قالت مصادر حكومية وقضائية إن "
مصر أعدت مشروع قانون يشدد القيود على التغطية الإعلامية للقوات المسلحة"، وسط قلق صحفيين من أن إقرار المشروع سينهي ثلاث سنوات من حرية نسبية تمتعت بها وسائل الإعلام.
وبسّط مصدر من أن يكون مشروع القانون تهديدا للحريات التي نالها المصريون بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 قائلا إن "المشروع الذي لا يزال محل بحث سيقيد فقط التغطية التي من شأنها تعريض الأمن القومي للخطر في وقت تحارب فيه مصر المتشددين الإسلاميين".
لكن الصحفيين يخشون من أن إقرار المشروع سينهي التغطية الإعلامية للجيش الذي صار له نفوذ سياسي واقتصادي كبير باعتباره الدعامة الأساسية للدولة، إذ يمنع قانون معمول به منذ عشرات السنين نشر شيء عن الجيش دون إذن، لكن مشروع القانون الجديد الذي سرب إلى وسائل إعلام محلية سيزيد القيود والعقوبات على مخالفيها.
فقبل سقوط مبارك كانت وسائل الإعلام المصرية تنشر البيانات الرسمية للجيش فحسب، ولكن بعد الانتفاضة لم يطبق القانون على النحو السابق وتعرض الجيش الذي أدار البلاد لفترة انتقالية لانتقاد واسع النطاق.
ولم ينشر مشروع القانون الجديد رسميا، لكن صحيفة الوطن المؤيدة للحكومة نشرت ما قالت إنه نص المشروع وجاء فيه: "يحظر بأي وسيلة من الوسائل نشر أو إذاعة أو إفشاء أو عرض أية أخبار أو معلومات أو إحصاءات أو بيانات أو وثائق أو مستندات تتعلق بالقوات المسلحة أو تشكيلها أو تحركاتها أو عتادها أو بعملها أو بخططها" إلا بعد إذن مكتوب من القيادة العامة للقوات المسلحة، مضيفة أن "مخالفي ذلك يعاقبون بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات أو غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه (1400 دولار) ولا تزيد على خمسين ألف جنيه".
ومن شأن مشروع القانون إصابة الصحفيين بخيبة أمل وهم في دولة جاء معظم رؤسائها من الجيش الذي مشروعات اقتصادية تبدأ من تعبئة مياه الشرب مرورا بصناعة الأدوات المنزلية والأطعمة المغلفة، كما يشرف على مشروعات بنية أساسية بينها توسعة قناة السويس.
ولم تعلق الحكومة علنا على مشروع القانون المنشور لكن ثلاثة مصادر قالت إنه "قيد المناقشة في قسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الذي يضم محاكم القضاء الإداري، لمراجعته قبل إقراره".
وقال عامر تمام الصحفي بجريدة الأخبار الرسمية إنه يرى أن "القانون سيء للغاية وفيه تعدٍ على حرية
الصحافة"، مضيفا بأن "وزارة الدفاع تملك مشاريع اقتصادية ويمكن أن يكون فيها فساد. هل لو نشرت خبرا عن وجود فساد في أي مشروع من تلك المشاريع أسجن خمس سنوات؟ هل لو أنا نشرت خبر مشاجرة في محطة بنزين "وطنية" التابعة للجيش أسجن أيضا؟".
التحركات العسكرية
وقال المصدر المطلع على الأمر إن دافع التعديلات القانونية المقترحة هو العنف في شبه جزيرة سيناء، حيث يقاتل الجيش المتمردين، مضيفا أننا "أولا نحن أمام مشروع قانون لا يزال قيد المناقشة في مجلس الدولة. وبالتالي لا أحد يعرف ماذا سيقول المجلس." وتابع المصدر "لكن الهدف ليس منع أحد من الكتابة عن الجيش بشكل عام. ليس مسموحا للصحفيين في أي مكان في العالم بالكتابة عن التحركات أو العمليات العسكرية دون التأكد من أن ما ينشر لن يهدد الأمن أو يعرض القوات للخطر."
ويخشى الصحفيون من أن الإضرار بالأمن القومي تعبير واسع، وبالتالي يمكن أن يتعرضوا لإلقاء القبض عليهم وتقديمهم لمحاكمات عسكرية إذا أساءوا تقدير ما هو خطوط حمراء. ويقولون إن المشروع يتيح للجيش مجالا واسعا لمنع انتقاده.
وحكم على ثلاثة صحفيين يعملون في قناة الجزيرة المملوكة لقطر بالسجن بين سبع وعشر سنوات في يونيو حزيران لإدانتهم بمساعدة "جماعة إرهابية" في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو حكم أدانته الحكومات الغربية التي تقدم مساعدات عسكرية واقتصادية لمصر.
وبعد هجوم قتل فيه 33 من مجندي الجيش في سيناء الشهر الماضي أصدر رؤساء تحرير الصحف المصرية بيانا تعهدوا فيه بأنهم لن ينشروا الأخبار التي تنطوي على "التشكيك" في الجيش