• كيانات حقوق الإنسان عبارة عن مجالس ديكورية تحركها المصالح
•
مرسي لم يكن رئيساً بشكل فعلي لأن كل أدوات السلطة لم تكن بيده
• قبرص واليونان مجرد أصفار لا تأثير لها في الاتحاد الأوروبي
• المعارضة مفككة وتنقصها الخبرة السياسية لكن لا رجعة عن التغيير
• خطأ الإخوان أنهم أصروا على اتخاذ مذهب إصلاحي لا ثوري
• أمريكا وأوروبا تؤيدان انقلاباً عسكرياً قتل آلاف
المصريين
• لا يوجد شيء اسمه "مجتمع دولي" والسُذج هم من يعولون عليه
• مرسي ما زال هو رئيس مصر مع علمي أنه زاهد في المنصب
• خطوات وإنجازات "بيان القاهرة" بطيئة جداً وتواجهه عقبات كثيرة
• أقدر المعارضة في الخارج لكن الحراك في الداخل هو الأجدى
طالب مساعد وزير الخارجية الأسبق ورئيس جبهة الضمير الوطني السفير إبراهيم يسري، المصريين بعدم التعويل بأي شكل من الأشكال على ما يسمى بـ"
المجتمع الدولي"، واصفاً من يعولون عليه بـ"السذّج".
وأضاف يسري في حوار خاص مع "عربي21" أن على المعارضة في مصر أن لا تلتفت إلى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان "فمن يدعون أنهم أصحاب حقوق الإنسان هم أنفسهم الذين يقتلون الشعوب بشكل مباشر أو غير مباشر باسم هذه الحقوق".
ورأى أن الدكتور محمد مرسي "كان قديساً، ولم يكن رئيساً بشكل فعلي"، مؤكداً أن أدوات السلطة لم تكن بيده، "بل كانت ضده، وساهمت بشكل كبير جداً في إسقاطه".
وتناول الحوار مع يسري الحديث عن أهداف القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص، والعقبات التي تواجه "بيان القاهرة" الذي يهدف لتوحيد ثوار يونيو، وتقويم المعارضة في الداخل والخارج، والموقف الأمريكي والأوروبي تجاه الأوضاع في مصر، وغيرها من المحاور.
وتالياً نص الحوار:
المعارضة والمجتمع الدولي
* ما تقييمك لجلسة حقوق الإنسان الدولي بجنيف التي ناقشت أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟
- بحكم تجربتي على مدار أكثر من أربعين عاماً، وخبرتي بما يسمى "المجتمع الدولي"، أقرر أنه لا يوجد شيء اسمه "مجتمع دولي" أو "حقوق إنسان"، فكل هذه أوهام وألاعيب مفضوحة، ويجب علينا ألا ننخدع بها، فمن يدعون أنهم أصحاب حقوق الإنسان هم من يقتلون الشعوب بشكل مباشر أو غير مباشر باسم هذه الحقوق المزعومة، ولنضرب مثالاً بجورج بوش الذي لم يحاسبه أحد على خلفية ممارساته الإجرامية في العراق، وغيره كثير.
لذلك؛ لا يجب التعويل بأي شكل من الأشكال على ما يسمى "المجتمع الدولي" سواء كانت المحكمة الجنائية الدولية، أو القضاء الدولي، أو حتى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، ولا حتى الرأي العام الدولي، فهم لم ولن يتضامنوا معنا أو مع غيرنا في القضايا العادلة، ويجب على من يريد الحصول على حقوقه أن يحصل عليها بالتحرك داخل وطنه وليس خارجه.
* وماذا عن مطلب المجلس الثوري المصري تشكيل لجنة تحقيق أممية أو دولية في انتهاكات سلطة الانقلاب؟
- لقد تم تشكيل لجنة مماثلة في قطاع غزة برئاسة القاضي جولدستون، وكان تقريره بمثابة وثيقة إدانة رسمية لقادة وجنرالات "إسرائيل"، لكن في النهاية لم يحدث لهم أي شيء، ولذلك فالسذج هم فقط من يعولون على ما يسمى بالمجتمع الدولي، أضف إلى ذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، وحتى دستور سلطة الانقلاب، كل هذا لا قيمة له على الإطلاق، ولذلك لا تحدثني عن كيانات حقوق الإنسان، فهي مجالس ديكورية صورية لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن المصالح فقط - وليس المبادئ - هي المحرك الأول والأخير لها.
* ولماذا تصر مصر على عدم التوقيع على اتفاقية روما؟
- أرسلت لكبار المسؤولين في الدولة قبل أيام طالباً منهم ضرورة التوقيع على اتفاقية روما، وخاصة أنها تتضمن بعض الأمور التي قد تكون مفيدة لهم، ولكن يبدو أنهم لن يستجيبوا لندائي، ولا غرابة في ذلك؛ فالدول العربية جميعها - باستثناء الأردن وجيبوتي - لم توقع على اتفاقية روما، وكذلك جميع الدول الإفريقية، لأن الحكام يخافون كثيراً من التوقيع عليها خشية تكرار سيناريو رئيس يوغسلافيا السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، أو الرئيس السوداني عمر البشير.
القمة الثلاثية
* ما رأيك بالقمة الثلاثية بين قبرص ومصر واليونان؟
- هي قمة هزلية، ولا أفهم أهدافها، ولا أعرف نتائجها، فهم يقولون إنهم سيتعاونون معاً في مكافحة الإرهاب، وأنا أتساءل: هل لدى قبرص واليونان "إرهاب"؟ وهل لديهما تنظيم لجماعة الإخوان المسلمين مثلا؟!
إن من غير المنطقي الادعاء بأن قبرص واليونان ستقدمان مساعدات للاستثمار في مصر، لأنهما دولتان مفلستان، والاتحاد الأوروبي يقدم لهما مساعدات كثيرة، فهم بحاجة إلى من يساعدهم وليس بمقدورهم مساعدة أحد.
* هل تعتقد أن لقبرص واليونان أي تأثير داخل الاتحاد الأوروبي؟
- كلا على الإطلاق، لأنهم عبارة عن مجرد أصفار ومفلسين لا قيمة لهم، وجاءوا لمصر لمحاولة تقنين نهبهم للغاز المصري من مياهنا الاقتصادية، في الوقت الذي نحن بحاجة فيه لمتر غاز واحد، أو لتر بنزين، في حين نسمح لهؤلاء بنهب ما قيمته 240 مليار دولار من الغاز، وهذا المبلغ قادر على أن يجعل مصر على غرار السعودية والإمارات دون التسول منهما.
بيان القاهرة
* ما هو مصير بيان القاهرة الذي يهدف لتوحيد ثوار يناير، وخاصة أننا لا نجد له أي تأثير ملموس في الواقع؟
- بيان القاهرة ليس تنظيماً يقيم المظاهرات والفعاليات الميدانية، وإنما هو دعوة للاصطفاف الثوري، بمعنى أن يتوحد كل معارضي الانقلاب، ويشارك معنا في هذا البيان شخصيات تنتمي لمعسكر 30 يونيو، وآخرون من حركة شباب 6 أبريل و"كفاية"، بالإضافة إلى معظم معارضي "الإخوان" الذين اكتشفوا حقيقة ما يجري، لكن تواجهنا عقبات كثيرة، فليس لنا مقر ولا ميزانية، ومع ذلك فنحن نبذل الجهود التي نستطيع بذلها، ونتحاور ونتواصل مع الجميع لتحقيق أهداف البيان، لكن بخطوات بطيئة جداً.
* وهل يوجد تفاعل أو ترحيب بفكرة "بيان القاهرة" من قبل الأطراف التي تتواصلون معها؟
- نعم؛ هناك ترحيب وتقبل للفكرة، وبعض الناس أعلنوا موافقتهم على البيان فوراً، وآخرون رحبوا دون أن يعلنوا ذلك لأسباب تخصهم كأن يكونوا منتمين إلى فصائل أخرى، رغم أننا أعلنا ترحيبنا بأي شخص أو فصيل حتى لو كان شيوعياً أو علمانياً، ما دام أننا نشترك في نفس الهدف، وهو حماية الشرعية.
* وما هو موقع الرئيس السابق محمد مرسي من هذه الشرعية بالنسبة لكم؟
- محمد مرسي ما زال هو رئيس مصر وفقاً للقوانين، ولقد طالبت السيسي مراراً بأن يقوم بـ"شرعنة" نفسه، فقد يكون شخص "مرسي" قد انتهى؛ إلا أن شرعيته لم تنته، فإذا كنت تريد إنهاء حكم مرسي؛ فيجب أن يتم ذلك بطريقة شرعية من خلال إجراء استفتاء شعبي، أو انتخابات حرة يكون فيها مرسي مرشحاً - مع أنني أعتقد أنه زاهد في المنصب -، ويترشح معه أي شخص آخر، ويقول الشعب كلمته، لأن الشعب هو الذي له أن يقرر كل شيء وينتخب رئيسه وبرلمانه.
* لكن قد يوصف ذلك بالأحلام الوردية أو الأوهام التي لن تتحقق؟
- الوردي والوهمي هو ما نحن فيه الآن، وليس من المقبول تأزيم وتعقيد القضية في شخص الدكتور محمد مرسي الجدير بالاحترام والتقدير، وهو لن يعطل مسار الدولة، وإذا ما عرف أنه سيعرقل التسوية سيرحل على الفور من تلقاء نفسه.
مرسي والسيسي والمعارضة
* ما تقييمك لأداء الرئيس مرسي في الحكم؟
- الدكتور مرسي كان قديساً ولم يكن رئيساً بشكل فعلي، لأن كل أدوات السلطة لم تكن بيده، بل كانت ضده، وساهمت بشكل كبير جداً في إسقاطه.
* ما تقييمك لأداء المعارضة حاليا؟
- المعارضة مفككة، وتفككت أكثر في الفترة الأخيرة، وذلك بسبب عدم وجود ممارسة سياسية لمدة 60 سنة، ولا حتى من قبَل النخب، وأنا واحد منهم، فقد نجح العسكر منذ أيام الانقلاب الأول، أو ما يسمي بثورة 1952، في مخطط استخدام سلاح الكراهية كآلية سياسية، والسياسة لا يوجد فيها حب أو كراهية.
ما أردت قوله هو أننا ينقصنا الخبرة السياسية؛ لأننا منذ ستين سنة لا نعرف إلا فرعون، لكن الوضع الحالي مختلف تماماً عما كانت عليه الأوضاع في السابق، والتغيير أصبح حتمياً ولا مفر منه، لكن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
* وكيف تقيم دور المعارضة في الخارج؟
- أنا أؤمن أن التغيير الأجدى ينبغي أن يكون من داخل مصر، ولكنني في الوقت ذاته أقدر معارضة الخارج، فهم أبطال ومناضلون سافروا للخارج مضطرين على غير رغبة منهم، ويقومون بعمل دعاية للشرعية، ويخدمون البلد من خلال محاولة توضيح حقيقة ما يجري وفضح ممارسات النظام، لكن الفعل المؤثر والأقوى يكون هنا في مصر.
* ما رأيك في أداء نظام السيسي؟
- معيار نجاح فشل أو نجاح النظام الحالي هو الاقتصاد، وأعتقد أنه لو نجح في الاقتصاد وجعل الشعب يعيش حياة كريمة؛ فإنه من الممكن أن يستمر لفترة، لكن الذي أراه هو الفشل الذريع، وأرجو أن أكون مخطئاً.
* هل ترى أن الأوضاع قد استقرت لسلطة "الانقلاب"؟
- لا أعتقد ذلك؛ لأنه لا يوجد أي استقرار في الداخل، وأوضاع الانقلاب في الخارج غير مستقرة أيضاً.
* وفقاً لمعلوماتك؛ هل حصل تواصل بين المعارضة وبين النظام؟
- لا، ولكن تحدث لقاءات جانبية مع بعض الشخصيات المحسوبة على النظام دون أن تسفر عن شيء، لأن تلك الشخصيات ليست ذات نفوذ كبير.
* مَن الذين تحملهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الحالية؟
- جميع أطراف الأزمة الحالية مخطئة، والعسكر يتحملون النصيب الأكبر، لكن أخطاء الإخوان في الحكم كانت سبباً رئيساً في الأزمة، وقد حذرتهم قبل الانتخابات، وقلت لأعلى قيادة إخوانية: لا ترشحوا رئيساً للجمهورية، ونصحتهم أيضاً بأن يرشحوا للبرلمان ما يُكسبهم 25 بالمئة فقط من المقاعد، وذكّرتهم بتجربة الجزائر التي عايشتها عن قرب، لكني وجدتهم يقعون في نفس الأخطاء، وخاصة أنهم اتخذوا مذهباً إصلاحياً وليس ثورياً، فالثورة تعني هدم كل منابع الفساد.
* الموقف الأمريكي من الأزمة المصرية يصفه مراقبون بأنهم "ملتبس ومتناقض"، فكيف تنظر إليه؟
- أمريكا وأوروبا لديهما مشكلة معنوية؛ وهي أنهما تؤيدان انقلاباً عسكرياً قتل آلاف المصريين، وتحاولان خداع شعوبهما بزعم أنهما لم تقبلا ذلك، ولذلك اضطرت أمريكا أن تقوم بـ"تمثيلية" عقوبات، وأوروبا أرسلت كاترين آشتون، وهذا كله كلام فارغ لا قيمة له، فمخططهم هو تحطيم وتقزيم مصر لحرمانها من ماء الحياة ومن الطاقة، ومن أي عامل قوة، وإبقاؤها ككيان هامشي يكون دوماً في حاجة ماسة لهم كحاجة الطفل الرضيع لأمه؛ لتبقى مصر هيكلاً بلا قوة، ويتسنى لهما توطيد نفوذهما في المنطقة وحماية أمن الكيان الصهيوني.