قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن "الأفضل في ما يحدث بين
مصر وتركيا، أن نجلس معا ونتحدث بدلا من أن نتبادل الاتهامات، فإن علينا أن نفهم بعضنا بعضا، بل إن علينا أن نحاول ذلك".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها، مساء الأربعاء، في الكلمة التي ألقاها على هامش مأدبة عشاء جمعته مع قادة الرأي العرب المشاركين في فعاليات الدورة الـ45 لمنتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" المنعقدة حاليا في منتجع يحمل الاسم نفسه بسويسرا.
وأضاف أن "استقرار مصر، لن يتحقق إلا برضا الشعب وبالشرعية التي يختارها هو، فهذا قرار تعطيه الشعوب وحدها".
واستطرد رئيس الحكومة التركية قائلا: "نحن دائما وأبدا نستخدم لغة واضحة وصادقة ومباشرة، وذلك لأن القيم من وجهة نظرنا لها أهمية كبيرة، ولا يمكننا أن ندخر أي قيم أو جهود من شأنها إسعاد الآخرين".
ولفت داود أوغلو إلى أن "
تركيا لا تفضل فصيلا ما على فصيل آخر في أي بلد، ولا شك أن هناك خلافا في الرؤى ووجهات النظر مع مصر".
وأشار إلى أنه "لا توجد أي مشكلة بيننا وبين الشعب المصري، لكننا لن نعترف بالانقلاب العسكري، بسبب احترامنا لقيمنا.. وآمل أن يفرز الشعب المصري إدارة شاملة".
وقال إن "مصر واحدة من أكبر الحضارات في المنطقة، وهي العمود الفقري للاستقرار في المنطقة أيضا، وبالتالي فإن مصر لو كانت قوية، لكان استقرار المنطقة قويا. هذا هو فكرنا سواء أرادوا أم أبوا".
وأوضح رئيس الوزراء التركي أن بلاده "ليست لديها أجندة سياسية متعلقة بأي بلد على الإطلاق، ونحن فخورون وسعداء بما حدث في تونس. وبهذه المناسبة أُريد تهنئة الجميع فيها، لما حققته من قصة نجاح في خضم الربيع العربي"، وقال: "نحن هنا لسنا بصدد إعطاء دروس في الديمقراطية".
واستطرد قائلا: "لقد كانت مواقفنا واضحة وصريحة للجميع حيال الربيع العربي، وما زالت كذلك، ولم نغيرها مطلقا، ولم نستخدم لغة مغايرة عما كنا نتحدث به من قبل. ونحن هنا نكن كل احترام للشؤون الداخلية لكافة الدول".
ولفت داود أوغلو إلى أن مسألة الحريات هي الدافع وراء الحديث عن أي نظام سياسي، موضحا أنهم اعترفوا بالفترات الانتقالية الجديدة في عدد من البلدان والحكومات التي أسفرت عنها تلك الفترات.
وأضاف: "في نهاية العام 2013 تغيرت الأوضاع كثيرا مع الأسف، وذلك لأن وحشية النظام السوري استمرت، وازداد الأمر سوءًا بعد ظهور العديد من التنظيمات مثل داعش وغيره"، مشيرا إلى أنهم استخدموا مفهوم الربيع العربي "بشكل إيجابي، لذلك فقد بدأنا المساعي في فترة مبكرة لحل المشاكل في هذا الموضوع، ولا يستطيع أحد أن يتهمنا في ذلك الأمر".
ولفت إلى أنهم حاولوا إقناع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وأنه ذهب بنفسه حينما كان وزيرا للخارجية إلى دمشق أكثر من مرة بدءًا من كانون الثاني/ يناير 2013، وحتى أب/ أغسطس من العام ذاته، من أجل إقناع النظام بعدم استخدام القوة العسكرية تجاه شعبه، "لكنه جرى ما جرى".
الشأن الفلسطيني
وتطرق رئيس الحكومة التركية في كلمته إلى الشأن الفلسطيني، وقال في هذا الخصوص: "لو قدر في يوم الأيام وتحقق السلام للفسطينيين، فينبغي علينا ألا ننسى فضل موقف "وان مومنت" (لحظة واحدة) الذي شهده هذا المنتدى"، في إشارة إلى عبارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" التي قالها أمام رئيس الكيان الإسرائيلي يومها "شمعون بريز" في المنتدى الاقتصادي عام 2009، حيث قال حينها أردوغان إن "دافوس انتهى" بالنسبة له.
وأوضح داود أوغلو أن "الاهتمام بأمور المسجد الأقصى شرف كبير بالنسبة لنا، وحماية الشعب الفلسطيني شرف كبير بالنسبة لنا أيضا"، لافتا إلى أن "وحدة الفلسطينيين وتجمعهم، أمر أسعدنا بشدة، لأن تفرقهم لن يساعد في حل المشاكل الراهنة".
العلاقات التركية- العربية
وتطرق داود أوغلو في حديثه إلى العلاقات التركية- العربية، وذكر أن تلك العلاقات بحاجة إلى فترة جديدة، وأنه حاول وبشكل مفصل إيضاح ذلك في عدد من المقالات والكتب التي كتبها.
وقال: "لقد كتبت هذه الكتب والمقالات وأنا في مناصب مختلفة، فكتبت بعضها حينما كنت كبيرا لمستشاري رئيس الوزراء، وأخرى حينما كنت وزيرا للخارجية".
وأفاد بأنه حينما كان كبيرا لمستشاري رئيس الوزراء، وضع "خريطة طريق لتطوير العلاقات التركية- العربية، تشتمل على العديد من العناصر، مثل تشكيل آلية حورا عالية المستوى، وتحقيق تعاون متبادل ومتعدد الجوانب بين الشعوب العربية والشعب التركي".
وذكر داود أوغلو أن هناك فترة جديدة لاحت في الأفق بالربيع العربي، مؤكدا أن تعزيز العلاقات بين تركيا ودول الخليج العربي، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لهم.
مجلس الأمن الدولي
وبخصوص عدم نجاح تركيا في الحصول على مقعد بمجلس الأمن الدولي، خلال الانتخابات التي شهدها المجلس في وقت سابق من العام الماضي، قال رئيس الحكومة التركية إن "بعض الدول مع الأسف لم تنتخبنا، في حين أننا لو قدر لنا الحصول على مقعد، لما كان لأي قوة أن توقف أحاديثنا بخصوص القضية الفلسطينية، وكنا سنمتلك الموقع المناسب لدعم تلك القضية كما ينبغي، وخصوصا في ما يتعلق بمسألة المسجد الأقصى".
وفي شأن آخر، قال رئيس الحلكومة التركية: "قبل 30 عاما، لم يكن أحد يتخيل أن تترأس تركيا مجموعة العشرين الاقتصادية، لأن تركيا في وقت من الأوقات كانت تنتظر الحصول على مليون دولار، إما من صندوق النقد الدولي أو من البنك الدولي، لكن تبدل الحال وتغير، ولا شك أن هناك قصة نجاح كبيرة وراء ذلك".