تصاعدت مطالب الأحزاب
المصرية التي دعت إلى تظاهرات 30 يونيو، باعتذار الرئيس عبد الفتاح
السيسي، وإقالة وزير داخليته محمد إبراهيم، على خلفية مقتل "
شيماء الصباغ" القيادية في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فيما تجاهل السيسي هذه المطالب وباشر عمله هو ووزير داخليته، كأن شيئا لم يكن.
السيسي إلى إثيوبيا.. وإبراهيم بالمطرية
فقد استعرض السيسي الثلاثاء - في اجتماع بمقر الرئاسة مع رئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزير التنمية المحلية عادل لبيب - أسماء المرشحين للتعيين كمحافظين جدد، والأفكار المقترحة للتخطيط العمراني لعدد من المناطق، والأحياء العشوائية، ومواجهة التعديات على أراضي الدولة.
وأُعلن أن السيسي سيفتتح الأربعاء فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والأربعين بأرض المعارض في مدينة نصر، وأنه يغادر الخميس إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للمشاركة في أعمال الدورة الرابعة والعشرين للقمه الأفريقية، التي تستمر يومين.
ومن جهته، قام وزير الداخلية بجولة مفاجئة الثلاثاء بمنطقة المطرية، تفقد خلالها قسم الشرطة والارتكازات الأمنية بمنطقة ميدان المطرية، والشوارع المؤدية إليه، التي شهدت مساء الأحد اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين السلميين، وارتكبت قواته مذبحة لدى فضها اعتصام رافضي الانقلاب بالمنطقة صبيحة الاثنين.
مطالب متواصلة باعتذار السيسي
في المقابل، تصاعدت الأصوات المطالبة باعتذر السيسي شخصيا عن مقتل القيادية اليسارية، وبإقالة وزير داخليته.
ووجه رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي محمد أبو الغار، رسالة إلى السيسي بعد مقتل الناشطة تحت عنوان: "سيدي الرئيس.. أشكوك نفسك".
وقال أبو الغار في الرسالة: "أرجو أن تكون أجهزتك المخابراتية قد قدمت لك تقريرا حقيقيا يشرح مدى الغضب الشعبي العارم من وزير داخليتك على تصرف الشرطة الذى يخالف كل التقاليد الشرطية المتعارف عليها فى العالم، والذي أدى إلى استشهاد مواطنة شابة تنتمي إلى حزب سياسي رسمي".
وأضاف: "في غياب البرلمان ما حدث هو مسؤولية الرئيس شخصيا، ولو كان البرلمان موجودا لقام بتشكيل لجنة للتحقيق، وبالتأكيد كان سيكون هناك استجواب لوزير الداخلية، وربما إقالته.. ولكن الأمر كله الآن بيديك".
وتابع: "سيدي الرئيس، هذه الحادثة الكارثية سوف تفتح علينا باب جهنم، فلا مجال للدفاع.. الشباب غاضب بشدة، وأصبح الغضب أكبر بعدما حدث لحاملة الورد.. نحن نريد أن نساعدك لتقوى الدولة ولكن الأمر بهذه الطريقة يصبح مستحيلا".
وطالب أبو الغار السيسي بالاعتذار، وتعديل قانون التظاهر، قائلا إنه يطلب "اعتذارا، ومساءلة، وعقابا، وتغييرا جذريا في تعامل الشرطة، وتعديلا لقانون التظاهر، وإلا انفرط عقد الوطن"، وفق قوله.
ومن جهتها، وصفت رئيس حزب الدستور، الدكتورة هالة شكر الله، العمل السياسي بمصر الآن بـ"مجال الجنون أو اللامعقول"، مرجعة ذلك إلى سيطرة الأمن على الإعلام والمصالح التي تنفذ مخططات الانقضاض على أحزاب المعارضة، وفق تعبيرها.
وقالت "شكر الله" على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "مقتل شيماء الصباغ، وجه لطمة للجميع.. لقد وصل طلب التحالف الشعبي إلى درجة من التواضع أن طلبوا ذهاب خمسة أشخاص كوفد ليضع الزهور على النصب التذكاري".
ووصفت "هذا النهج" بأنه "يجهز على الوطن الذي يتم تمزيقه أمامنا"، مشيرة إلى أن النظام يريد أن يتنازل الجميع عن حقهم في الحياة، على حد قولها.
وقال خالد داود الناطق باسم حزب الدستور، إنه في حالة عدم تنفيذ مطلب إقالة وزير الداخلية وهيكلة وزارة الداخلية، فلن يستطيعوا استكمال الحياة السياسية.
وطالب الحزب العربي للعدل والمساواة بأن "يخرج عبد الفتاح السيسي ليلقي كلمة للشعب المصري يعرب فيها عن أسفه لما جرى في الذكرى الرابعة للثورة".
وتحت عنوان: "دم شيماء في رقبة السيسي"، قال الكاتب "محمد عصمت"، بجريدة الشروق": "مقتل شيماء يفتح ملفات ساخنة حول ضرورة هيكلة الداخلية، وبناء نظام سياسي ديمقراطي، واحترام دولة القانون، وبهذه المعاني فإن دماء شيماء ستكون في رقبة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وأشار عصمت إلى أن "القبض على قاتل شيماء، ومحاكمته محاكمة عادلة، هو الاختبار الحقيقي لدولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، التى يعدنا السيسي ببنائها لصالح ملايين المصريين"، وفق قوله.
أحزاب 30 يونيو تصر وتقاطع
من جهتها، جددت أحزاب 30 يونيو تهديداتها بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، المقرر فتح باب الترشح لها في آذار/ مارس المقبل، ما لم يتم تنفيذ مطالبها، وبالأخص إقالة وزير الداخلية، مشددة على مطلبها بإلغاء قانون التظاهر، أو تعديله.
فقد أعلن القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي، مدحت الزاهد، مطالب التيار الديمقراطي (الذي يضم 8 أحزاب) بإقالة وزير الداخلية، وإعادة هيكلة الوزارة، وتعديل قانون التظاهر، والإفراج عن سجناء الرأي، وإعادة تعديل قانون الانتخابات، على حد قوله.
ووضعت حركة "الاشتراكيون الثوريون" أربعة مطالب اعتبرتها أساسية لاستعادة مسار العملية السياسية، وهي: إقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة الشرطة، والإفراج عن كل سجناء الرأي وتعديل قانون التظاهر، والتحقيق العاجل والشفاف في مقتل شيماء الصباغ، ومراجعة قانون الانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر.
وذكرت الحركة -في بيان لها الثلاثاء- أن المطالب الأربعة، تمثل الحد الأدنى الذي يجب أن يلتف حوله كل المؤمنين بثورة
25 يناير لمنع أي محاولات للمساومة أو الالتفاف عليها من قبل المنبطحين الذين قد يلهثون وراء فتات النظام وصفقاته، وفقا للحركة.
ودعت القوى الثورية للاصطفاف من أجل تحويل تلك المطالب لمعارك على الأرض "في الأحياء الشعبية ومواقع العمل والجامعات"، لفضح كل ما يخالف أهداف الثورة، وفق البيان.
ومن جهتها، قالت الناشطة السياسية جميلة إسماعيل: "لا سياسة ولا انتخابات بإشراف طرف أحد خياراته القتل بدم بارد، ويضع الحق في الحياة مقابل العمل العام".
"النور" يرفض الإقالة والمقاطعة
في سياق معارض للسياق السياسي السابق، اعتبر مساعد رئيس حزب
النور السلفي، شعبان عبد العليم، مطالبات الأحزاب السياسية، كالتيار الديمقراطي وغيره، بمقاطعة الانتخابات، في حالة عدم تنفيذ مطالبهم، بإقالة وزير الداخلية وتعديل قانون التظاهر والإفراج عن المسجونين.. بأنها "لا تسمن، ولا تغني من جوع".
وأضاف عبد العليم، في تصريحات صحفية، أن مقاطعة الانتخابات ليست حلا، مطالبا الأحزاب بتعديل قانون التظاهر داخل مجلس النواب، وفق قوله.
وكانت وزارة الداخلية نفت التورط في مقتل القيادية اليسارية، وأعلنت تشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الحادث، فيما أمر النائب العام بفتح تحقيق عاجل، واستدعاء أفراد الشرطة المشاركين في فض المظاهرة التي أسفرت عن مقتل الناشطة.
وكان السيسي عقد لقاءين مطولين مع قادة الأحزاب السياسية، على مدى يومين منتصف الشهر الجاري، اعتذر لهم فيهما عن تأخره في لقائهم، مؤكدا أنه يتطلع لتوحد القوى المدنية في قائمة واحدة يخوضون بها الانتخابات، وهو ما التقطه رئيس حزب
الوفد السيد البدوي، فدعا إلى اجتماع عاجل لتشكيلها، بالتعاون مع 8 أحزاب أخرى، غالبيتها أحزاب يسارية، بينما عارضها عدد من الأحزاب، أبرزها حزبا "المصريون الأحرار"، و"النور".