كتبت جيرن كينار: عادة، المحللون في الشرق الأوسط يبدؤون كلامهم أو مقالاتهم بجملة"الأغبياء فقط هم الذين يتوقعون ما سيحصل في الشرق الأوسط على المدى البعيد ...".
وهي كذلك؛ قبل ثورة إيران بأشهر قال جيمي
كارتر "إن إيران بفضل قيادة الشاه العظيم تعد جزيرة استقرار في وسط منطقة مليئة بالمشكلات" بعدها أُشعلت النيران في طهران!
فلنضرب مثالا أقرب من هذا: رئيس قسم هارفارد لبحوثات الشرق الأوسط المؤرخ المشهور روجر أوين كتب كتابا بعنوان: "الديكتاتوريون لمدى الحياة"، كتبه وهو مؤمن تماماً أن الديكتاتوريين العرب لن يُثار عليهم أبداً، لكنّه عندما أرسل كتابه للطباعة بدأت الثورات العربية، وبدأ الديكتاتوريون العرب الواحد تلو الأخر يُثار عليه، وبدأت الرياح تهُبّ!
أصبحت ظاهرة خروج
داعش وازدياد شيوعيتها ظاهرة لايُمكن تنبّؤهان ولامثيل لها، بالإضافة إلى أننا لانعلم شيئا عن هذا التنظيم الإرهابي سو الغدر. إلى اليوم لايوجد هناك أي معلومات مفيدةعنهم، بالطبع هناك توقعات وتخمينات، لكن من يقود داعش فعلياَن وكيف يتم اتخاذ القرارات داخل التنظيم لديهم إلى الآن ليس معروفا.
المعروف هو أنّ قائد داعش في
العراق تعاون مع ضباط البعث، وأن هناك 20 من ضباط البعث قاموا بالإعلان عن استراتيجيات داعش، حيث يُرى بأنّ اتفاقات داعش مع العشائر تعكس أسلوب حزب البعث، ويُفهم أيضاً بأنّ "الغضب السنّي" يزداد في كل من العراق وسوريا.
ومع ذلك هناك العديد من الأسئلة التي ليس لها جواب حول داعش.
أصبحت سنة 2014 سنة داعش، عند ظهورها مسحت الصراعات الأخرى في
سوريا، بدأت من الموصل في العراق، وازداد توسُّعها بشكل سريع، المناطق التي تحكمها داعش في كل من سوريا والعراق يعيش فيها ثمانية ملايين، المساحة التي تحكمها داعش شاملة كل من العراق وسوريا توازي مساحة بلجيكا، أعلنت قيادات داعش بأنّ البغدادي خليفة في عام 2014، طبعت داعش جواز سفر وعملة نقود تخصّها، كما صرّحت بأنها افتتحت كلية طب قي محافظة الرقة.
دخلت داعش عام
2015 بسرعة، قتلت داعش جنرالا سعوديا في منطقة تقرب من حدود محافظة الأنبار التي حاصرتها منذ زمن. إن ما يثير القلق في قضية القرب من داعش هو خروج حركة أخرى من داخل
السعودية معارضة للعائلة المالكة، لذلك فإن التطورات اليوم تُراقب وتُتابع بقلق.
إنّ خبر مرض العاهل السعودي الملك عبدالله ليس سرا، وحتى هناك أقاويل شائعة بأنّه مات، ولكن لم يتم التصريح بذلك.
رغم كل هذا أو (بسبب كل هذا)، يوجد هناك محللون في الشرق الأوسط يتوقعون أنّ داعش ستفقد نشاطها وقوتها في عام 2015، يبدأ غراهام فورل أحد أهم أعضاء وكالة الاستخبارات المركزية تخميناته لعام 2015 بالقول إن داعش ستفقد قوتها في عام 2015. يُمكن لداعش أن تستمر كدولة، لكنها لن تستمر كتنظيم، وذلك للأسباب التالية :"لا يمكن لأيدولوجية وظيفية منسجمة إذا تحولت حقاَ لمؤسسة سياسية واجتماعية أن تستمر فعليّأَ في عملية القيادة" بالإضافة إلى أنّ الكوادر والمستلزمات الإدارية التي تملكها تعد غير كافية.
هناك فكر مشابه فيما يتعلق بالموضوع السوري للمختص المشهور لانديس، حيث هو أيضا يقول إن داعش ستفقد قوتها في عام 2015، فقال: "إن حكومة بغداد يمكنها أن تأخذ العديد من المناطق المهمة من أيدي داعش، وبعدها سيُدفع بالتنظيم نحو سوريا".
إنّ توقع فقدان داعش قوتها قيل من أجل العراق، لا من أجل مستقبل سوريا، ولا من منطلق تحليلات ومواضيع سياسية. القضية التي تهم الولايات المتحدة وإيران اليوم هي التطورات الحاصلة في العراق، وبالتالي فإن التنظيم سيضعُف في العراق، ويعود إلى سوريا. هذا تحليل أرى بأنه كافٍ اليوم بما يتعلق بفقدان داعش قوتها.
إذن من المحتمل أن تفقد داعش موقعها في العراق، لكن هل هذا يعني أنّها ستنتهي؟ أم أنها ستعود إلى تركيا؟ أم أنها تشير إلى لعبة لتوسعها تحت مسمى "حزب الله السني" الذي بدأ في لبنان، مصوّبا نظره إلى الأردن؟
إنّ معرفة أجوبة هذه الأسئلة ليس ممكنًا، لكن "الأغبياء فقط هم الذين يتوقعون ما سيحصل في الشرق الأوسط على المدى البعيد ..."
(ترجمة وتحرير صحيفة تركيّا بوست، كانون الثاني/ يناير 2015)