شن سوريون حملة ساخرة على مقال كتبه الصحفي
اللبناني "حسين حزوري" في جريدة النهار اللبنانية بعنوان "الحمرا ما عادت لبنانية، التوسع السوري غيّر هويتها"، حيث ورد في نص المقال عبارات اعتبرت ذات مدلولات
عنصرية.
وفي إحدى العبارات، قال حزوري: "أناس كثر من أصحاب البشرة السمراء يعرفها اللبناني جيداً"، في تلميح إلى انتشار السوريين "السمر" في
شارع الحمرا اللبناني. وجاء رد السوريين بإطلاق هاشتاغ "
هالأسمر اللون" على صفحات التواصل الاجتماعي مرفقين الهاشتاغ بعبارات ساخرة جداً.
وأنشئت صفحات تدعو الأصدقاء للانضمام إليها، كصفحة "أسمر يا أسمراني، مين دلك عالحمرا"، حيث كتب أحدهم: "الأسمر إلى التابوت والأشقر على بيروت" في إشارة ساخرة منه إلى أن السوري مكانه القبر، بينما اللبناني وهو الأشقر، على حد تعبير الكاتب، مكانه في الحمرا في بيروت. كما كتب سوري آخر ساخراً: "إذا بدك تمشي بالحمرا مرتاح ماالك الا مبيض الأفراح".
ويحاول السوريون في كل حادثة أن ينشروا بسمة في "الوسط الأزرق" ساخرين من المشكلات التي تعترضهم، والتي باتت لا تعد، إذ نشرت هبة من إدلب التي تعيش أزمة شتاء قوية بسبب إعصار "هدى"، على حسابها على الفيسبوك: "ألف كلمة أسمر ولا يقولولي بردان يا هدى"، في إشارة منها للسخرية من اسم العاصفة المقتربة من بلاد الشام "هدى".
إلا أن الدكتور "بشار" وهو أحد المشاركين في هذه الدعوة والداعين إليها، أوضح أن سبب هذه الدعوة هو مناهضة العنصرية الموجودة وفضحها بشكل علني من خلال النقد البناء. وانتقد كل من نشر منشوراً تحدث بنفس الصيغة التي تحدث بها الحزوري، موضحاً أنه سيغلق الصفحة في حال تحدثت بشكل عنصري.
أما الصحفي "فادي داهوك"، الكاتب في صحيفة المدن، فقد أبدى انزعاجه مما كتب على لسان الكاتب اللبناني، وتناول الموضوع بشكل ساخر شأنه شأن كل السوريين، وكان مما نشره "عطونا مايا دياب منعطيكن أسماء الأسد، بما أن النهار عيونها زرق".
وطغت عنصرية الكاتب حسين حزوري على قلمه، إذ أنه نسي أن الشعبين اللبناني والسوري شعب واحد يملك تاريخاً واحداً وثقافة واحدة حتى بالشكل والهيئة التي رآها متباينة إلى حد بعيد، قد لا تستطيع التمييز بينهما، فكيف استطاع الكاتب أن ينعت السوريين بهذه الصفة؟ وهل باتت عيباً ليفقد الحمرا جماله لوجوده؟
ومن هنا ردت الكاتبة السورية ريم جحا على مقال الحزوري مستنكرة الطريقة التي تناول فيها معاناة اللاجئين السوريين الذين فروا من جحيم الحرب في
سوريا، ومن عمال يكدحون ليل نهار تحت أشعة الشمس ليبدوا سمراً فهل منظر هؤلاء يلوث "بريستيج" شارع الحمرا.
وأشارت إلى أن الحزوري انتهك ميثاق الشرف الإعلامي العربي الذي ينص على أن "يلتزم الإعلاميون العرب بالصدق والأمانة في تأديتهم لرسالتهم، ويمتنعون عن اتباع الأساليب التي تتعرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للطعن في كرامة الشعوب".
ولم يسلم الحزوري من انتقادات اللبنانيين أنفسهم الذين اتهموه بالعنصرية، إذ عنونت الكاتبة اللبنانية "ليال حداد" مقالها في العربي الجديد بانتقاد لجريدة النهار: "النهار ماعادت واقعية.. النزوح السوري أفقدها عقلها". ونعتت حداد الحزوري بأنه "ابن النظام نفسه الذي منع دخول السوريين إلى لبنان مستغلاً وضع المنكوبين منهم الذين لا حول لهم ولا قوة كل ذلك للإمعان في إذلاله وحصاره".
وختمت ليال حداد مقالها بتكذيب القصة التي أوردها الحزوري في مادته عن صاحب مطعم "مربوطة" الذي ذكر بأنه مستاء من التوسع السوري وتأثيره على اليد العاملة اللبنانية، فلدى تواصلهم مع إدارة المطعم بحسب ليال حداد، فإنهم أكدوا أن أحداً من النهار لم يتصل بهم والمقابلة من أساسها لم تحدث، كما يقول عبد الرحمن زعزع مدير المطعم في مقابلته مع صحيفة "العربي الجديد". كما أكدت أصحاب أنهم يطمحون لبناء مجتمع مدني متعدد، على حد تعبير الكاتبة ليال.
من جهتها، دونت الصحفية لونا صفوان في مدونتها "عن العنصرية التي لم تباغتنا سهواً"، مشيرة إلى أن الحزوري اتخذ من السوريين الذين باتوا مادة دسمة لدى الإعلام وسيلة للترويج لعنصريته، مؤكدة أنها تتبرأ من كل هذه العنصرية التي بدأت تتوضح بشكل كبير عند اللبنانيين.
وانتقدت لونا البيان الذي أصدره الحزوري بعد نشره المقال في النهار، حيث قال الحزوري إنه يلوم نفسه لأنه يعيش مع بعض "الحثالة" في هذا البلد.
وقالت الكاتبة رداً على الحزوري: "نعم نحن الحثالة، نحن الحثالة التي تقضي أياما على الطرقات لتصور وتغطي المعاناة الإنسانية للشعبين الفلسطيني والسوري، نحن الحثالة التي تنفعل عند إهانة أي مواطن سوري صغير أم كبير، نحن الحثالة التي تندفع الى طرقات بيروت للدفاع عمن سحقت الجزمة العسكرية كرامته، نحن الحثالة التي تتشاطر قلمك الصحافي معها، نحن الحثالة نقضي ما يناهز العشر ساعات يومياً نعمل في مجال اسمه الصحافة.. حلمنا منذ نعومة أظفارنا بدخوله أيضاً: ولكننا دخلناه باحترام، وإن حان وقت خروجنا منه يوما: سنخرج محترمين دون نعت الآخرين بالحثالة أو حتى تصنيفهم".
أما جريدة النهار فقد أوردت توضيحاً واجه عاصفة أخرى من الانتقادات كتلك التي واجهت مقال الحزوري نفسه، تقول فيه إنها لا تتدخل بأي شكل من الأشكال فيما يكتب كتابها، مشيرة إلا أن من كتب المقال نشر ملاحظاته الخاصة التي لا تعكس الخط التحريري للصحيفة، حسب قولها.
وفي سياق متصل، أصدرت مجموعة فعاليات في شارع الحمرا في لبنان من بينها مطعم مربوطة المذكور في المقال ومطاعم ومكاتب أخرى بياناً استنكروا فيه المقال العنصري الذي كُتب بحق اللاجئين السوريين، مؤكدين أن لبنان سيبقى الحاضن لكل من قصده ولكل من فر من الظلم، وبأنه حمل هذا المبدأ الأخلاقي طوال تاريخه.
ورغم ردود الأفعال الغاضبة المتباينة على المقال العنصري إلا أن النهار تناولت الموضوع بشكل خجول يصل إلى حد الاستهزاء بكل ما قيل، حتى أنها لم تقم بأي إجراء أو حذف لما جاء فيه، في حين أصر الكاتب على صفحته الشخصية على فيسبوك أن يؤكد أن ماجاء في مقاله بناء على ما شاهده، وأبدى استغرابه لفهم الكثيرين الأمر بشكل سيئ، كما يقول، في حين تناول السوريون الذين باتوا ينعتون أنفسهم "بالسوريين السمر"! الموضوع كالعادة ببسمة تختفي في ضجيج الموت الذي ألفوه.