شهدت الحالة السياسية المصرية، على مدار الـ48 ساعة الماضية وعقب حكم تبرئة الرئيس المخلوع حسني
مبارك من قتل متظاهري
ثورة 25 يناير 2011، خمسة تحركات حكومية وإعلامية لاستيعاب آثار الحكم وغضب الجماهير بحقه.
وكانت محكمة مصرية قضت، السبت الماضي، ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه، من الاتهامات الموجهة إليهم بـ"التحريض على قتل المتظاهرين"، إبان ثورة 25 يناير 2011.
كما قضت المحكمة بعدم جواز نظر دعوى الاتهامات الموجهة للرئيس المخلوع حسني مبارك بـ"التحريض على قتل المتظاهرين"، وبراءته من تهمة "الفساد المالي عبر تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة"، وانقضاء دعوى اتهامه ونجليه علاء وجمال بـ"التربح والحصول على رشوة" لمرور المدة القانونية لنظر الدعوى والمحددة بعشر سنوات.
وجاء رصد التحركات الحكومية والإعلامية، على النحو التالي:
مطالبة الرئاسة المصرية بعدم التعقيب على أحكام القضاء:
قالت الرئاسة المصرية، في بيان لها، إن الرئيس عبد الفتاح
السيسي أكد أن "مصر الجديدة، التي تمخضت عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو ماضية في طريقها نحو تأسيس دولة ديمقراطية حديثة قائمة على العدل والحرية والمساواة ومحاربة الفساد، تتطلع نحو المستقبل، ولا يمكن أن تعود أبداً للوراء".
وأضاف البيان أنه "لا يجوز التعقيب على أحكام القضاء، وذلك إعمالا لنصوص الدستور المصري الذي كفل للقضاء المصري استقلالية تامة"، مؤكدا "ضرورة إعمال مبدأ الفصل بين السلطات، وتأكيداً للثقة الكاملة في عدالة قضاة مصر ونزاهتهم وحيادتهم وكفاءتهم المهنية".
التوجيه بتعديلات قانون الإجراءات الجنائية:
قال بيان الرئاسة ذاته، إن السيسي، الذي وصل للسلطة بانقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي، كلف "لجنة الإصلاح التشريعي بالحكومة بدراسة التعديلات التشريعية على قانون الإجراءات الجنائية التي أشارت المحكمة إلى ضرورة إجرائها، وإعداد تقرير عنها لتقديمه إلى رئيس الجمهورية".
وفي توصيات له، خلال تقديمه منطوق الحكم ببراءة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ووزير داخليته، حبيب العادلي، وستة من كبار مساعديه، من تهم الفساد المالي، وقتل المتظاهرين، قدم رئيس المحكمة القاضي محمود الرشيدي، عدة توصيات بهذا الشأن، ومنها "ضرورة التعجيل بتعديل تشريعي للفقرة الأخيرة من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، بإضافة الباب الثالث متقدما للباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، لتُبسط العدالة سلطانها على كافة صور الرشوة للموظف العام أو المتاجر بنفوذ حقيقي أو مزعوم"، بحسب منطوق الحكم.
التوجيه برعاية أسر قتلى ومصابي الثورة:
قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي وجه بـ"تكليف رئيس مجلس الوزراء، إبراهيم محلب باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمراجعة الموقف بالنسبة لتعويضات ورعاية أسر شهداء ومصابي الثورة، الذين قدموا حياتهم من أجل رفعة هذا الوطن".
السماح بمظاهرات لتنفيس الغضب:
سمحت السلطات المصرية بمظاهرات غضب ضد الأحكام، خرج فيها معارضون للحكم، في ميدان عبد المنعم رياض بالقرب من ميدان التحرير، واستمرت لمدة، قبل أن تهاجمها قوات الشرطة وتفضها، بعد انضمام عناصر من جماعة الإخوان المسلمين لها، بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية مساء السبت.
وقال البيان: "اتسمت التجمعات بالسلمية في التعبير عن مشاعرها، حتى انضم إلى إحدى تلك التجمعات بميدان عبد المنعم رياض عناصر من تنظيم الإخوان الإرهابي، وقاموا بالاشتباك مع عدد من المتجمعين، ورددوا الهتافات العدائية ضد قوات الجيش والشرطة وقاموا بإلقاء الحجارة على القوات، تم التدرج في إجراءات فض تلك المجموعة وتوجيه الإنذار لهم بالانصراف ومع إصرارهم تم التعامل معهم وتفريقهم".
وعلى الرغم من فض الأمن لمظاهرات طلابية بعدة جامعات، الأحد، إلا أن التعامل الأمني مع هذه التظاهرات لم يكن كباقي التظاهرات، حيث سمحت قوات الأمن للطلاب بالتظاهر لمدة طويلة، قبل أن تتدخل للفض، على عكس ما كان يتم قبل ذلك، بفض المظاهرات بمجرد بدئها.
البحث عن القاتل.. الإخوان؟
خرجت العناوين الرئيسية للصحف الحكومية والخاصة، بأسئلة حول المسؤول عن قتل المتظاهرين.
صحيفة اليوم السابع، نشرت في صدر صفحتها الأولى سؤالاً، من دون مزيد من العناوين، وهو "براءة.. إذن من القاتل؟"، فيما عنونت التفاصيل ببقية الصفحات على النحو التالي: "إذا كان مبارك وحبيب العادلي ومساعدوه الستة أبرياء .. إذن من القاتل؟"، وعنوان آخر "المحاكمة السياسية هي الحل".
وفي جريدة التحرير، وصف العنوان الرئيسي مبارك بفرعون ووزيره حبيب العادلي بهامان، على الرغم من أن شهادة رئيس تحرير ذات الصحيفة إبراهيم عيسى في القضية كانت إيجابية بحق مبارك، حيث وصفه بـ"الرجل الوطني".
وفي نفس الاتجاه، تساءلت صحيفة الشروق، في تقريرها الرئيسي عن القاتل بقولها، "براءة مبارك والعادلي وقيادات الداخلية في محاكمة القرن.. فمن القاتل؟"، أما صحيفة الوطن فطرحت السؤال على لسان أهالي القتلى من المتظاهرين بقولها: "ومن الذي قتل أبناءنا؟".
ولم تخل مقالات الرأي في تلك الصحف من السؤال نفسه، حيث قال الإعلامي عماد الدين أديب، في مقاله بجريدة الوطن، الذي حمل عنوان "ما بعد براءة مبارك"، إن "مسألة المسائل وسؤال الأسئلة وهو من فعلاً قتل المتظاهرين؟ هذا السؤال يحتاج إلى لجنة تحقيق مستقلة كي تحسم مسألة أنه إذا كان هناك قتيل، فهناك قاتل".
فيما ألمح الكاتب الصحفي حمدي رزق في مقاله بصحيفة المصري اليوم: "وهل كان سيحصل مبارك على البراءة في عهد الإخوان"، إلى الإجابة، بقوله "كما تدين تدان، وإذا كانت البراءة لمبارك والذين معه ليست على هوى البعض ممن ملكهم الهوى السياسي فإن الإدانة للنشطاء والإخوان لن تكون على الهوى، فليبتعد أصحاب الهوى عن العدالة، ويتركوها تفصل بين الناس بالحق".