ينظر المتابعون للشأن الموريتاني إلى العام 2014 على أنه عام الإثارة بامتياز في
موريتانيا؛ ففيه انتخب رئيس البلاد لمأمورية ثانية، وفيه عمت البلاد مسيرات يومية استمرت أكثر من ستة شهور، رفضا للإساءة لثوابت الأمة، بعد حرق نسخ من الفقه المالكي من طرف بعض الحقوقيين ونشر مقال يسئ للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).
ويتطلع الموريتانيون نهاية الأسبوع الحالي إلى محاكمة يتمنون أن تكون عادلة لكاتب المقال المسيء الذي أجمع علماء البلد على ضرورة تنفيذ حكم الإعدام فيه. وتؤكد حكومة البلاد أنها ستنفذ أي حكم يصدره القضاء بهذا الشأن.
سد أبواب الحوار
وتميز العام 2014، بفشل
الأطراف السياسية في البلاد في التوصل إلى أي اتفاق سياسي ينهي أزمة البلاد السياسية التي أعقبت انقلابا عسكريا قاده الرئيس الحالي محمد
ولد عبد العزيز عام 2008، وأطاح بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله.
واعترف عدد من المعارضين الموريتانيين رسميا بأن أفق الحوار قد سد، وأن العام 2015 سيكون عام المواجهة مع النظام من خلال العودة للشارع بمهرجانات ومظاهرات. وقد أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز نفسه أن لا مؤشر في الأفق لأي اتفاق مع القوى المعارضة التي قال إنها ترفض الحوار من خلال وضع شروط تعجيزية.
ترتيب البيت الأمني
ومن أبرز الأحداث التي ميزت العام 2014 في موريتانيا قرار قيادة أركان الجيوش الموريتانية بترتيب بيتها الداخلي، من خلال سلسلة تعيينات وإقالات وتحويلات كان بعضها مفاجئا، فيما نظر إلى بعضها الآخر على أنه محاولة من الرئيس الحالي ولد عبد العزيز لغربلة المؤسسة، تفاديا لأي حراك قد يهدد حكمه من داخل المؤسسة العسكرية.
أطول مسيرة في تاريخ البلاد
ومن الأحداث التي ميزت العام المنصرم بموريتانيا كذلك المسيرة التي نظمها عمال شركة موريتانية قطعوا خلالها حوالي 600 كلم قبل أن تمنعهم السلطات من دخول العاصمة نواكشوط، غير أن العمال دخلوا في اعتصام هو الأطول أيضا على مشارف العاصمة استمر لأكثر من شهر، وانتهى بعقد صفقة دفعها ثمنها قادة المسيرة بفصلهم من العمل، مقابل تلبية مطالب باقي المحتجين.
أبرز منافسي الرئيس في السجن
ويقبع في سجن روصو جنوب البلاد أيضا منذ أسابيع، المرشح للرئاسية الموريتانية الماضية بيرام ولد اعبيدي الذي سبب اعتقاله أزمة دبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي، الذي أصدر بيانا عقب اعتقاله انتقد فيه بقوة لأول مرة أوضاع حقوق الإنسان في موريتانيا، وهو ما دفع البرلمان الموريتاني إلى مطالبة الحكومة باتخاذ رد سريع على بيان للاتحاد الأوروبي.
وبادر الرئيس ولد عبد العزيز قبل يومين بإصدار تصريحات نارية ضد الاتحاد الأوروبي وصف فيها الأوربيين بـ"البخلاء"، ورأى فيها أن بيان الاتحاد الأوربي بشأن حقوق الإنسان في موريتانيا هدفه إجبار نواكشوط على الرضوخ لشروط الأوروبيين المتعلقة باتفاقية الصيد مع البلاد.
تقسيم العاصمة
ومن القرارات التي أثرت سلبا من جهة وإيجابا من جهة أخرى في حياة الموريتانيين 2014، القرار الذي اتخذته الحكومة بتقسيم العاصمة نواكشوط إلى ثلاث ولايات (محافظات) في خطوة هي الأولى في تاريخ البلاد، حيث أعلن أن العاصمة نواكشوط باتت ثلاث محافظات تضم كل منها ثلاث مقاطعات رئيسة، ويديرها محافظ مستقل.
وداع رئاسة الاتحاد الأفريقي
وفي أول كانون الثاني/ يناير 2015، أي بعد سبعة أيام فقط ستودع موريتانيا رئاسة الاتحاد الأفريقي، بعد سنة قضاها رئيس البلاد ولد عبد العزيز على رأس هذه المنظمة، وتمكن خلالها من النجاح في حل بعض أزمات القارة، كالخلاف في ساحل العاج والأزمة في مالي وبوركينافاسو.. غير أنه أخفق في حل قضايا أخرى في القارة، كالأزمة الليبية.
وأثارت تصريحات للرئيس ولد عبد العزيز قبل أيام، جدلا واسعا في المنطقة بعد كشفه عن طلب تقدمت به دول الساحل إلى الأمم المتحدة تطالب فيه بتدخل دولي في ليبيا، وهو ما قوبل برفض واسع داخل ليبيا وخارجها، خصوصا من طرف بعض الدول الأفريقية وعلى رأسها الجزائر.