لم يشارك الوفد
المغربي في المسيرة المنظمة في باريس، الأحد، ضد الإرهاب، بسبب رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، بحسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية.
وقال البيان الذي اطلعت عليه "عربي21" إن "الوفد المغربي لم يشارك في المسيرة المنظمة في باريس بسبب رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم".
وأضاف أن "الوفد المغربي، الذي يضم وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صلاح الدين مزوار، وسفير العاهل المغربي في باريس شكيب بنموسى قدم، الأحد، بالإليزيه، تعازي المملكة المغربية لرئيس الجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند والحكومة الفرنسية، على إثر الاعتداءات الشنيعة التي نفذت في فرنسا خلال هذا الأسبوع".
وتابع بأنه "لا يمكن أن يشارك وزير الشؤون الخارجية والتعاون أو أي مسؤول رسمي مغربي في هذه المسيرة، في حال رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام".
وأضح مصدر مطلع في وزارة الخارجية، لـ"عربي21"، طلب عدم الكشف عن هويته، أن "قرار المغرب المشاركة في المسيرة والانسحاب منها قرار سيادي اتخذته الدولة".
وأضاف أن "التضامن لا يعني الخضوع للاستفزاز المتمثل في استغلال المسيرة التضامنية، وإعادة نشر
الرسوم المسيئة".
وتعليقا على الموقف المغربي، قال خالد يايموت، وهو باحث في العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس في الرباط إن "المغرب غيّر من استراتيجيته في التعامل مع فرنسا، وأخذ يطرح مصالحه الاستراتيجية. والمغرب يطرح مصالحه الاستراتيجية منطَلَقًا للعمل المغربي الفرنسي المشترك وهي لغة جديدة لم يكن المغرب يستعملها، ولم تكن فرنسا قد تعوّدت، ولهذا فطبيعة التوتر يرجع لعدم توصل الطرفين لصيغة جدية من التعاون تعوّض الصيغة الموروثة عن استعمار فرنسا للمغرب".
وتابع يايموت، في تصريح لموقع "عربي21"، بأن "أصل النزاع بين البلدين يكمن في تغيير المغرب لاستراتيجيته الأفريقية سنة 2014، حيث أخذ المغرب ينهج نهجا مستقلا عما كانت ترسمه له باريس، وهو لعب دور تنفيذي في الاستراتيجية الفرنسية مقابل الدعم الدولي في قضية الصحراء".
وقال يايموت: "يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى الخروج من السطوة الاقتصادية الفرنسية على بعض قطاعاته المركزية، الشيء الذي فهم على أنه بداية الخروج من الهيمنة الفرنسية على المستوى الداخلي والخارجي".
وانتقد وزير الشؤون الخارجية مزوار، الحكومة الفرنسية بسبب عدم رغبتها في العمل مع المغرب على تفادي الأعطاب التي لحقت بالعلاقات الثنائية بين البلدين منذ شهر شباط/ فبراير الماضي، مؤكدا أن "زمن الوصاية لفرنسا على المغرب انتهى".
وتأتي تصريحات وزير الخارجية المغربي، ضمن حوار خص به مجلة "جون أفريك" الفرنسية، سينشر في 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، في وقت تعيش فيه فرنسا في صدمة أمنية قوية بعد الحادث الدموي الذي استهدف مقر جريدة ساخرة، فضلا عن حوادث أخرى ذات صلة عاشتها باريس.
وأبدى مزوار استنكاره لعدم وجود رغبة قوية لدى فرنسا من أجل التغلب على الأزمة الدبلوماسية بين الرباط وباريس، وذلك بعد حادثة استدعاء مدير مراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، إلى العدالة الفرنسية، بتهمة حالات تعذيب مفترضة في حق مواطنين بجنسيات فرنسية.
وقال مزوار في الحوار ذاته إن "شعورنا أنه لا توجد لدى الشريك الفرنسي إرادة سياسية قوية من أجل الوقوق في وجه التلاعبات التي تقوم بها جهات معروفة بعدائها للمغرب"، قبل أن يؤكد أن المغرب يلمس وجود نوع من التردد وغياب الإرادة في قلب السلطة الفرنسية.
واتهم وزير الخارجية المغربي فرنسا "بالخضوع لبعض اللوبيات التي تسعى جاهدة إلى المس بصفاء العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا"، دون أن يسمي مصدر تلك اللوبيات، وإن كان واضحا إشارة مزوار إلى الجانب الجزائري، بحسب مراقبين.
وشارك، الأحد، نحو 50 من زعماء العالم، في مسيرة "الجمهورية" المناهضة للإرهاب في باريس، حيث أعربوا عن تضامنهم مع الشعب الفرنسي، على خلفية العمليات الإرهابية، الأخيرة التي أودت بحياة 17 شخصا.
وقتل 12 شخصا بينهم شرطة وثمانية صحفيين، وأصيب 11 آخرون، الأربعاء الماضي، في هجوم استهدف مقر صحيفة "
شارلي إيبدو"، الأسبوعية الساخرة في باريس، أعقبه هجمات أخرى أودت بحياة خمسة أشخاص خلال الأيام الثلاثة الماضية، فضلا عن مصرع ثلاثة مشتبه بهم في تنفيذ تلك الهجمات.
وأعلنت الشرطة الفرنسية، الجمعة الماضي، أن المشتبه بهما في الهجوم على مقر الصحيفة هما الشقيقان الفرنسيان من أصل جزائري سعيد وشريف كواشي، قتلا أثناء قيام الشرطة بمحاولة تحرير رهينة كانت بحوزتهما في بلدة دامارتان جويل، شمال شرقي باريس.