"
جبل الموت"، الاسم العربي القديم الذي أطلقه
الفلسطينيون على المكان الذي تتربع عليه مستوطنة "أريئيل"، التي تقع في وسط فلسطين على أراضي سلفيت في الضفة الغربية، ما بين الساحل ووادي الأردن، وتبعد عن كليهما 40 كيلومتراً.
"أريئيل"، البالغ عدد سكانها 20 ألف مستوطن، 40% منهم من الاتحاد السوفيتي السابق، عادت لتظهر على الواجهة من جديد، عندما رفع وزير الخارجية
الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" شعار "أرئيل لإسرائيل وأم الفحم لفلسطين"، مطلقاً به حملته الانتخابية القائمة على فكرة "الترحيل".
وتعد مستوطنة "أريئيل" ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية، وتطلق عليها سلطات الاحتلال اسم "عاصمة السامرة"، ويعود إنشاؤها إلى عام 1978، حيث كانت البداية بمصادرة 500 دونم من أراضي قرية مردا ومدينة سلفيت وكفل حارس.
ويعرف عن ليبرمان، الذي كانت مهنته القديمة حارس أمن في أحد النوادي الليلية في بكيشيناو في مولدافيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، مواقفه المتطرفة تجاه العرب والداعمة لترحيل الفلسطينيين، وإحلال يهود مكانهم، علماً أن فكرة ترحيل سكان منطقة المثلث، وردت في برنامج "إسرائيل بيتنا" منذ تأسيسه قبل نحو عقدين.
فلسطينيو الداخل يرفضون
وتقع مدينة
أم الفحم في الداخل الفلسطيني، ضمن منطقة المُثلَّث، وقد أسَّسها المماليك في عام 1265م، ويعود تاريخها إلى الكنعانيين الذين وجدت لهم فيها مقابر تعود إلى قبل 3000 عام قبل الميلاد، وتُعتبر اليوم ثالث كبرى المدن العربيَّة في الداخل بعد مدينتي النّاصرة ورهط.
واعتبرت بلدية أم الفحم في بيان وصل "عربي21" نسخة عنه، دعاية ليبرمان الانتخابية "عنصرية"، وقال البيان: "أطل علينا حزب ليبرمان العنصري بشعار انتخابي يفوح عنصرية وهوسا غير مسبوق يدعو من خلاله لسلخ مدينة أم الفحم عن أرضها وشعبها، مقارناً إياها بمستوطنة ،ريئيل، واعتبارها كرت مفاوضات...ونحن في مدينة أم الفحم ننظر إلى هذا السلوك العنصري الأرعن بعين الخطورة الشديدة على ظهور واستفحال هده الظاهرة على مستوى وزراء وأحزاب، باتت تتباهى وتتنافس في إظهار المزيد من العنصرية، سواء بشعارات أو تفوهات وتصريحات تفوح منها كل ألوان وأشكال العنصرية. فاليوم أم الفحم وغداً الأهل في النقب أو المثلث أو المدن الساحلية أو الجليل والقدس، وعليه فإننا نؤكد على ما يلي":
وأكد البيان: "نحن سكان البلاد الأصليين، ورثناها عن الآباء والأجداد وسنورثها سالمة عامرة للأبناء والأحفاد بإذن الله تعالى، ولسنا دخلاء ولا غرباء على هذه الأرض ولم نأت إليها غاصبين ولا معتدين، لا من روسيا ولا من أوروبا ولن نسمح لأحد بمساواتنا بالمستوطنين أو المساومة علينا تحت أي شعار أو خطاب عنصري".
وتابع البيان: "أم الفحم جزء من فلسطين التاريخية وتعتز وتفتخر بارتباطها بشعبنا بأماكن وجوده كافة، وهذه هي شرعيتنا وهذه هي هويتنا، وبالتالي فإننا لن نسمح للعنصريين مثل ليبرمان وأمثاله بتحديد مكان وجودنا وحدودنا".
بدوره اعتبر أستاذ العلوم السياسية إبراهيم أبو جابر، أن شعار لبيرمان يأتي في سياق المشروع الذي يتبناه، القائم على ضم المثلث للسلطة الفلسطينية مقابل ضم الكتل الاستيطانية الثلاثة في الضفة للدولة العبرية، خاصة جيب أريئيل الذي تبلغ مساحته 15 كيلو متراً مربعاً.
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "هذا الشعار ليس غريباً على حكومة نتنياهو أيضاً، فهو موجود على أجندتها من سنوات طويلة، ويطرح بين فترة وأخرى للضغط على السلطة الفلسطينية أحياناً، ولكسب تأييد الشارع المتطرف في إسرائيل".
وقال: "نحن في الداخل الفلسطيني نرفض هذا الشعار وهذا المخطط جملة وتفصيلاً؛ لأنه مبادلة بين كتل استيطانية غير شرعية مع أراضي فلسطينية في المثلث الفلسطيني، وهذا يعني ابتلاع مزيد من الأرض لصالح الكيان العبري وضياع مزيد من الأراضي والدونمات، وهذا يعد مصادرة لأرض عربية وبسط السيطرة عليها من أجل تفريغ الأرض من أصحابها والتخلص نهائياً من عشرات الآلاف من الفلسطينيين".
يريدون أرضاً بلا فلسطينيين
أما أستاذ العلوم السياسية أيمن يوسف، فاعتبر شعار ليبرمان جزءاً من دعاية انتخابية لاستقطاب أصوات اليمين المتشدد في هذا المرحلة، ومنافسة حزب الليكود عليها، ومن أجل المزاودة على الأحزاب الأخرى ومناكفة الفلسطينيين.
إلا أنه أكد عدم إمكانية تطبيق مثل هذه الشعارات، وأوضح في حديثه لـ"عربي21" قائلاً: "لا يمكن تطبيق ذلك في هذه المرحلة، لأن أم الفحم مهمة لليهود مثلها مثل أريئيل وأكثر، إسرائيل تريد الأرض من دون السكان".
نكبة جديدة
فيما قال الباحث في الشأن السياسي علاء الريماوي، إن "الشعار الذي أطلقه ليبرمان وقبله الزعيم المتطرف كحنون، وشعار أطلقته حكومة نتنياهو وحزب العمل وكلها تنصب على ثلاثة عناوين رئيسية: أولها لا شريك فلسطيني للسلام، البعد الثاني وهو الأهم النظر للمقاومة الفلسطينية أنها تساوي داعش، وهذا يتطلب تحالفاً دولياً لمواجهة ومقاتلة الفلسطينيين، والثالث المحافظة على الاستيطان".
ويرى الريماوي في حديثه لـ"عربي21"، أن شعار لبيرمان يتطابق مع خطته القائمة على أساس إخراج نصف مليون فلسطيني في الداخل الفلسطيني إلى مناطق السلطة، وتفريغ منطقة سهل مرج بني عامر، والمنطقة الثانية التي يدور فيها النقاش في المجتمع الإسرائيلي ضمن تبادلية الأرض هي النقب، لإخراج 400 ألف فلسطيني من مناطق النقب نحو جنوب الضفة الغربية وضمه للسلطة.
وأضاف، أن "إسرائيل بهذا ستخرج 80% من مواطني الداخل الفلسطيني في نتيجة ستؤدي إلى مجزرة حقيقية بحق الإنسان الفلسطيني، تشبه النكبة التي حصلت العام 1948. كلما زادت عملية التطرف زادت حصة الأحزاب المتطرفة وهذا يكشف عن حرب على الوجود الفلسطيني، فهناك مخطط لتهويد مدينة القدس، والآخر يستهدف فلسطينيي الداخل الفلسطيني".
وطالب الريماوي بعدم القبول بمبدأ التبادلية.
من جهته قال المحلل السياسي فتحي بوزية، إن "لبيرمان القادم من جمهورية الاتحاد السوفيتي، يميني متطرف ومتعجرف، وهو دائماً يصرح تصريحات عنصرية ويرفع سقف هذه التصريحات من أجل كسب ود الناخب الإسرائيلي، سواء في هذه الانتخابات أو في سابقاتها، وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع نسبة المؤيدين لليبرمان، لذلك يريد أن ينحاز إلى أقصى اليمين الإسرائيلي ويصدر تصريحات قوية جداً من أجل ان يستميل الناخب الإسرائيلي من أجل التصويت له".
واستدل بوزيه على كلامه بقوله لـ"عربي21": "ليبرمان قد صرح قبل ذلك أن إسرائيل لن تحول أموالاً للسلطة حتى يستقيل أبو مازن أو يتخلى أبو مازن عن السلطة، لهذا كله فإن ليبرمان يبحث في ثنايا الشعب الإسرائيلي عن مصوتين جدد؛ لأنه أيضاً يتعرض إلى هجمة وفساد، فقد استقالت إحدى أعمدة حزبه في الانتخابات لاتهامها بالفساد".