"سطع نجم حراس المرمى حول العالم، ويضرب بهم المثل بالحرفية والشجاعة، مع أنهم يدافعون عن مرمى كرة قدم لن أوازي أو أشبه أهميته بالمسجد
الأقصى الذي أعمل حارسا له، فنحن سور من أسوار هذا المكان المقدس للمسلمين في العالم، نتعرض للضرب، والإبعاد عنه، والسجن، لأننا نتصدى لاعتداءات المستوطنين"، هذا ما قاله أحد حراس المسجد الأقصى لمراسل "عربي21".
يتوزع 140 حارسا على أبواب المسجد الأقصى وفي ساحاته، يراقبون ما يجري في محيطه وأبوابه، ويرصدون محاولات المستوطنين المتنكرين بلباس عربي التسلل ضمن المصلين في ساعات الازدحام إلى ساحات المسجد، وعندما يحاولون التصدي لاقتحامات المستوطنين يتعرضون للضرب والتنكيل والإبعاد على يد قوات الاحتلال، بحسب رواية عدد من الحراس في حديثهم لـ"عربي21".
ولعل حريق الأقصى عام 1969، كشف أهمية الدور الذي يقوم به هؤلاء الحراس، فكان ليقظتهم دور حال دون إتمام مخططات الإحراق، إضافة إلى مواقف كثيرة أحبطوا خلالها محاولات لتدمير المسجد الأقصى، أو التسلل إلى داخله من قبل المستوطنين أو انتهاك قدسية المكان.
ولكل حارس من
حراس الأقصى حكايته التي يرويها؛ ومنهم منذر عاشور (57 عاما)، وهو أحد حراس المسجد الأقصى منذ 25 عاما.
قال عاشور لـ"عربي21": "كنت في البداية مرابطا في المسجد، في مراحل دراستي الإعدادية والثانوية، وكنت أتواجد بشكل يومي في المسجد لحمايته من اقتحامات المستوطنين، وبعد ذلك عينتني الأوقاف لأكون حارسا للمسجد الأقصى".
ووصف عاشور ما يتعرض له المصلون من مضايقات قوات الاحتلال، بالقول: "يفتشون الهويات، ويضايقون النساء والمرابطين، ونحن الحراس نتعرض لاستفزاز مستمر من قبل قوات الاحتلال، ونتعرض للاعتقال الإداري والإقامة الجبرية في المنازل، وكذلك الإبعاد عن المسجد الأقصى، ومنعنا من دخوله من خلال محاكم الاحتلال".
ويفرض الاحتلال
الإسرائيلي الغرامات المالية على حراس الأقصى وأبنائهم، ويمارس بحقهم الاعتقال، مثلما حدث مع عاشور، الذي اعتقل أكثر من مرة خلال انتفاضة الأقصى، وخلال السنوات السابقة.
وأضاف: "خلال اقتحامات المستوطنين يتعرض حراس الأقصى لاعتداءات من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ففي حال تصدينا لأي مستوطن نتعرض لاعتداءات. وعلى الرغم من اعتقالنا أكثر من مرة، وإصدار أوامر بمنعنا من دخول الأقصى، إلا أننا دائما نصر على العودة للمسجد وعدم تنفيذ أوامر الاحتلال".
وتابع: "نحن لا نخاف إلا من الله، وحتى إن أصدروا أوامر جديدة بإبعادنا لن ننفذ، وسنبقى مرابطين في المسجد إلى يوم الدين. حراستي للأقصى بالنسبة لي واجب ديني قبل أي شيء".
وهذا حال زميله سامر أبو قويدر (39 عاما)، وهو أحد حارس الأقصى منذ تسع سنوات، وعاد إليه منذ أيام بعد إبعاده مدة ثلاثة شهور، ومنعه من دخوله.
قال أبو قويدر لـ"عربي21": "تم إبعادي عن المسجد ومنعي من دخوله منذ رمضان، وتمكنت من دخوله فقط منذ أيام، وهذه رابع مرة يتم منعي فيها من دخول المسجد. أبعدوني لمسافة 150 مترا عن البوابات الخارجية للمسجد، وهذه جريمة كبرى يرتكبها الاحتلال عندما يمنع مسلما من دخول مكان مقدس بالنسبة له، فإبعاد المسلم عن بيت الله جريمة. كما أنهم أبعدوا مرابطين ومرابطات".
وينتمي أبو قويدر لأسرة كان عدد من أفرادها حراسا للأقصى، حيث أوضح أن والده "كان حارسا للأقصى قبلي، وكان مسؤول وحدة الحراسة الصباحية. وأيضا أخي ناصر كان حارسا للمسجد وأبعد عن المسجد الأقصى لمدة عام كامل قبل ست سنوات".
وقال أبو قويدر، إن عمله حارسا للمسجد الأقصى، واجب ديني أكثر من أنها وظيفة، "فنحن ننظر لحراسة المسجد الاقصى في الوقت الراهن والمخططات الإسرائيلية لتهويد الأقصى على أنها واجب ديني وليست وظيفة. حتى لو لم أكن من الحراس الدائمين في المسجد، واجبي يحتم علي التواجد اليومي في المسجد، خاصة أني من سكان البلدة القديمة للقدس" المحتلة.
بدوره، يقول مهند إدريس (32 عاما)، وهو أيضا من حراس المسجد الأقصى منذ ثماني سنوات: "نحن نتعرض لمضايقات مستمرة من الجيش والقوات الإسرائيلية والمستوطنين، فعناصر الاحتلال تأتي باستمرار لتفتيش المسجد الأقصى، ويطلبون منا مفاتيح المساجد، ونحن نرفض لأننا نأخذ الأوامر فقط من الأوقاف وليس من أي جهة أخرى، وفي حال اقتحم مستوطن المسجد وحاول التخريب فيه نقف في وجهه، وبالتالي تقوم قوات الاحتلال بالاعتداء علينا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال إدريس إنه تعرض مؤخرا للحبس أربعة أيام، وللضرب في ساحات المسجد وفي المعتقل.
ويذكر إدريس أنه قبل سنوات عدة أصدر الاحتلال بحقه أمرا بالإبعاد عن المسجد الأقصى مدة 90 يوما، والإقامة الجبرية في المنزل، لكن الأوقاف وقتها عينت له محاميا ولم ينفذ الحكم، ولكن فرضت عليه غرامة مالية.
وقال إن "الاحتلال يريد إبعادنا عن الأقصى بكل الوسائل، إما بالحبس أو بالإبعاد أو حتى بالغرامات المالية".