استيقظ الطفل خليل إبراهيم في مدنية
الفلوجة صباح ذات يوم من نومه، ليجد نفسه في إحدى غرف الطوارئ بمستشفى المدنية العام فاقدا إحدى ساقيه، وذلك بعدما استهدفت صواريخ وقذائف الهاون التي تطلقها مليشيات "الحشد الشعبي" والقوات
العراقية على مدن وأحياء الفلوجة باستمرار.
يقول والد الطفل إبراهيم لـ"عربي 21": "هذه القذائف كانت كافية لتدمير منزلنا الواقع في الحي العسكري، ما أدى إلى بتر ساق ابراهيم وإصابة جميع أفراد العائلة الآخرين بجروح".
يحاول إبراهيم البالغ من العمر سبع سنوات النهوض للعب مثلما اعتاد سابقا، لكن دون جدوى، ليتأكد أنه أصبح معاقا ولا يمكنه بعد الآن من السير على قدميه، واللهو في باحة المنزل مع
أطفال الجيران.
يروي والد إبراهيم، المصاب هو الآخر بشظيه برأسه، تفاصيل إصابة ابنه، مبينا أن
القصف المدفعي وسقوط قذائف الهاون العشوائي المتكرر والقوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها من المناطق المحيطة بمدينة الحي العسكري "استهدفت منزلنا ليلا ونحن نيام"، فأصابت عدد من الشظايا ساق إبراهيم اليمنى إصابة بليغة، ما اضطر الأطباء إلى بترها خوفا من حدوث أعراض جانبية.
وذكر الأب أنه ليس إبراهيم وحده الذي أصيب، بل استهدف القصف والدته وشقيقته الكبرى أحلام (23 عاما)، لكن إصابة إبراهيم كانت الأخطر. وتساءل: "ما الذي اقترفه أهالي الفلوجة وأطفالهم حتى تقصفنا الحكومة وميلشياتها على مدار عام بهذه الهمجية والشراسة؟ ومن سيعوض إبراهيم ساقه؟
ولا يدري الوالد المفجوع ماذا يقدم لابنه الذي تغير مستقبله من الآن فصاعدا. وتابع بصوت يخالطه الأسى والحزن قائلا: "حالة ابني إبراهيم صعبة للغاية، وبحاجة إلى عناية طيبة خاصة، والأطباء المشرفون على حالته أكدوا لي مرارا وتكرارا أن عدم استقرار حالته سببها فقدان الدواء في ظل انعدام وصول أي مساعدات إلى المستشقى الوحيد الذي بات يشكو من قلة توفر الملستزلزمات الطيبة الحديثة لعلاج الحالات الخطرة".
وحالة ابراهيم هذه ليست حالة فريدة من نوعها في الفلوجة المنكوبة منذ بداية أزمة الأنبار، بل هناك أكثر من 450 طفلا طالهم القصف الحكومي فوجدوا أنفسهم إما معاقين أو يتامى حرموا من أمهاتهم وآبائهم وأشقائهم وشقيقاتهم.
وكان رئيس الأطباء المقمين داخل مشفى الفلوجة، أحمد الشامي، قد أكد أن مشفاه استقبل على مدى الشهور الخمسة الماضية 338 جثة و1402 جريحا، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، سقطوا نتيجة تعرض منازلهم إلى قصف بقذائف هاون في مناطق متفرقة من المدينة.
وأضاف الشامي أن أكثر المناطق التي تتعرض بشكل مستمر للقصف هي مناطق الجولان والسجر والصقلاوية شمال المدينة، وحيا العسكري والجغيفي شرقي المدينة، إضافة إلى أحياء نزال والرسالة والضباط وجبيل والشهداء وسط المدينة.
وبين الشامي أن المستشفى بحاجة إلى مساعدات طبية وغذائية عاجلة لمساعدة من تبقى فيها من الأطفال والأهالي، مطالبا بفك الحصار عن الفلوجة لإدخال المساعدات ومعالجة الجرحى.
بدورها، تروي والدة الطفلة ابتهال حميد، البالغة من العمر عشر سنوات، أنها لم تكن تعلم هي الأخرى بأن قذيفة هاون عشوائية ستحول حياتها وحياة ابنتها الوحيدة إلى حجيم، حيث أصبحت ابنتها ابتهال مقعدة تجلس على كرسي متحرك.
أصيبت ابتهال أثناء ذهابها إلى المدرسة في حي الجولان الذي تعرض لقصف عنيف من قبل الجيش العراقي من كل الجهات.
وأضافت الأم أنه بعد ساعات من القصف وجدت ابتهال مبرجة بالدماء، وقد فقدت ساقيها، وأن وضع ابنتها صعب جدا، ولن يمكنها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي مثل باقي الأطفال فيما حالتها النفسية صعبة، وهي الآن بحاجة إلى تأهيل نفسي عله يسهم في مساعدتها ويعيد إليها الأمل والثقة بالحياة لإكمال دراستها.