اتسعت رقعة الجدال التاريخي والسياسي في
الجزائر، بشكل لافت بعدما اتهم سياسي جزائري معارض، زعماء جزائريين ومن بينهم رؤساء سابقون بـ"العمالة لفرنسا"، وقررت النيابة العامة فتح تحقيق فيما أسمته "الإساءة لرموز الدولة".
وقال
سعيد سعدي، الرئيس السابق لـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، اليساري المعارض، بمحاضرة ألقاها بمحافظة بجاية (200 كلم شرق الجزائر) الجمعة، الثاني من كانون الثاني/ يناير، إن من يقدم على أنه زعيم القومية الجزائرية، مصالي الحاج "كان خائنا"، وإن الرئيس الأول للجمهورية الجزائرية أحمد بن بلة "كان عميلا للمخابرات المصرية". ووصف سعدي رئيس المجلس الأعلى للدولة منتصف تسعينيات القرن الماضي، علي كافي بأنه "كاره لمنطقة القبائل".
ولقيت تصريحات سعدي المفاجئة، ردود فعل متباينة، فبينما رأى البعض أن تصريحات سعدي تدخل ضمن النقاش الفكري والتاريخي، رأى البعض الآخر أن ما جاء على لسان المعني "إساءة لرموز الدولة"، وأثارت التصريحات موجة غضب من قبل قطاع واسع من العائلة الثورية المتألفة من جمعيات ومنظمات تضم الجزائريين الذين شاركوا بثورة التحرير (1954 إلى 1962).
وترأس سعيد سعدي حزب" التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" مدة 20 سنة، وعرف بمعارضته الشديدة للنظام بالجزائر، وخاصة بفترة حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
وحاول سعدي تحريك الشارع الجزائري تزامنا مع ثورات الربيع العربي، وقاد مسيرات بالعاصمة الجزائرية، عام 2011، لكن النظام الجزائري كان في كل مرة يقمع تلك المسيرات.
وبعد خمسين عاما من استقلال الجزائر، ما زال الدور الذي كان يقوم بهم صالي الحاج، محل جدال بالجزائر بين من يعتبره "خائنا" للثورة ومن يعتبره "زعيما" في الحركة الوطنية، قبل اندلاع الحرب التحريرية.
لكن، بما يتعلق بالرؤساء الذين تعاقبوا على قيادة الجزائر، وتحدث عنهم سعد سعدي سلبيا، فهناك إجماع على أنهم كانوا ضمن قادة الثورة، وعرفوا بنشاطهم المعادي للاستعمار الفرنسي في الجبال.
وقال محسن بلعباس، رئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، الذي خلف سعدي على رئاسة الحزب قبل عامين، إن "النظام الجزائري هو أول من اعتبر مصالي الحاج خائنا للثورة"، وقال في تصريح لـ"عربي21" الثلاثاء: "أستغرب كيف يفتح تحقيق ضد سعدي، بينما علمنا هذا النظام أن مصالي كان يقوم بأعمال معادية للثورة".
وأعلن بلعباس "تضامن الحزب مع سعيد سعدي".
وقالت نجلة مصالي الحاج لـ"عربي21"، باتصال معها من كندا، حيث تقيم: "يسعدني أن الدولة الجزائرية قررت متابعة سعدي قضائيا"، وتساءلت: "كيف لهذا السياسي أن يطعن في نضال رجل أفنى حياته في سجون الاستعمار الفرنسي؟".
وتابعت جنينة: "لقد فوضنا محاميا من أجل الانضمام إلى الدعوى المرفوعة من قبل النيابة العامة بالجزائر العاصمة، ومعنا العشرات من المؤيدين للدعوى".
وقال سعيد سعدي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي"فيسبوك"، الاثنين: "أتحمل كامل المسؤولية إزاء التصريحات التي أدليت بها".
وقال حسام كافي، نجل الرئيس الجزائري الأسبق علي كافي، لصحيفة "عربي21" الثلاثاء: "أتساءل عمن يحرك سعيد سعدي. هذا الرجل وبعدما فشل في السياسة، انتقل إلى التاريخ".
وتساءل: "هل عاش سعدي تلك المرحلة من التاريخ حتى يحكم على الأشخاص بالخيانة؟". وقال مخاطبا سعدي: "لا تركب الأموات من أجل الظهور، فأنت سياسي فاشل".
وكان نجل كافي يرد على سعدي الذي اتهم أباه بـ"معاداة منطقة القبائل"، وهي منطقة ينتمي إليها أمازيغ الجزائر، وينحدر منها سعدي.