قال حقوقيون وقادة رأي وفصائل فلسطينية إن واقع الحريات العامة بالضفة الغربية شهد مؤخراً تدهوراً كبيراً مع رصد ارتفاع في وتيرة حالات
الاعتقال والملاحقة على خلفية إبداء الرأي حول جملة مواقف شهدتها الضفة مؤخراً، عدا عن شكاوى تتعلق بحالات الاعتقال السياسي المستمرة، فيما تؤكد المؤسسة الأمنية الرسمية بأنها منفذة للقانون ولا علاقة لها بأي انتهاكات تحدث.
وأفرزت حادثة اعتقال رئيس وأعضاء نقابة الموظفين العموميين، وملاحقة
السلطة الفلسطينية لعدد من الشخصيات التي أبدت رفضها للقرار، وفصل موظف كبير بالتلفزيون الفلسطيني، حالة من الاستياء في الشارع الفلسطيني.
ووفقاً لمعطيات نشرتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والعاملة بالأراضي الفلسطينية فإن الانتهاكات الداخلية استمرت خلال شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي بوتيرة متفاوتة.
وتشير الهئية في تقريرها للشهر الماضي الى تلقيها 17 شكوى بالتعذيب وسوء المعاملة بالضفة و39 شكوى تركزت حول عدم صحة إجراءات التوقيف، كون توقيف المشتكين كان إما لأسباب سياسية أو توقيفاً تعسفياً و6 حالات توقيف على ذمة المحافظ وأربعة حالات تتعلق بانتهاكات حرية الرأي والتعبير والإعلام والتجمع السلمي.
وتؤكد النائب في المجلس التشريعي عن الجبهة الشعبية خالدة جرار بأن واقع الحريات يتراجع بشكل كبير بسبب الاعتقالات السياسية والاعتقالات والملاحقات الأمنية على خلفية إبداء المواقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مس واضح للقانون الأساسي الفلسطيني ومس بقيم الحرية تحت حجج غير قانونية.
وتشدد جرار أن
قمع الحريات لا يستثني أحداً، حيث لا حدود لمعاقبة الناس على آرائهم ، ورأت بأن ذلك يدق ناقوس الخطر خاصة في ظل إصرار الجهات الأمنية على الاستمرار في انتهاكاتها، حسب تقديرها.
وتلفت جرار الانتباه إلى أن السلطة الفلسطينية دوماً تواجه أعضاء التشريعي والجهات الحقوقية بحجج جاهزة للمعتقلين والملاحقين من قبل أجهزتها تتعلق بقدح مقامات وسب وشتم وتجاوز القانون، في حين أن هذه الملاحقات برمتها غير قانونية واستغلال لغياب المجلس التشريعي والتفرد بالسيادة.
من جانبه يرسم خليل عساف رئيس لجنة الحريات بالضفة صورة قاتمة لحرية التعبير والعمل السياسي بالضفة، ويشير إلى التدهور الحاد فيما يخص الحريات بعد سيطرة الأمن وممارسته للسياسية بالضفة، معتبراً أن الحل يكمن في إنهاء الانقسام بقرار وطني.
وكشف عساف النقاب عن شكاوى يومية تصل للجنة الحريات حول انتهاكات من قبل أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية ضد أسرى محررين وطلاب جامعات نشطاء من مختلف الفصائل، بينها حركة "فتح" وملاحقات على خلفية التعبير وإبداء الرأي عبر صفحات موقع "الفايسبوك".
من جانبه رفض عدنان الضميري الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية الاتهامات التي توجه لأجهزة أمن السلطة بانتهاك الحريات بالضفة معتبراً أن عمل الأجهزة يتم وفقاً للقانون ولا يوجد أي موقف سلبي مسبق ضد أي جهة أو شخص يعبر عن رأيه وحريته ضمن القانون.
وشدد الضميري أن الأجهزة الأمنية جهة تنفيذية تخضع لقرارات الجهاز القضائي والتشريعي وأن أي شخص يتخطى القانون يعاقب على تجاوزه وفق القانون.
وأكد الضميري أنه لا حصانة لأحد أمام القانون الفلسطيني مهما كان منصبه أو مهنته، وأن ما يعتبره البعض من أن مهنة الصحافة أو الطب أو أي وظيفة أخرى تشكل حصانة لمن يمارسها أن ينتهك القانون يكون مخطئا.
ولفت الضميري الانتباه إلى محاولات جهات معينة لم يسمها إلى تسويق أفكار سياسية عبر اختلاق تقارير تتعلق بانتهاكات للحريات بالضفة من قبل الأجهزة الأمنية.
وأقر الضميري بوجود إشكالية قانونية في الضفة وبقية البلدات العربية تتعلق بحرية النشر الالكتروني عبر وسائل الاعلام الاجتماعي، وأشار إلى أنه قد تقع أخطاء نتيجة لعدم توفر قانون حديث يعالج هذه المسألة، وذكر أن هناك اجتهادات في إطار قانون المطبوعات لمعالجة التجاوزات عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.
ويتفق حلمي الأعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات مع ما ذهب إليه كثيرون بتراجع الحريات السياسية والعامة بالضفة الغربية، وشدد على ضرورة الاحترام الكامل لحرية التعبير والصحافة والعمل النقابي، وأكد أن المس بهذه الحريات يمثل مساسا بالقانون الفلسطيني.