أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في كلمة إلى الفرنسيين، الخميس "يوم حداد وطني"، داعيا إلى الوحدة بعد ما وصفه بأنه مجزرة "على درجة استثنائية من الوحشية".
وسينظم تجمع وطني في عموم أنحاء البلاد في الساعة (11:00 بتوقيت غرينتش) على وقع قرع أجراس كنيسة نوتردام دو باري.
وقال هولاند: "سلاحنا الأمضى هو وحدتنا. لا يمكن لأي شيء أن يقسمنا، لا يمكن لأي شيء أن يفرق بيننا (...) الحرية ستكون دائما أقوى من الهمجية".
وأثار الهجوم موجة استنكار عالمية، وفي
فرنسا تجمع أكثر من 100 ألف شخص بصورة عفوية في العاصمة، وفي نحو 15 مدينة أخرى تحت شعار "أنا شارلي".
ورفع بعض المشاركين بطاقات صحافية، وآخرون أقلاما.
وخارج فرنسا نظمت تجمعات في ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا بشكل خاص.
تظاهرات بنيويورك وواشنطن وكندا
تجمع مئات الأشخاص، الأربعاء، في نيويورك وواشنطن وكندا، متحدين الصقيع، تنديدا بالاعتداء الذي طال أسبوعية "
شارلي إيبدو" الفرنسية، دفاعا عن حرية الصحافة.
وانضمت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، إلى نحو 300 متظاهر في واشنطن، لإظهار "تضامنها مع مواطنيها وتعاطفها مع الضحايا".
ونظم الفرنسي المقيم في الولايات المتحدة، أوليفييه رومي، التظاهرة في العاصمة الأمريكية.
وقال: "لقد عشت اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر في الولايات المتحدة، واليوم نعيش 11 أيلول/ سبتمبر الفرنسي".
وقبل تلاوة أسماء ضحايا الاعتداء، أكد نهاد عوض وهو المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية أن اليهود والمسيحيين والمسلمين "موحدون جميعا ضد الطغيان".
وفي نيويورك، تجمّع مئات الأشخاص معظمهم من الفرنسيين في ساحة تايمز سكوير، وأنشدوا النشيد الوطني الفرنسي، ثم هتفوا "شارلي، شارلي".
وشارك في التحرك السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر، والقنصل الفرنسي في نيويورك برتران لورتولاري.
وتظاهر المئات أيضا في مونتريال وكيبيك ووينيبيغ في وسط كندا، تضامنا مع الصحيفة المستهدفة.
إدانة دولية واسعة
أعرب عدد كبير من قادة الدول عن إدانتهم الشديدة للهجوم الذي وصفوه بـ"الإرهابي" و"الهمجي"، الأربعاء، على "شارلي إيبدو" الساخرة في باريس.
ومن طوكيو إلى واشنطن ومن موسكو إلى قطر والسعودية، وجّه قادة الدول رسائل تضامن مع فرنسا.
وأدان مجلس الأمن الدولي الهجوم الذي وصفه بـ"الهمجي الإرهابي الجبان"، مؤكدا أن أعضاء المجلس "يدينون بشدة الهجوم الإرهابي الذي لا يمكن التساهل معه، من استهداف للصحافيين وصحيفتهم".
وكان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أول المنددين، مبديا تضامنه مع فرنسا "في معركتها ضد الإرهاب".
وقال كاميرون إن "الجرائم التي ارتكبت في باريس شنيعة. ونحن نقف إلى جانب الشعب الفرنسي في معركته ضد الإرهاب، ومن أجل الدفاع عن حرية الصحافة".
وأدان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الهجوم الذي وصفه بأنه "إرهابي".
وقال إن "فرنسا ومدينة باريس الرائعة حيث حصل هذا الهجوم المشين، هما بالنسبة للعالم مرجع أزلي وسيبقى متجاوزا حقد هؤلاء القتلة".
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن تضامن بلاده، قائلا بالفرنسية: "أريد أن اتوجه مباشرة إلى الباريسيين، وإلى كل الفرنسيين، لأقول لهم إن جميع الأمريكيين يقفون إلى جانبكم".
بدوره، أدان الفاتيكان "العنف المزدوج" في الاعتداء على "شارلي إيبدو"، ضد العاملين في الصحيفة وحرية الصحافة على حد سواء.
ووصف البابا فرنسيس الهجوم بـ"الاعتداء المروّع".
وأكد مسؤول "تنديد الفاتيكان بالعنف"، أي إطلاق النار، و"التنديد بالتعرض لحرية الصحافة المهمة بقدر أهمية الحرية الدينية"، على حد تعبيره.
من جهته، بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسالة تعزية إلى هولاند، يدين فيها "الإرهاب بكافة أشكاله".
وقال المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف إن "موسكو تدين بحزم الإرهاب بجميع أشكاله. ونظرا للحادث المأساوي في باريس، يقدم الرئيس بوتين تعازيه الحارة إلى عائلات الضحايا، وكل الشعب الفرنسي".
ونددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدورها في برقية تعزية إلى الرئيس الفرنسي بالهجوم.
وقالت: "أصبت بالصدمة فور اطلاعي على الهجوم الحقير على الصحيفة في باريس"، على حد وصفها.
ومن بلجيكا إلى كندا، ومن إيطاليا إلى اليابان، وصلت تباعا رسائل التضامن.
وفي النروج عبر أبرز القادة السياسيين بالفرنسية عن صدمتهم عبر "تويتر".
وفي روما زار رئيس الحكومة، ماتيو رنزي، مقر السفارة الفرنسية، وأعلن بالفرنسية: "نحن جميعا فرنسيون، لأننا نعتبر أن الحرية هي علة الوجود الوحيدة لأوروبا وللمواطنين الأوروبيين".
وفي كندا، ندد رئيس الوزراء ستيفن هاربر بالهجوم "الإرهابي البربري"، وكتب على حسابه في "تويتر": "لقد روّعني هذا العمل الإرهابي الوحشي".
وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في بيان: "أصبت بالصدمة جرّاء الهجوم الوحشي وغير الإنساني على مقر شارلي إيبدو. إنه عمل وحشي غير مبرر".
ووصفت مدريد الهجوم بأنه "عمل إرهابي جبان وخسيس".
وأكدت الحكومة الإسبانية "دفاعها اليوم أكثر من أي وقت مضى عن حرية الصحافة".
تحذير من خطر الإسلاموفوبيا
وفي أنقرة، نددت الحكومة التركية بالهجوم، إلا أنها حذّرت في الوقت نفسه من خطر الإسلاموفوبيا.
وقال وزير الخارجية مولود شاويش: "نندد بكل حزم بالإرهاب. نحن ضد الإرهاب بجميع أشكاله بغض النظر عن مصدره ودوافعه"، لكنه انتقد "العنصرية" و"كراهية الأجانب" و"الإسلاموفوبيا" في أوروبا، داعيا إلى مكافحتها بطريقة موحّدة.
ودانت حكومة مالي "الهجوم الإرهابي (...) على الديموقراطية والحرية".
وأجمعت وسائل الإعلام العالمية على إدانة الهجوم، وكذلك المنظمات الصحافية مثل الاتحاد الأوروبي للصحافيين، ومراسلون بلاد حدود، وجمعية الصحافة الدولية التي اعتبرته "اعتداء على حرية الصحافة بشكل عام"، ومنظمة العفو الدولية التي تحدثت عن "يوم أسود لحرية التعبير. وقبل كل شيء مأساة إنسانية مخيفة"، وفق مدير المنظمة في فرنسا، ستيفان أوبيريه.
إدانة عربية
وأعلنت السلطات السعودية استنكارها للهجوم. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مسؤول قوله إن المملكة "تابعت بأسى شديد الهجوم الإرهابي"، مؤكدة أنها "تدين وتستنكر بشدة هذا العمل الإرهابي الجبان الذي يرفضه الدين الإسلامي الحنيف، كما ترفضه بقية الأديان والمعتقدات".
وفي بغداد، أدان رئيس الوزراء حيدر العبادي "الهجوم الإرهابي" مشيرا إلى أن العراق "عانى الأمرّين على يد الجماعات الإرهابية".
وفي عمّان، أدانت الحكومة الأردنية "الهجوم الإرهابي"، ووصفته بأنه "اعتداء على المبادئ والقيم السامية، كما أنه اعتداء على فرنسا الصديقة".
وأعربت قطر عن إدانتها "الشديدة"، معتبرة أن "مثل هذه الأعمال التي تستهدف المدنيين العزّل تتنافى مع كافة المبادئ والقيم الأخلاقية والإنسانية".
وفي أبو ظبي، أدانت الإمارات الهجوم "الإرهابي الغادر"، وشددت على أن "مثل هذه الأعمال الإجرامية المفجعة تستوجب التعاون والتضامن على جميع المستويات لاستئصال هذه الظاهرة، التي تسعى إلى نشر الدمار و الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار".
وفي تونس، دانت الحكومة بشدة الهجوم "الإرهابي الجبان"، وجددت دعوتها "المجموعة الدولية لمزيد التنسيق والتعاون لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي تستهدف الأمن والاستقرار في العالم".
وندد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بالهجوم الذي قال إنه "عمل مروّع يتنافى مع مبادئ الدين والأخلاق".
وفي برقية تعزية إلى الرئيس هولاند، أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "إدانة الجزائر الشديدة لهذا الهجوم"، وقال: "لقد ذهلت لنبأ الهجوم الإرهابي الذي اقترف هذا اليوم ضد مقر جريدة شارلي إيبدو، الذي أسفر عن خسائر شتى في الأرواح البشرية"، مؤكدا تضامن الجزائر مع فرنسا.
من جهته، أدان الملك محمد السادس عاهل المغرب الهجوم "الإرهابي الجبان".
"علماء المسلمين" يدين الهجوم
وأدان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي "الهجوم الآثم"، بغض النظر عن مرتكبيه أو الجهة التي تقف وراءه.
وفي فرنسا، أدان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الهجوم، وأكد "باسم مسلمي فرنسا" أنه عمل "وحشي بالغ الخطورة، وهجوم على الديموقراطية وحرية الصحافة".
وفي بيان منفصل، ندد اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا القريب من جماعة الإخوان المسلمين بـ"أشد العبارات بالهجوم المجرم وعمليات القتل المرعبة".
بدوره، قال الحاخام الأكبر للطائفة اليهودية، حاييم كورسيه، إنه "وقت الحزن يجب أن نجتمع كلنا".
وأضاف: "نحن بحاجة في هذا الوقت إلى الوحدة الوطنية، وأن ندافع عن الحريات وضمنها حرية التعبير (...) بعدها يجب أن يكون هناك رد فعل قوي من الحكومة، كونها القوة الشرعية التي يجب أن تسيطر على العنف في مجتمع ديموقراطي".
ونددت الطبقة السياسية في فرنسا بكافة أطيافها بالهجوم.