"عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية" كانت الشعارات والأهداف التي اندلعت لأجلها ثورة 25 يناير، التي تحل ذكراها الرابعة بعد أيام قليلة، والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل الأوضاع المضطربة على الساحة المصرية: هل تصبح الثورة "في خبر كان"؟، خاصة بعد انقلاب 3 يوليو وسيطرة العسكر وتبرئة رموز الرئيس المخلوع حسني مبارك، وسجن ثوار يناير، وحالة القمع غير المسبوقة، من قتل بالرصاص الحي ومداهمات واعتقالات وسجون، وإحباط ويأس وصمت وقبول "البعض" بالأمر بالواقع؟
مرحلة شديدة التعقيد
أكد أحمد ماهر، أمين شباب حزب الوسط، وأحد أعضاء أمانة الحوار والتنسيق المنبثقة عن "بيان القاهرة"، أن "الثورة تمر الآن بمرحلة شديدة التعقيد، وهي في أصعب مراحلها، وفي مخاض عسير جدا"، مضيفا، في تصريح لـ"عربي 21"، أن "سوء إدارة كافة مكونات الثورة للمرحلة الانتقالية كان له دور كبير في هذه اللحظة الأليمة التي نحياها الآن، لكن تاريخ الثورات يعلمنا أنها جولات، والجولة الحالية ليست في صالح الثوار، لكن غداً قد تكون في صالحهم لو تعلموا من الماضي، وجمعوا صفوفهم، وبنوا سوياً خارطة طريق لإنقاذ الثورة، أعتقد وقتها ستختلف الأمور كثيراً".
حكم عسكري مباشر
وقال ماهر إن "تبرئة نظام مبارك وسجن الثوار عوامل يجب أن تجمع شتات الثورة، فالعدو أصبح واضحا جداً، وهو حكم عسكري مباشر، منقلب على ثورة يناير وأهدافها ويحاربها"، بحسب قوله، متابعا أن "الثورات تحتاج إلى حالة من الوضوح كي تعرف تماما من تحارب وأين المنطلق بعد انتهاء الثورة، وأعتقد أن هذا ما افتقدته ثورة يناير طوال الفترة السابقة، فقد كانت هناك حالة عدم الوضوح، فكان هناك رئيس مدني يحكم، لكن فعليا صنع القرار والسيطرة على منافذ الدولة وأدواتها كان ملكاً لعدو الثورة، وهو النظام العسكري".
وأكد ماهر على أن "ثورة يناير لم ولن تموت، فشعلتها مضيئة في قلوب آلاف الشباب الذين يخرجون للشوارع حتى الآن، ولم ييأسوا للحظة، وهي منتصرة لا محالة بإذن الله إذا توحد الثوار جميعا وتعلموا من أخطائهم".
استنزاف الوضع الاقتصادي
وقال المتحدث الإعلامي باسم جبهة الضمير عمرو عبد الهادي إن ثورة يناير "وصلت إلى نقاط مشرقة جداً، فقد أدى الحراك المستمر إلى استنزاف الوضع الاقتصادي، وأدى لجوء السيسي للعنف لمخاوف أمنية لدى المستثمر وهروب رأس المال، والآن أصبحت المعادلة صفرية، سيسقط السيسي بفعل تلك التظاهرات والتحركات، حتى وإن استضعفها البعض، معتبرا أن ما يعجل بسقوطه هو استعادة روح يناير وجمع شركاء الثورة مرة أخرى، على حد تعبيره.
الطليعة الثورية
بدوره، نوه القيادي بجبهة طريق الثورة "ثوار"، محمد عواد، إلى أن "عدم تطهير مؤسسات الدولة منذ البداية كان أكبر الأسباب التي أدت إلى الأوضاع الحالية، والتي سمحت للعسكر ورموز النظام البائد بخطف الثورة"، مضيفا لـ"عربي 21" أن " الطليعة الثورية التي قامت بثورة يناير لا تزال موجودة على الأرض، لكنها كانت طوال الفترة الماضية تكتسب خبرات ثورية، خاصة أن مبارك وعلى مدار 30 سنة الماضية قام بتجريف الحياة السياسية من كل الكوادر التي كان يمكن أن يكون لها وجود".
ورأى عواد أن جيل الشباب الحالي تكونت لديه رؤية أوضح وأعمق الآن، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد مفاجآت وتحركات نوعية.
وحمّل عواد المجلس العسكري، ثم النخبة
المصرية التي كانت تدير البلاد خلال فترة ما بعد الثورة وعلي رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك القوي المدينة، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الراهنة، مؤكداً أن الصراع على السلطة هو الذي أدى إلى تفريغ الثورة من الداخل، معربا عن تفاؤله بنجاح الثورة وتحقق أهدافها عاجلا أو آجلاً، لأن الصراع موجود، وستظل الثورة في الميدان، خاصة أن النظام الحاكم فاشل وعاجز، ولا يتجه إلى تحقيق أهداف الثورة، مثلما قال.
لا تزال حية فتية
من جانبه، قال الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، إن الثورة رغم تعرضها لأكبر مخطط لثورة مضادة مدعومة خارجياً، لا تزال حية فتية ولا يملك دارس لتاريخ الثورات إلا التأكيد أننا أمام مرحلة استعداد وتأهب جديد لاقتناص حق الشعب في الحياة الحرة الكريمة، واستطرد لـ"عربي 21": "أنا شخصيا أرى على أرض مصر اليوم جيلا من الشباب لن يستسلم للطغيان مهما كانت التضحيات، وإذا كان الجيلان السابقان قد هزمتهم العصا والكرباج، فإن هذا الجيل لم تهزمه الدبابة ولا الرصاص".
موجة ثورية قادمة
بينما قال عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 أبريل حمدي قشطة، إن أهداف وشعارات ثورة يناير لم يتحقق منها أي شيء على الأرض حتى الآن، فهناك غلاء فاحش في الأسعار، وتم العصف بالحريات وسحق المطالبين بها، وعودة لإعلام الدولة ذي الصوت الأوحد، لكن بطريقة أبشع مما كان عليه في السابق، ثم إنه لا وجود مطلقا للعدالة الاجتماعية.
وأكد قشطة في تصريح لـ" عربي 21"، أن "سر قوة الثورة هي أنها معبرة عن المواطن البسيط ومعاناته واحتياجاته، فالشعارات التي رفعتها لم تكن مجرد شعارات أو كلام مرسل أو فضفاض، بل كانت معبرة عن حاجات حقيقية وملحة، وبالتالي فكل محاولات إخماد الثورة ستفشل، خاصة أن الثورة فكرة لا يمكن القضاء عليه، ودماء الشهداء كانت وستظل وقود الثورة".
الشعب سيحدد ويحسم
وأضاف قشطة أن "هناك موجة ثورية قادمة، عاجلا أو آجلاً، والشعب هو من سيحدد ويحسم ذلك، ولا أحد يستطيع قتل الثورة، فقد عادت الممارسات والأفكار القديمة ذاتها التي اتبعتها الأنظمة القمعية قبل وأثناء عهد مبارك، والمعطيات ذاتها تؤدي إلى النتائج عينها، وحتما ستنتصر الثورة وتحقق أهدافها في النهاية، رغم كل العراقيل والتحديات التي تواجهها، ورغم ما يراه البعض بأن هناك حالة ركود وخمول ثوري".