ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن نشر المجلة الفرنسية الساخرة "
شارلي إيبدو" صورا جديدة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، سيعيد إشعال فتيل الأزمة، وذلك نقلا عن مسلمين في باريس.
ويشير التقرير إلى أن هذه المخاوف تأتي في الوقت الذي دعت فيه المؤسسات الممثلة للمسلمين في
فرنسا أتباعها، للرد "بهدوء" على إصرار المجلة، التي طبعت ثلاثة ملايين نسخة من العدد الجديد.
وتقول الصحيفة: "بدت وجوه المسلمين الذين ملأوا المسجد الكبير في باريس متجهمة، حيث خرجوا بعد صلاة الظهر ليلفح وجوههم البرد وجدل جديد".
ويضيف التقرير أن "المسلمين علموا أن مجلة (شارلي إيبدو) ستنشر رسوما كاريكاتيرية للرسول على صفحتها الرئيسة، وشعر الكثيرون منهم بالغضب، فرغم رفضهم القاطع للهجوم الذي تم على المجلة الأسبوع الماضي، إلا أن الكثيرين منهم انتقدوا المجلة الساخرة لقيامها بزيادة التوتر ورفع وتيرة وقوع عنف جديد".
وتنقل "التايمز" عن عز الدين (57 عاما)، قوله: "إنهم يشعلون الفتيل من جديد، وعندما يفعلون هذا فالنتيجة ستكون انفجارا". وكان يتحدث في المسجد الذي بني عام 1926، حيث وافقت الحكومة الفرنسية على بنائه ردا لجميل المسلمين في دفاعهم عن الجمهورية الفرنسية في الحرب العالمية الأولى.
ويضيف عز الدين للصحيفة: "طبعا هذه دول فيها حرية، ويمكن لمحرري (شارلي إيبدو) عمل ما يريدون، ولكن الصور الكرتونية للرسول تثير الغيظ، ولا أفهم لماذا يفعلون هذا".
ويلفت التقرير إلى أن غلاف المجلة اليوم قد يبدو أقل إثارة للجدل مثل بقية الصور التي نشرتها للرسول في الماضي، حيث أظهرت واحدة منها
النبي على كرسي متحرك يدفعه حاخام يهودي، ولكن الغلاف الجديد يثير حنق المسلمين.
ويقول رجل كان في طريقه للخروج من المسجد: "هذا لا يدفعني أبدا للضحك، في الحقيقة إنها صور مروعة، لا يسمح لأحد بالمساس بالنبي، لأن من يفعل هذا فهو يمس بديننا"، بحسب الصحيفة.
وتذكر الصحيفة أن المجلس الإسلامي الفرنسي واتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، قد دعوا المسلمين إلى الالتزام بالهدوء، في حين دعا دليل أبو بكر، رئيس مسجد باريس، إلى الرد بوقار وتجنب ردود الأفعال العاطفية وغير المناسبة.
ويستدرك التقرير بأن عبدالله ذكري، مدير المرصد ضد الإسلاموفوبيا، قال إن المسلمين يشعرون بالسخط "وأتفهم غضبهم". وهناك مخاوف من تعرض المسلمين للهجمات التي يقوم بها متطرفون، ما يفتح الباب لدوامة لا تنتهي من العنف.
وتكشف الصحيفة عن أن السلطات تشارك المسلمين في مخاوفهم، ويمكن في هذه الحالة تفهم الأعداد الكبيرة من رجال الشرطة المسلحين بأسلحة أوتوماتيكية، الذين يقفون على أبواب المسجد، وانتشارهم في منطقة باريس الخامسة.
وتنقل الصحيفة عن عبدالله (24 عاما)، وهو طالب جامعي من المغرب، قوله: "الإسلام هو دين سلام، ونريد العيش بانسجام مع الكل، ولكن تخيل شخصا يقوم بتوجيه الإهانة لزوجتك طوال الوقت، ففي النهاية ستضطر للرد. حسنا، هذا هو الوضع مع (شارلي إيبدو)، والفرق أنهم يهينون الرسول، فمن السهل أن يمضي الآخرون ويردون، ما يؤدي لتعقيد الأمور".
ويوضح التقرير أن هناك بعض المسلمين في المسجد ممن عبروا عن إحباطهم من الدولة التي شرعت قانونا يحاكم منكري الهولوكوست. بالنسبة لهم فالقانون يقدم الحماية لليهود ويحرم المسلمين منها، بحسب رأيهم.
ويقول رجل في المسجد، رفض ذكر اسمه: "لهذا تتمتع مجلة (شارلي إيبدو) بحرية التعبير لتقول ما تريد عن الإسلام، وهذا أمر جيد لهم". مستدركا بأنه "لا تستطيع منح حرية التعبير للبعض وتحرمها عن الآخرين".
وتفيد "التايمز" بأن الفجوة التي تفصل الدولة عن مواطنيها المسلمين بدت واضحة الأسبوع الماضي، عندما واجهت عشرات المدارس تمردا من تلاميذ رفضوا الوقوف دقيقة صمت من أجل ضحايا القتل في باريس.
ويذكر التقرير أن الشرطة الفرنسية تقوم بالتحقيق في 70 حادثا قام فيها التلاميذ بإصدار تعليقات فهمها الأساتذة على أنها تدعم الإرهاب. وقال تلميذ: "أنا فخور بمن قتلهم" أي "شارلي إيبدو" ، "إنهم إخوتي" أي المنفذين.
وقالت تلميذة عمرها 12 عاما لمدرسة في منطقة في باريس: "يجب أن تحترميني، لن أصمت على من قتل إخوتي، إنه حظ عاثر، إنهم يستحقون فعلتهم". واعتبر النائب إريك سيوتي، من يمين الوسط، الموقف غير مقبول، وأنه لا يمكن التسامح معه. ورأى أن هذه عملية غسيل أدمغة يقوم بها الإسلاميون للأطفال. وحث النائب الحكومة على التحقيق مع هؤلاء التلاميذ وعائلاتهم، بحسب الصحيفة.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى تعرض تلميذ للضرب من زملائه؛ لأنه عبر عن تعاطف مع ضحايا الهجوم على "شارلي إيبدو". وقال مدير مدرسة "بليز باسكا لايسي"، حيث وقع الهجوم: "شعر التلاميذ بأن دينهم تعرض للهجوم، ولهذا قرروا الانتقام"، لكن مديرة التعليم نجاة بلقاسم أرجعت حوادث كهذه إلى الحواجز بين التلاميذ، متسائلة: "كيف سننقل قيم التعايش معا في الوقت الذي لا يجرب فيه التلاميذ الاختلاط معا؟".