يثير تركيز الحكومة الموريتانية برفد قطاع الدبلوماسية بالنساء، اهتمام الرأي العام الوطني، خاصة بعد التعديل الوزاري الأخير، الذي تم بموجبه تعيين وزيرة الثقافة والصناعة التقليدية السابقة،
فاطم فال منت اصوينع، على رأس الدبلوماسية الموريتانية.
ففي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن تولي منت اصوينع لهذه الحقيبة الهامة والحساسة معبرا عن انفتاح النظام السياسي بموريتانيا على العنصر النسوي وترقيته في الوظيفة والإدارية، يرى فريق آخر أن سياسة النظام لإشراك
المرأة في صناعة القرار هي "سياسة شكلية وارتجالية".
ويرى الباحث المختار ولد النافع أن الحضور الكبير للمرأة في مختلف مرافق الدبلوماسية "لا يُعبر البتة عن تطور اجتماعي وسياسي للمرأة الموريتانية"، مشيرا إلى أن هذه التعيينات هي محاولة لـ"تزيين واجهة الدبلوماسية الموريتانية أمام المجتمع الدولي، ومحاولة لإظهار
موريتانيا كدولة تقدمية".
وأضاف ولد نافع، وهو منسق التقرير الاستراتيجي السنوي بالمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن "تعيين منت اصوينع بشكل خاص وزيرة للخارجية يتناغم مع إرادة النظام لامتصاص جزء من الحراك الفئوي للشريحة التي تنتمي لها الوزيرة الجديدة، وذلك باعتبار أن الوزيرة تنتمي لشريحة الصناع التقليديين، التي تشكو تهميشا ونظرة دونية من قبل المجتمع الموريتاني".
ولفت إلى أن "النظام الموريتاني كلما أخفق في حل بعض المشكلات الفئوية التي تتطلب معالجات معمقة، فإنه يلجأ إلى أساليب ارتجالية كتعيين بعض أبناء هذه الفئات".
وذهب إلى أن "جهاز الدبلوماسية جهاز حساس مُعقد والماسكون به يجب أن يتحلوا بقدر من الكفاءة والتجربة في المجال واستيعاب الملفات في محيط إقليمي مضطرب وعلاقات معقدة مع بعض الأطراف الجارة"، لافتا إلى أن "غياب هذه الأبعاد سينعكس في النهاية على الجهاز نفسه"، حسب قوله.
وفي السياق ذاته، ربط ولد النافع تعيين خديجة منت امبارك فال وزيرة منتدبة مكلفة بالشؤون المغاربية والأفريقية والموريتانيين بالخارج، بحضور الحسابات الفئوية في التعيينات الأخيرة، لافتا إلى أن تعيين هذه الوزيرة التي تنتمي إلى شريحة الأرقاء السابقين يتزامن مع إصدار أحكام إدانة في حق بعض مناهضي الرق في موريتانيا قبل أيام.
وختم ولد نافع بالقول إن "المعالجة المرتبكة جدا للملف الفئوي توقع النظام في الحلول الشكلية عبر التعيينات".
بدوره، أشار مدوي كامارا، الخبير الاجتماعي بمؤسسة الترقية الاجتماعية المستقلة، إلى أن التمثيل النسوي (9 وزيرات من أصل 28 وزيرا) في الحكومة الحالية يُعتبر أكبر تمثيل تعرفه الحكومات الموريتانية على مدار التاريخ.
وتابع بأن "النظام الحالي بدأ مقاربة تدريجية منذ سنوات، من أجل تشجيع حضور المرأة السياسي والوظيفي"، مشيرا إلى أن "من بين هذه الإجراءات سياسة التمييز الإيجابي التي اتخذتها الحكومة في بعض المسابقات لولوج الإدارة".
لكنه يقول إن "سياسة التمييز الإيجابي لصالح النساء التي تنتهجها الحكومة يجب رفدها بجهود داخل المجتمع، لتقبل مزيد من تصدر المرأة للمشهد".
وأقرت السلطات الموريتانية سنة 2011 تخصيص لائحة وطنية للنساء في الانتخابات التشريعية، تتكون من 20 برلمانية من 147 برلمانيا، مع حق النساء في الترشح لبقية المناصب على مستوى الدوائر المحلية.