كتاب عربي 21

ترتيب أقوى 15 جيشا في الشرق الأوسط

1300x600
نشر مؤخراً في الـ"البيزنز انسايدر" تقرير حول أقوى 15 جيشاً في الشرق الأوسط، يستند إلى معطيات يوفرها "جلوبال فاير باور اندكس" حول القدرات العسكرية للدول، وما يرتبط بها من موازنات عسكرية وعدد القوات المسلحة والقوة البرية والبحرية والجوية بالإضافة إلى 50 معطى آخر، يساهم في المحصّلة في حساب القوّة التقريبية للقدرات العسكرية التقليدية للدول، ويمنح البلدان الصغيرة التي تتمتع بقدرات تقنية متطورية نسبياً أيضاً الفرصة في البروز في الترتيب.

ووفقاً للتقرير، فقد احتلت تركيا المرتبة الأولى، تلتها إسرائيل ومصر وإيران والسعودية وسوريا واليمن والأردن والعراق وعمان والكويت والبحرين وقطر ولبنان. 

الملاحظات الأوّلية للترتيب المذكور أعلاه أنّ تركيا على سبيل المثال احتلت المرتبة الأولى في الترتيب العام، بالرغم من أنها لم تتفوق على دول أخرى في أي من المعطيات السبع الرئيسية المتعلقة بقدراتها العسكرية. وهذا ما يفسّر  الطريقة التي تم احتساب القّوة بها.

فعلى سبيل المثال احتلت إيران المرتبة الأولى في الشرق الأوسط في عدد القوات العاملة (الجنود) (545000)، واحتلت سوريا المرتبة الأولى لناحية عدد الدبابات (4950)، واحتلت مصر المرتبة الأولى في عدد الطائرات (1100)، واحتلت إسرائيل المرتبة الأولى والوحيدة في قائمة ممتلكي الأسلحة النووية (80-200 رأس)، واحتلت إيران المرتبة الأولى في امتلاك الغواصات (31)، أما المملكة العربية السعودية فقد احتلت المرتبة الأولى في الموازنة العسكرية (56 مليار و725 مليون دولار).

قبل عدة اشهر، نشرت "آي إتش إس- جايز " المتخصصة بالشؤون العسكرية ترتيباً آخر عن أقوى 15 جيشاً في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أنّ المعطيات التي استند إليها كانت قريبة مما سبق، إلا أنّ النتيجة النهائية جاءت على الشكل التالي: إسرائيل، تركيا، السعودية، الإمارات، إيران، مصر، سوريا، الأردن، سلطنة عُمان، الكويت، قطر، البحرين، العراق، لبنان، اليمن.

من الواضح أنّ هناك اختلافاً في طريقة احتساب الترتيب عمّا سبق ذكره. وبالعودة إلى "جلوبال فاير باور اندكس"، لاحظنا أنّه يضيف ملاحظة عند إصداره لمؤشره بخصوص القوة العسكرية للدول، تقول إنّه لا يأخذ بعين الاعتبار العامل النووي، وأنّ العناصر الجغرافيّة لدولة ما، تؤثّر على ترتيبها النهائي أيضاً، وأنّ الترتيب لا يعتمد فقط على عدد الأسلحة، وأنّ الاعتماد على الموارد الطبيعية لدولة ما، يتم أخذه بعين الاعتبار. 

لكن بغض النظر عمّا ذكر، السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما مدى دقّة مثل هذه الترتيبات أولاً، وما مدى أخذها بعين الاعتبار للتحديات الجديدة التي تواجهها الدول في العقود الأخيرة، لاسيما الفاعلين غير الحكوميين والميليشيات والتشكيلات شبه العسكرية والجماعات الإرهابية؟

سبق وأن رأيت من يستند إلى مثل هذه الترتيبات ليقلل من الخطر التي تمثله بعض الدول ويرفع في المقابل من القدرات العسكرية لدول أخرى. على سبيل المثال، هناك كلام متكرر لأنتوني كوردسمان الخبير العسكري والأمني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مفاده أنّ هناك مبالغة لدى دول الخليج العربي من حجم الخطر الذي تمثله إيران عليهم، وهو يستند في تبريره هذا إلى مقارنة رقمية بين قدرات بعض دول المجلس وبين إيران، مشدداً مثلاً على أنّ حجم الميزانية الدفاعية الإيرانية صغيرة نسبياً مقارنة بميزانية السعودية، وكذلك حجم سلاح الجو الإيراني الذي يعتبر متواضعاً جداً مقارنة بما  تمتلكه دول أخرى في المنطقة. 

لكنّ المدرك لما يجري اليوم في الشرق الأوسط، يستطيع وبنظرة واقعية أن يرى أنّ إيران باتت تتحكم بشكل شبه كامل بعدد من الدول العربية، عبر ميليشيات ومجموعات إرهابية دون أن تكون مضطرة أصلاً لإرسال دبابة واحدة. وهذا يعني أنّ هذه الترتيبات تبقى نسبية ولا تعكس في الحقيقة بالضرورة قدرات بعض الدول المذكوره فيه.