريو كهذا سيكون مثار قلق لإسرائيل، التي تريد تغيير المعادلة الأمنية لصالحها، فعبر ضغوط على أوباما من الكونغرس والسعودية وروسيا، لعقد صفقة مع إيران تلعب لصالح إسرائيل، وتقنعها بعدم التصرف بطريقة فردية وتدمير المفاعلات الإسرائيلية.
كما ويعني تدخل إيران ضد "داعش" امتناع دول المنطقة، التي سلحها الغرب لنشر قوات لها في العراق، وفق الصحيفة.
ويصف بيرلي
التحالف الذي تضعه الإدارة الأميركية في مركز الاستراتيجية ضد "داعش" بأنه بلا أسنان. وهو تحالف ليس مهما، كما يرى؛ لأن أيا من الوكالات الأمنية الغربية قامت بالتنبؤ بقوة "داعش" في بداية العام الحالي.
ويلفت الكاتب إلى أن رفض الإدارة مواجهة حجم التهديد كان واضحا في عزل مايكل فلين مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية في البنتاغون، وكان رأيه أن ما جرى في العراق "هو أكثر مناخ مشوش وغير واضح يمر علي خلال عملي (33 عاما)" ولم تعجب تصريحاته البيت الأبيض.
ويعتقد بيرلي أن الغارات الجوية التي تقوم بها مقاتلات "رابتور" لم تعد تجد أهدافا لضربها، وتكلف يوميا 7.5 مليون دولار من الوقود والذخيرة الذكية، التي أصبحت تستخدم لسحق سيارات تويوتا وبيك أب قديمة من أجل "إبطاء" زخم تقدم "داعش".
ويبين الكاتب بأنه لا توجد هناك أدلة كثيرة على تخلي السنة في الأنبار عن "داعش"، على الرغم من التكهنات حول صحوات جديدة في الأنبار، التي استخدمتها واشنطن قبل عقد من الزمن ضد القاعدة.
ويدير أبو بكر البغدادي منظمة تتعلم من أخطائها، وربما بطريقة أكثر فعالية من الذين يحاربونه وتنظيمه.
ويذكر الكاتب أن المنظمات
الإرهابية في عام 2004 كان عددها 21 منظمة، موزعة على 18 دولة، أما اليوم فعددها 41 منظمة، موزعة على 24 دولة، وهذا لا يشمل الجهاديين الغربيين.
ويختم بيرلي مقاله بالإشارة إلى أنه في عام 2010 كاد الغرب يمحو تنظيم القاعدة، مبينا أن "الغرب سيقاتل هذا التنظيم في حرب قد تدفعنا للتعامل مع رفاق غريبي الأطوار- أي إيران".